هم يعيشون القلق ويخافون من المستقبل. لم لا وقد وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها ضمن قائمة العاطلين عن العمل. الواقع في نظرهم أصبح معادلة عصية على الفهم، وبالتالي فهي مستحيلة الحل، إلا في حال كان هناك تدخل رسمي يعيد إليهم حقوقهم ويعيدهم إلى وظائفهم التي فصلوا منها تعسفياً بحسب قولهم. ووجد 15 معلماً كانوا يعملون في مدرسة أهلية، أنفسهم من دون عمل بعد الاستغناء عنهم، لأسباب مختلفة. ويطالب المعلمون العاطلون بتشكيل لجنة من وزارة التربية والتعليم لمعرفة سبب فصلهم وإنهاء خدماتهم، مؤكدين على ضرورة أن تشرف وزارة التربية والتعليم قانونياً على عقود المعلمين مع المدارس الأهلية، بدلاً من وزارة العمل، خصوصاً أن وزارة التربية والتعليم تمتلك خلفية كاملة عن كل مدرسة بما في ذلك إصدار الرخصة وعدد الطلاب وما إلى ذلك من معلومات مهمة. بداية تحدث المعلم فايز الشهري وهو مدرس ثانوية ل «الحياة»: «خصمت علي إدارة المدرسة التي كنت أعمل فيها خمسة أيام من راتبي الشهري، نتيجة تأخري عن الحصة ربع ساعة، كما أن هناك معلماً آخر خصم عليه خمسة أيام نتيجة عدم توقيعه في دفتر الحضور»، موضحاً بأن العقوبة تجاوزت إلى ما هو أبعد من ذلك، «منعنا من كتابة الأسئلة للاختبارات النهائية داخل الأقسام الخاصة بنا». ويلفت إلى أن البند ال23 من العقد من المادة 80 في نظام العمل ينص على «يفصل المعلم من العمل من دون مكافأة نهاية خدمة أو تعويض إذا تجاوز الغياب من دون سبب مشروع أكثر من 20 يوماً في السنة الواحدة أو أكثر من 10 أيام متتالية»، مشيراً إلى أنه لم يغب عن الدوام الرسمي سوى ثلاثة أيام متفرقة، «سجلت لي في الملاحظات أن مدة التأخير الإجمالي 45 دقيقة وعددها ثلاثة وإجمالي مرات الاستئذان 11 مرة». ويؤكد فايز بأن ال15 معلماً المفصولين قدمت لهم خطابات تنص على: «نظراً إلى مقتضيات مصلحة العمل، وتماشياً مع اللوائح المنظمة فإن ارتباطكم بالمدارس ينتهي في 30-06-2009»، لافتاً إلى أن اللوائح والعقود تخالف التصرف الذي أقدمت عليه إدارة المدرسة، خصوصاً أن المعلمين لم يكونوا يعترضون على الخصم من الرواتب إذا كانت قانونية. ويستطرد: «تحملنا كثيراً ضغوطات العمل وعانينا كثيراً في التعامل مع المدارس الأهلية، ولكن بلا فائدة»، مضيفاً: «كان الهدف من الانتساب إلى التعليم الخاص هو الحصول على شهادة خبرة لمدة ثلاث سنوات من أجل الالتحاق بوظائف وزارة التربية والتعليم التي تلزمنا بذلك». ولا يخفي فايز قلقه وزملاؤه من استمرار الأوضاع المالية السيئة التي يعيشون تحت وطأتها، «تكاليف الحياة مرهقة وارتفاع الأسعار أجبرنا كثيراً على تقديم تنازلات لإدارة المدرسة التي تمارس مثل غيرها جميع أنواع الضغوط على المدرس». ويعتبر معلم آخر (تتحفظ «الحياة» باسمه) أن بعض المدارس الأهلية لا تسهم إيجاباً في الحركة التعليمية، «لاحظت أنهم لا يهتمون كثيراً بشرح المعلم وتميزه وإجادته وطريقة تواصله مع الطلاب»، مستدلاً على ذلك بالمدرسة التي كان يعمل فيها، «يحرصون كثيراً على ارتداء المعلم الزي الرسمي، المتمثل في «الباجة والحذاء»، والمتخلف عن هذا الزي يخصم منه نصف الراتب الشهري». ويضيف: «لا أخفيكم أننا ندرس الطالب بعيداً عن التخصص الذي نحمله، فمدرس الكيمياء يدرس مادة الجغرافيا، إضافة إلى ما نواجهه من إهانة للمعلم أمام الطلاب، والمصيبة أن تقويم المعلم يتم من إدارة المدرسة وليس من الموجهين، فكيف يؤدي المعلم رسالته أمام كل هذه العوامل السلبية؟». أما سعد القحطاني وهو معلم مرحلة متوسطة، فيؤكد أن إدارة المدرسة لم تبلغهم بإشعار قبل الفصل كما ذكر في البند 22 من العقد، الذي ينص على أن «لأي من طرفي العقد حق إنهائه قبل موعده بسبب مشروع بإعطاء الطرف الآخر خطاب إشعار قبل الإنهاء ب30 يوماً على الأقل»، مستدركاً أن هذه القاعدة عامة إلا إذا كان المعلم مستجداً، «ونحن لنا الآن سنة نعمل داخل المدرسة». وحول فترة التجربة، أوضح أحد المعلمين المفصولين بأن وزارة العمل نصت على أنها 90 يوماً، إلا أن المدارس لا تعمل بهذا الأمر وتصر على تجربة المعلم لفترة ستة أشهر، مستغرباً سكوت الجهات ذات العلاقة على هذه المخالفة وغيرها من المخالفات التي لا تكاد تعد وتحصى، بحسب قوله. وفي نهاية حديثهم طالب المعلمون وزارة التربية والتعليم بالتدخل لإنهاء معاناتهم، مؤكدين أن البحث عن الخبرة هو ما جعلهم يصبرون على ضغوط المدارس الأهلية. كما شددوا على ضرورة أن تكون وزارة التربية والتعليم هي المرجعية القانونية والإدارية والمنظم الوحيد لعلاقتهم مع المدارس، خصوصاً أن ملحق العقود رقم أربعة وهو النظام الذي تقوم عليه المدارس في تنظيم العلاقة مع موظفيها وموظفاتها مرتبط بنظام العمل وليس بأنظمة الخدمة المدنية أو وزارة التربية والتعليم.