اعتبرت الرئيسة الكرواتية كوليندا غرابار كيتاروفيتش أن بلادها «ضُربت بعمق في قلبها» بعد انتحار القائد العسكري السابق لكروات البوسنة سلوبودان برالياك في قاعة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بعد تثبيت إدانته بجرائم حرب. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن المدعية العامة الهولندية مارلين فيكنشر قولها إن اختبارات أولية تفيد بأن قارورة شرب منها برالياك قبل وقت وجيز من وفاته، تحوي «مادة كيماوية يمكن أن تسبّب الموت». وكان برالياك (72 سنة) قال إنه شرب سماً من القارورة، بعد لحظات على إعلان قضاة المحكمة تثبيت حكم بسجنه 20 سنة، وتوفي في مستشفى. وقال مدعون إن تحقيقاتهم ستركّز على احتمال تلقيه مساعدة خارجية في الحصول على هذه المادة. وذكر مكتب الادعاء العام أن «التحقيق سيركّز على الانتحار بمساعدة، وانتهاك قانون الأدوية». وأحدث ذلك صدمة في كرواتيا، وسبّب إحراجاً بالغاً للمحكمة التي تطوي الشهر المقبل ملف قادة عسكريين وسياسيين لكروات البوسنة، بعد أكثر من عقدين على تشكيلها خلال حرب البوسنة (1992-1995). وهناك أسئلة عن كيفية تمكّن برالياك من تجاوز الإجراءات الأمنية المشددة لتهريب القارورة داخل المحكمة، وكيف حصل عليها في مركز الاعتقال التابع للأمم المتحدة في لاهاي، حيث كان محتجزاً. وكانت جلسة الاستئناف في المحكمة تدرس ملفات ستة من القادة السياسيين والعسكريين السابقين لكروات البوسنة، ودانتهم. وأشار مدعي المحكمة إلى ملاحقة آخرين، علماً أنها كانت أكدت، بعد وفاة الرئيس الكرواتي السابق فرانجو تودجمان عام 1999، انها كانت ستوجه إليه اتهامات بجرائم حرب، لو بقي حياً. وبعد إعلان القضاة قرارهم النهائي في الملف، هتف برالياك «برالياك ليس مجرماً، أرفض حكمكم». ووقف ثم رفع قارورة بنية صغيرة إلى شفتيه وشرب محتواها. وجُمدت الجلسة بعد إبلاغ المحامي القضاة أن موكله «يقول إنه تناول سماً»، فيما قال ناطق باسم المحكمة إن برالياك «شعر بإعياء بسرعة» وتوفي في مستشفى. واعتبرت كيتاروفيتش أن كرواتيا «ضُربت بعمق في قلبها» نتيجة وفاة برالياك، لافتة إلى أنه «يفضّل إنهاء حياته على العيش مداناً في ممارسات يعتقد راسخاً بأنه لم يرتكبها». ونددت بحكم المحكمة، والذي ربط قيادة كرواتيا خلال الحرب بخطة لتأسيس دويلة كرواتية في البوسنة، مضيفة أن كرواتيا والبوسنة كانتا ضحيتين ل «عدوان» من صربيا. وكرّر رئيس الوزراء الكرواتي أندري بلنكوفيتش وصف إدانة القادة الستة ب «ظلم»، مشيراً إلى أن المحكمة «تقاضي أفراداً ولا تتطرق إلى مسؤولية دولة». ووقف النواب الكرواتيون دقيقة صمت «تكريماً لجميع المدنيين الذين قُتلوا والمقاتلين الكرواتيين القتلى أو المفقودين، وكذلك جميع ضحايا الحروب في كرواتيا والبوسنة». وقال رئيس البرلمان غوردان ياندروكوفيتش مفتتحاً الجلسة: «جميع الضحايا يجب أن يبقوا في ضميرنا الجماعي إلى الأبد، ويجب أن يكون موت الجنرال برالياك الحلقة الأخيرة في هذه الأحداث الحربية المأسوية». وقال إيفيكا غافريتش الذي كان عضواً في قوات كروات البوسنة خلال الحرب إن «برالياك كان أسطورة بالنسبة إلينا»، وزاد: «سيعيش إلى الأبد في قلوبنا». لكن الاتحاد الأوروبي دعا قادة البلقان إلى احترام قرارات المحكمة، والعمل بتحقيق مصالحة وعلاقات طيبة. ووَرَدَ في بيان أصدرته البعثة الأوروبية في البوسنة: «تحقيق العدالة ومكافحة الإفلات من العقاب هي مبادئ أساسية».