تحمّس أخيراً عدد من صناع الدراما التلفزيونية لتقديم مسلسلات مأخوذة من ملف جهاز الاستخبارات العامة المصرية، وجاءت هذه الحماسة لاعتبارات عدة، منها محاولة ظهور بعض المنتجين وهم يرتدون ثياب «الوطنية»، وملبين نداءات غير مباشرة لإبراز بطولات وملاحم عسكرية من قصص وحكايات حقيقية لأشخاص ضحوا بأرواحهم فداءً لمصر، ومساعدتها في تخطي الظروف العصيبة التي مرت عليها، على اعتبار أن تلك النوعية من الأعمال ترضي مسؤولي الدولة وتشفي غليل جمهور عربي عريض، يرغب في مشاهدة انكسارات وضربات موجعة وُجهت إلى العدو الصهيوني المحتل، وإصابته في مقتل. وبين الناحيتين، لم تخل النيات من ضمان دعم كبير في ما يتعلق بتوفير أماكن ومعدات وأجهزة وتصاريح تصوير وسفر وتنقل وغيرها، لتنفيذ هذه الأعمال وسهولة تسويقها إلى فضائيات ترتبط بعلاقات وطيدة مع أجهزة الدولة، إلى جانب تطبيق نظرية «اللعب على المضمون» استناداً إلى ما حققه بعض تلك القصص من نجاح لافت، حين حوّل إلى مسلسلات تلفزيونية وأفلام سينمائية، ومتناسين أن البعض الآخر منها لم يحقق النجاح المأمول. ويأتي في مقدمة الأعمال التي تجري الاستعدادات لتدشينها لتعرض في رمضان المقبل أو على مدار العام، الجزء الثاني من مسلسل «الزيبق» لكريم عبدالعزيز وشريف منير وريهام عبدالغفور وسيناريو وحوار وليد يوسف وإخراج وائل عبدالله. ويتناول قصة شاب يعمل فني كاميرات، قبل أن يجنده ضباط في الاستخبارات للعمل معهم لتنفيذ إحدى العمليات لصالح الوطن. وتدور أحداث المسلسل في الفترة من 1998 إلى 2003. وعلى رغم أن الجزء الأول الذي عرض في رمضان الماضي تعرض لانتقادات شديدة، بخاصة لناحية المط فيه وإسهابه في تفاصيل وعلاقات طويلة، لتأخذ الدراما فيه حيزاً كبيراً على حساب الأحداث الاستخباراتية، فإن أصحاب العمل يراهنون على جزئه الجديد، وهو ما عبّر عنه شريف منير بقوله: «تفاصيل «الزيبق» ملخصها لدى خمسة أطراف فقط، هم الاستخبارات العامة المصرية والمخرج والمؤلف وكريم عبدالعزيز وأنا، وكان من رابع المستحيلات تقديمها في جزء واحد، لكثرة الأحداث وسخونتها، ونحن ناقشنا كل شيء ووجدنا أنه لا بد من تقديم العمل على جزأين». وأكد سخونة الأحداث وتسارعها في الجزء الثاني. ويصور حالياً مسلسل «خيانة عظمى» لوليد فواز ومي سليم وأحمد صفوت وهالة فاخر ومحمد حاتم وأحمد صيام ونجلاء بدر وعائشة بن أحمد واخراج أحمد حسن. ويدور حول مفهوم الجاسوسية في الألفية الجديدة وكيف تغير شكل الجاسوس في عصرنا، بعد انتشار الإنترنت والسوشال ميديا وما أحدثه التطور الجديد في التكنولوجيا. ويستكمل المخرج ياسر زايد تصوير بقية مشاهد مسلسل «الضاهر» لمحمد فؤاد ورغدة ومادلين طبر وحسن يوسف، ويتناول قصة ضابط جيش يعيش في منطقة الضاهر، يتعرض لكثير من المواقف الصعبة، ومنها وقوعه في غرام فتاة عربية حضرت إلى القاهرة للحصول على الدكتوراه، ويكتشف أنها يهودية وستستدرجه إلى الجاسوسية. وتُجرَى الاستعدادات لتصوير مسلسل مأخوذ عن رواية لصالح مرسي وبطولة زينة وآسر ياسين وإخراج خالد مرعي، ويتناول قصة الطالبة هبة سليم (توفيت سنة 1974) التي تتحول أثناء دراستها بالعاصمة الفرنسية إلى جاسوسة لصالح الموساد الإسرائيلي، وتنجح في تجنيد مهندس صاعقة برتبة مقدم، والذي شغل منصب مدير مكتب قائد سلاح الصاعقة وقتها، قبل أن يلقى القبض عليها ويتم إعادتها إلى مصر. وكانت القصة ذاتها قُدّمت عام 1978 في فيلم «الصعود إلى الهاوية» لمديحة كامل ومحمود ياسين وجميل راتب وإبراهيم خان وإخراج كمال الشيخ. ويسعى المخرج عبدالحي المطراوي إلى إحياء مشروع مسلسل «فتاة من الشرق» من تأليف أحمد علي أحمد، ورشح لبطولته فنانين مصريين وعرب، منهم نور وورد الخال وعبير عيسى وأحمد ماهر وشيرين ولطفي لبيب، ويتناول قصة أمينة داوود المفتي التي ولدت عام 1939 وعاشت في الأردن حتى أكملت دراستها الثانوية، ثم سافرت إلى فيينا لاستكمال دراستها الجامعية، وحصلت على بكالوريوس في علم النفس الطبي، وتعرفت على طيار عسكري برتبة نقيب، يهودي مقيم في النمسا، وتزوجته وهاجرت معه إلى إسرائيل عام 1972، وهناك تقلد زوجها رتبة رائد طيار في سلاح الجو الإسرائيلي، وفي كانون الثاني (يناير) 1973 أسقطت المدفعية السورية طائرته، وبعد فقده بدأت مشوار جاسوسيتها باعتقادٍ منها أنها تنتقم لفقدانه على أيدي السوريين والفلسطينيين، ووصلت بدهائها إلى مكتب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وتمكنت المخابرات المصرية من كشفها وإلقاء القبض عليها. وكانت الدراما المصرية قدمت عدداً من مسلسلات الجاسوسية التي نجحت في صورة كبيرة، ومنها «داليا المصرية» لصلاح ذوالفقار ومديحة سالم وحسن يوسف وإخراج رفعت قلدس، و«رأفت الهجان» لمحمود عبدالعزيز ويسرا وإيمان الطوخي ويوسف شعبان ونبيل الحلفاوي وإخراج يحيى العلمي، وقُدّم في ثلاثة أجزاء، و «دموع في عيون وقحة» لعادل أمام ومعالي زايد ومحمود الجندي وإخراج العلمي أيضاً، و «العميل 1001» لمصطفى شعبان ونور ونيللي كريم وإخراج شيرين عادل، و «حرب الجواسيس» لمنة شلبي وهشام سليم وباسم ياخور ورانيا يوسف وإخراج نادر جلال. وفي المقابل، قدمت مسلسلات لم تلق النجاح المأمول، ومنها «السقوط في بئر سبع» لسعيد صالح وإسعاد يونس، و«الحفار» لحسين فهمي ولبلبة وهالة صدقي، و«الثعلب» لنور الشريف وإيمان وعبدالله غيث وصلاح ذوالفقار، و«العنكبوت» لأحمد عبدالعزيز ومحمد رياض ونيرمين الفقي وياسر جلال، و«وادي فيران» لحمدي أحمد وحنان ترك وجمال عبدالناصر وعبدالله محمود.