تحولت بوصلة محاكمة 332 متورطاً في كارثة سيول محافظة جدة التي حدثت عام 1430 إلى مراحل جديدة من إجراءات التحقيق التي لا تزال جارية، وهي المرحلة الثانية المرتبطة بالتحقيق في هيئة الرقابة لموظفي الدولة، وهيئة التحقيق والادعاء العام للمؤسسات والشركات. وأفاد عدد من المحامين والمستشارين القانونيين في حديثهم إلى «الحياة» أن مرحلة «الاستدلال» التي وردت في تصريح المسؤول في وزارة الداخلية تمثل المرحلة الثانية من مراحل التحقيق بحسب ما ورد في نصوص نظام البلاد، مشيرين إلى أن المرحلة المقبلة وهي الثالثة ستكون إحالة جميع المتهمين إلى المحاكم الشرعية لمحاكمتهم. وقال المحامي عاصم العمري «إن التحقيق يمر بثلاث مراحل، وأن مرحلة الاستدلال هي الثانية لدى المحققين، وتتمثل في جمع معلومات عن المتهمين واستجوابهم». وأضاف أن التحقيقات تجري وفق سلسلة مترابطة وفق نظام الإجراءات الجزائية في المملكة، مشيراً إلى أن طبيعة التهم تختلف من مسؤول إلى آخر، ومن شركة إلى أخرى بحسب ما يرد في التحقيقات. وأوضح المحامي والمستشار القانوني وعضو هيئة التحقيق والادعاء العام الدكتور إبراهيم الأبادي أن إحالة المتهمين في الكارثة من أفراد ومؤسسات جاء لتحديد المسؤولية الجنائية لكل متهم، مشيراً إلى أن ذلك يأتي بعد إحالة المتهمين في وقت سابق لاستكمال قضاياهم من جهة الضبط الجنائي والتحقيق فيها، واستكمال الإجراءات اللازمة في حقهم، استناداً لمواد من نظام الإجراءات الجزائية في السعودية. وقال: «إن المرحلة الأخيرة تتمثل في إحالة ملفات القضايا إلى هيئة الرقابة والتحقيق، وهيئة التحقيق والادعاء العام، إذ تقوم بتدقيق المعلومات ومواجهة المتهمين وصياغة قرارات الاتهام كل بحسب مسؤوليته، ومن ثم إحالة قرارات الاتهام إلى المحكمة المتخصصة كل بحسب تهمته». وأضاف: «إن مرحلة «الاستدلال» تسبق المحاكمة، وتعتبر من مراحل جمع المعلومات قبل إحالتها إلى مرحلة تكييف وتصنيف التهمة، وقبل المطالبة بالعقوبات المحددة في الشرع أو في الأنظمة لتقديمها للمحكمة». من جهته، قال المحامي والمستشار القانوني أحمد جمعان المالكي: «إن إجراءات الاستدلال وفق نظام الإجراءات الجزائية لا تمس حريات المتهمين إلا أنها مهمة وضرورية للتحقيق في التهم، لكون غايتها الرئيسة هي جمع المعلومات عن الجرائم، وأشخاص مرتكبيها، وجمع الأدلة التي تكشف هذه الجرائم». وأضاف المحامي المالكي: «إن إجراءات الاستدلال منوطة بأعضاء الضبط الجنائي، إذ حددتهم المادة 26 من نظام الإجراءات الجزائية، ويأتي على رأسهم أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام، ومديرو الشرط، ومحافظو المحافظات، ورؤساء المراكز، والجهات، واللجان، والأشخاص الذين يكلفون بالتحقيق بحسب ماتقضي به الأنظمة، كلجنة تقصي الحقائق في كارثة سيول جدة». ولفت المحامي المالكي أن سلطة الاستدلال تختلف عن سلطة التحقيق الموكولة إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، إذ إن مرحلة الاستدلال تسبق مرحلة التحقيق، مبيناً أن أبرز إجراءات الاستدلال هو جمع المعلومات الأولية عن الجرائم، وسماع أقوال من لهم علاقة بالجريمة، ورفع الأدلة من مسرح الجريمة، والتصوير الجنائي، وجمع المستندات والأوراق التي قد يكون لها علاقة بالجريمة، والبحث عن أماكن المتهمين، وربطهم بالكفالة الحضورية، مفيداً أن ماجاء في بيان وزارة الداخلية هو تأكيد على ماورد في نظام الإجراءات الجزائية، «إن البيان تحدث عن المسؤولية الجنائية وكذلك الإدارية، ففي الأولى سيحال المتهمون بجرائمهم إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، أما في الثانية فسيحالون إلى هيئة الرقابة والتحقيق».