يصر معسكر اليمين الإسرائيلي الذي يشكل غالبية مطلقة في الكنيست الحالي على سن المزيد من القوانين العنصرية مستغلاً أجواء داعمة في الشارع الإسرائيلي، غير آبه بالتحذيرات التي أطلقها الأسبوع الماضي المستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت من مغبة تشريع قوانين «غير دستورية» تبغي المساس بسلطة القانون وبأهم المبادئ الديموقراطية. وغداة إقرار «قانون التوصيات» بالقراءة الأولى الذي ينص على منع الشرطة من أن تنشر على الملأ توصياتها للمدعي العام، وأن يتم تطبيق القانون بأثر رجعي في التحقيق الجنائي الحالي مع رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو في ملفيْ شبهات «فساد مالي وخيانة الأمانة»، بحثت اللجنة البرلمانية المكلفة وضع «قانون القومية» أمس في البند القاضي بإجازة إقامة بلدات جماهيرية لليهود فقط، على رغم أن طاقم الاستشارة القضائية في الكنيست أوضح أن هذا البند يمس مبدأ المساواة المنصوص عليه في القوانين الأساسية و «وثيقة الاستقلال». وكتب الطاقم لأعضاء اللجنة: «لا يوجد مثيل لهذا البند في أي دستور في العالم. وعليه ينبغي طرح السؤال ما التبرير لإدخال مثل هذا البند في قانون أساس يعنى بمبادئ أساسية». والغرض الواضح من القانون الجديد منع احتمال دخول عربي للسكن في بلدة يهودية، مثلما حصل قبل 21 عاماً حين توجه مواطن عربي إلى المحكمة العليا ضد بلدة يهودية رفضت أن يسكن وزوجته فيها. وقبلت المحكمة بالتماسه وأرغمت البلدة على قبوله. وتساءلت صحيفة «هآرتس» الليبرالية في افتتاحيتها أمس عما كانت ستفعله إسرائيل لو تم سن قانون مماثل في دولة أخرى. ووصفت البند بأنه «يصون تراث العنصرية». ووافقت الكنيست الإسرائيلية مساء الإثنين، في قراءة أولى، على مشروع «قانون التوصيات» اعتبره منتقدو نتانياهو محاولةً لإبعاده عن قضية التحقيقات معه على خلفية اتهامات موجهة اليه بالفساد. وتم تقديم مشروع القانون إلى لجنة تحضيريّة في الكنيست، على أن يخضع أيضاً لقراءة ثانية وثالثة. واستنادًا إلى موقع البرلمان الإسرائيلي، فقد «تم إدخال تعديلَين» على مشروع القرار هذا. ويسمح التعديل الأول للمدعي العام بأن يطلب من الشرطة تقديم معلومات عن التحقيقات الجارية مع رئيس الوزراء، فيما ينص التعديل الثاني «على السجن مدة سنة بحق المحققين الذين يسرّبون استنتاجاتهم» حول نتانياهو إلى مصادر خارجية. ومنذ أن بدأت الشرطة استجواب نتانياهو في كانون الثاني (يناير)، تحدّثت وسائل اعلام اسرائيلية بانتظام عن معلومات سرّبها محققون. وندّدت عضو حزب «ميرتس» المعارض، تامار زاندبرغ، خلال اجتماع اللجنة البرلمانية الإثنين «بمشروع قانون فاسد لحماية رئيس وزراء فاسد». وتشتبه الشرطة بأن نتانياهو تلقّى هدايا فاخرة من مناصرين أثرياء بينهم رجل اعمال والمنتج الهوليوودي ارنون ميلخان، إضافة الى الاشتباه بسعي نتانياهو الى عقد اتفاق سرّي مع ناشر صحيفة «يديعوت أحرونوت» يحصل نتانياهو بموجبه على تغطية ايجابية في الصحيفة مقابل سعيه الى كبح منافستها المجانية «اسرائيل اليوم» القريبة منه، فضلاً عن استجواب الشرطة محاميين من اقرباء رئيس الوزراء هما يتسحاق مولخو وديفيد شيرمان في اطار التحقيق حول الاشتباه بفساد في صفقة شراء اسرائيل غواصات لألمانية. على صعيد آخر، يعتزم أعضاء في الائتلاف الحكومي سن قانون جديد يقضي بمضاعفة رسوم التوجه إلى «محكمة العدل العليا» ثلاث مرات لمواطنين ليسوا من إسرائيل، أي الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 1967 الذين يتوجهون بين الحين والآخر إلى المحكمة الإسرائيلية ملتمسين ضد سلطات الاحتلال على ممارساتها(مضاعفة المبلغ من 500 دولار إلى 1500 دولار). وأقرّ النائب من «ليكود» يوآف كيش أن الغرض من التعديل هو وضع حد لإغراق المحكمة من جانب منظمات حقوق إنسان بالتماسات باسم الفلسطينيين ضد هدم البيوت، «وعليه فإن الغرض من هذا التعديل هو وقف هذا الزحف من الالتماسات».