استنكرت عضوة في مجلس الشورى اعتبار الشاب في عمر ال18 عاماً ناضجاً عقلياً لقيادة السيارة، ونفي هذه الصفة عن المرأة، التي تبلغ العمر ذاته، معتبرة ذلك غير منطقي. فيما لفتت إلى أن بعض السيدات في ال20، وفوق ال30 عاماً يقود سيارتهن شقيقهن الصغير، الذي لم ينه المرحلة الابتدائية بعد، متسائلة «كيف للمجتمع أن يقر بنضج الفتاة وقدرتها على الزواج والإنجاب، وهي بعمر ال16، فيما لا يعترف بقدرتها على قيادة السيارة عند بلوغها ال18 عاما»؟ مشيرة إلى أن قرار السماح للمرأة بالقيادة ساوى بين الرجل والمرأة في ذلك، وأن الأسرة هي من تقرر وتحدد من يقود السيارة، وخصوصاً في هذه المرحلة الانتقالية. وأكدت عضوة «الشورى» الدكتورة منى آل مشيط، في ندوة عقدت أمس، بعنوان «قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة» أنه تم الاتفاق مع عدد من الجامعات السعودية على تدريب النساء على القيادة، لأعضاء هيئة التدريس، والطالبات، حفاظاً على خصوصية المرأة، مبينة أنه سيكون هناك كادر نسائي كامل يدرب على أنظمة المرور، واستقبال الشكاوى، ويباشر أي طلب مساعدة من السيدات اللاتي يقدن سياراتهن، في حين تم تحديث الاستراتيجية في المرور من الأنظمة واللوائح والخدمات المقدمة والتكنولوجيا، وتكثيف أجهزة الرقابة بهدف توفير قيادة آمنة. وأشارت في الندوة، التي أقامتها جامعة الإمام محمد بن سعود، ممثلة بمركز الملك عبدالله للدراسات الإسلامية المعاصرة وحوار الحضارات، إلى أن قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة له آثار اقتصادية إيجابية على الأسرة السعودية، ورفع مدخراتها، وتمكين المرأة، وزيادة استثماراتها من خلال توليها مناصب عليا، كاشفة أن القرار يوفر لاقتصاد الدولة أكثر من 25 بليون ريال، وهي مصاريف ورواتب السائقين، مشيرة إلى أن هذا التوفير يتم بالتدريج. وبينت أنه في حال تخلت العائلات عن السائقين سيعود الدخل الإضافي للاقتصاد السعودي على شكل ارتفاع قدرة شرائية لدى العائلات على المنتجات الاستهلاكية بحسب حاجة كل أسرة. وأضافت: «كذلك من إيجابيات القرار أنه سيزيد نمو الطلب على السيارات، ما يزيد جدوى نشوء صناعة سيارات محلية، وبالتالي دعم الخدمات المرتبطة بالمركبات، فضلاً عن مشاركة أوسع في سوق العمل، واستحداث مواقع في مجال عمل المرأة»، لافتة إلى أبعاد القرار الإيجابية الأخرى على مستوى الدولة، والتي تتمثل بتقليص التحويلات الخارجية. من جانبها، اعتبرت مستشارة مديرة جامعة الأميرة نورة الدكتورة هيا المنيع أن يوم 26 أيلول (سبتمبر) هو يوم المرأة السعودية، التي حصلت فيه على أكثر من مكسب، من أهمها مكسب قيادتها السيارة، ودخول مجلس الشورى، مشيرة إلى أن قوة قرار الأمر السامي تكمن في نقطتين، هما السماح للمرأة بالقيادة، باعتباره حق مباح وغير محرم من الناحية الشرعية، فيما تشير النقطة الثانية إلى تأسيس قاعدة نظامية تحقق العدالة الحقوقية للمرأة في حصولها على الخدمات المقدمة من المؤسسات الحكومية من دون تمييز. وأضافت: «للقرار مكاسب اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية، وأبرزها سياسياً، ما يتجلى في وضع حد للحملات المغرضة، التي تستهدف النيل من سمعة المملكة، في حين تشمل المكاسب الاجتماعية دعم وتعزيز الأمان الأسري، والحد من جريمة التحرش بالأطفال والنساء»، مؤكدة أن نظام التحرش سيطبق قريباً، وكذلك تغيير الصورة النمطية السلبية عن المرأة السعودية، وسهولة حركة تنقل المرأة، وتخلص الأسرة السعودية المسلمة من وجود رجل غريب في المنزل. وأكدت المنيع أن أي قرار يصدر من ولاة الأمر يتم متابعته بدقه، لافتة إلى أنه لم تصدر أية كلمة إلا ونراها على أرض الواقع، مضيفة: «أنا واثقة بأن الأيام القادمة ستحمل أخباراً سارة للمرأة السعودية». وعلى الصعيد ذاته، أكدت الدكتورة هيلة الفايز في محور البعد الثقافي للأمر السامي أنه بعد ستة أشهر من تطبيق القرار على أرض الواقع سيكون المؤيدون له أكثر تأييداً، وأن المتحفظين سيؤيدونه، وأن المكاسب ستنعكس على المرأة السعودية، مشيرة إلى أن انعكاس القرار سيتداخل على الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كافة، وإن كان البعدان الاجتماعي والاقتصادي وجهين لعملة واحدة. واعتبرت أن القضية مكررة ومشابهة لقضية التعليم في السابق فمعارضة المجتمع إما أن تستند على مرتكز فكري، أو مرتكز ديني، فمن يوافق يرتكز إلى الأمرين، ثم يأتي المرتكز الشرعي ليفصل الموضوع، وينهي أي حديث بعد ذلك في هذا الأمر، موضحة أن القرار السامي يتضمن رسائل إلى المجتمع، كما أنه يعد مواجهة صريحة وواضحة تمتاز بالشفافية من أعلى مستوى، والدولة هي التي تحرس القيم، وهو ما أنهى الجدل في القضية بصفة شرعية، ويلتزم السمع والطاعة، وهما جزءان من البيعة المعقودة لولي الأمر، مثنية على القرار باعتباره اتخذ صفة التوطين، وأنه يعد نموذجاً يدرس في الإدارة كونه خاطب المجتمع فكرياً ودينياً، ويحمل في طياته أننا نثق بالمرأة.