تفاعلاً مع الأمر الملكي الذي صدر يوم أمس (الإثنين)، تبدأ الجهات المتخصصة في محافظة جدة في إحالة جميع المتهمين في قضية كارثة السيول التي اجتاحت المحافظة في الثامن من شهر ذي الحجة الماضي، إلى هيئة الرقابة والتحقيق وهيئة التحقيق والادعاء العام في منطقة مكةالمكرمة. وتأتي إحالة المتهمين لاستكمال قضاياهم من جهة الضبط الجنائي والتحقيق فيها واستكمال الإجراءات اللازمة في حقهم، استناداً لثلاث مواد من نظام الإجراءات الجزائية في السعودية. وأوضح قانونيون في تعليقهم على الأمر الملكي ل «الحياة» أن هيئة الرقابة والتحقيق وهيئة التحقيق والادعاء العام تؤديان دوريهما في تدقيق المعلومات ومواجهة المتهمين وصياغة قرارات الاتهام كلاًّ بحسب مسؤوليته، ومن ثم إحالة قرارات الاتهام إلى المحكمة المتخصصة كلاًّ بحسب تهمته. وأشاروا إلى أن المرحلة التي تسبق المحاكمة تعتبر من أدق المراحل، إذ تعد مرحلة تكييف وتصنيف التهمة، قبل المطالبة بالعقوبة المحددة في الشرع أو في الأنظمة لتقديمها للمحكمة، بعد ذلك تخطو المحكمة في درس التهمة والعقوبة المطلوبة ثم تكون مرحلة الحكم في ذلك بحسب نظر القضاء. وأضافوا أن هذه الإحالة هي خطوة سابقة لمرحلة المحاكمة، إذ إن غالبية المتهمين في القضية ستحال أوراقهم إلى هيئة الرقابة والتحقيق بحكم أنها الجهة المتخصصة في التحقيق في جرائم الوظيفة العامة، ك (التزوير، والرشوة، واستغلال النفوذ الوظيفي، والمتاجرة بالوظيفة العامة، والاعتداء على المال العام). بداية، أوضح المحامي والمستشار القانوني أحمد جمعان المالكي أن ما ورد في الأمر الملكي (في الفقرة أولاً) يؤكد الحرص على إعطاء التحقيقات في فاجعة سيول جدة صبغة قانونية تتوافق مع ما ورد في نظام الإجراءات الجزائية وذلك بإحالة جميع المتهمين إلى هيئة التحقيق والادعاء العام وهيئة الرقابة والتحقيق كلاً فيما يخصه بغية التحقيق مع المتهمين وتوجيه الاتهام لمن ثبتت إدانته وحفظ الاتهام لمن ثبت عدم ضلوعه. واعتبر ل «الحياة» إحالة المتهمين خطوة تسبق مرحلة المحاكمة، مشيراً إلى أن غالبية المتهمين ستحال أوراقهم إلى هيئة الرقابة والتحقيق بحكم أنها الجهة المتخصصة في التحقيق في جرائم الوظيفة العامة، مثل التزوير، والرشوة، واستغلال النفوذ الوظيفي، والمتاجرة بالوظيفة العامة، والاعتداء على المال العام، ومن ثم ستحال إلى الدوائر الجزائية في المحاكم الإدارية التابعة لديوان المظالم. وأضاف أن التهم الأخرى التي لا تتعلق بالوظيفة العامة سواء في النظر إلى صفة من ارتكبها أو نوع التهمة كالنصب، والاحتيال، والاستيلاء على الأراضي العامة، والأملاك الخاصة، فهذه ستحال إلى هيئة التحقيق والادعاء العام للتحقيق مع المتهمين وإحالتهم إلى المحكمة الجزئية لتعزيرهم، مشدداً على أن إحالة المتهمين إلى الجهات المتخصصة لا تعني ثبوت إدانتهم، فالإدانة لا تثبت إلا بحكم قضائي. من جهته، علق المستشار القانوني خالد حلواني على حيثيات القرار الملكي ل«الحياة» بقوله: «إن إحالة جميع المتهمين في قضية فاجعة سيول جدة إلى هيئة الرقابة والتحقيق وهيئة التحقيق والادعاء العام تعتبر تفعيلاً للمواد النظامية (24,27,28) من نظام الإجراءات الجزائية». وأشار إلى أنها خطوة كبيرة وعظيمة جداً وقفزة هائلة تدل على حرص القيادة على تعميق التحقيقات الجنائية في هذه الفاجعة، ثم صياغة قرارات الاتهام ضد المتورطين في الكارثة تمهيداً لتقديمهم إلى المحاكمة الشرعية. وأضاف حلواني أن المواد المذكورة السابقة تنص على دور رجال الضبط الجنائي في جميع الإدارات التي يتبعون لها، سواء الشرطة، أو المباحث في أقسامها المختلفة، أو ضباط الاستخبارات، أو أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام أو أعضاء هيئة الرقابة والتحقيق التي تنص على أدوارهم في التعامل مع المعلومات والتحقيقات الأولية والأحداث التي جرت في كل واقعة جنائية. وأكد أن الأمر الملكي الكريم بإحالة المتهمين إلى جهات التحقيق بحسب المواد المذكورة يعني أمر الجهات المذكورة بمباشرة التحقيقات لتكييف وصياغة قرارات الاتهام كلاًّ بحسب تهمته ومدى تورطه في كارثة سيول جدة. ولفت إلى أن الجهة المسؤولة نظامياً وفنياً واختصاصياً في صياغة الاتهامات هي هيئة الرقابة والتحقيق وذلك في ما يتعلق بموظفي الدولة وهيئة التحقيق والادعاء العام لغيرهم، وبناء على ذلك فإن هذه المرحلة في ما يتعلق بهذه الفاجعة تعتبر أدق المراحل. وحدد حلواني في حديثه حول الأمر الملكي مهمة رجال الضبط الجنائي المذكورين في التدقيق في جميع المعلومات المتجمعة لديهم التي من المفترض أن تسلم إليهم من قبل لجنة تقصي الحقائق التي تقصت حقيقة فاجعة جدة ودرس الأسباب وجمعها، والأدلة على من ثبتت مسؤوليته في هذه الفاجعة وتسليم كامل الملف إلى الجهتين المذكورتين لتؤديان دوريهما في تدقيق هذه المعلومات ومواجهة المتهمين وصياغة قرارات الاتهام كلاًّ بحسب مسؤوليته. وتابع: «تتم إحالة قرارات الاتهام إلى المحكمة المتخصصة كلاًّ بحسب تهمته ليكون الاختصاص القضائي فيها نهائياً، وهذه المرحلة التي تكون قبل المحاكمة هي أدق المراحل، إذ إنها مرحلة تكييف وتصنيف التهمة ثم المطالبة بالعقوبة المحددة في الشرع أو في الأنظمة لتقديمها للمحكمة، ثم بعد ذلك تدرس المحكمة التهمة والعقوبة المطلوبة، بيد أن مرحلة الحكم في ذلك تكون بحسب نظر القضاء».