فتح مقاتلو المعارضة السورية جبهة جديدة ضد النظام في جنوب البلاد، معلنين إطلاق معركة «فزعة حوران»، فيما سقط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح بقصف المعارضة تجمعاً انتخابياً مؤيداً للرئيس بشار الأسد في حي يسيطر عليه النظام في درعا. أما في حلب، كبرى مدن الشمال السوري، فسعت القوات الحكومية الى توسيع سيطرتها حول سجن حلب المركزي الذي فك النظام الحصار المفروض عليه منذ شهور، في وقت بث ناشطون مشاهد مصورة تُظهر قصف النظام بغاز الكلور منطقة بوسط سورية غداة الفيتو الذي مارسته روسيا والصين على مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى إحالة سورية على محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في تقرير من محافظة درعا: «استشهد 11 مدنياً بينهم طفل على الأقل وقتل 10 آخرون بينهم ستة من عناصر اللجان الشعبية والأربعة الآخرون لا يعرف حتى اللحظة إذا ما كانوا من المدنيين أو المسلحين الموالين للنظام وذلك اثر استهداف كتيبة إسلامية ليلة (أول من) أمس، بقذيفة هاون، خيمة انتخابية في حي المطار بمدينة درعا، ضمن الحملة الانتخابية المؤيدة لرئيس النظام السوري بشار الأسد». وأضاف أن «عدد الخسائر البشرية مرشح للارتفاع بسبب وجود نحو 30 جريحاً بحالات خطرة». وأفادت معلومات لاحقة إلى أن عدد القتلى ارتفع فعلاً إلى 21. أما وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) فكتبت، من جهتها، ان «المجموعات الإرهابية المسلحة استهدفت مواطنين مدنيين في خيمة وطنية في مدينة درعا، ما ادى الى استشهاد عدد من المواطنين وإصابة آخرين». وقال مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن لوكالة «فرانس برس» إن الهجوم «رسالة واضحة من المقاتلين للنظام إنه لا يوجد منطقة آمنة تستطيع أن تنظم فيها انتخابات»، مشيراً إلى أن «المقاتلين هددوا باستهداف التجمعات المؤيدة في مناطق عدة». وأضاف «هذه رسالة واضحة ان تنظيم انتخابات في ظل ما يجري في سورية هو نوع من انواع الجنون وتزوير الحقائق». وعلى صعيد الوضع الميداني في درعا، ذكر «المرصد» أن «الطيران المروحي ألقى براميل متفجرة على مناطق في مدينتَي نوى وإنخل ... كما استشهد رجل من بلدة علما جراء قصف قوات النظام على مناطق في مدينة درعا، وقصفت قوات النظام مناطق في بلدة صيدا دون انباء عن إصابات، فيما تستمر الاشتباكات العنيفة في محيط تل أم حوران بريف درعا الغربي بين قوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني من جهة ومقاتلي الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة من جهة أخرى ومعلومات عن سيطرة الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة على حاجز قوات النظام غربي تل أم حوران وخسائر بشرية في صفوف قوات النظام». وأشار «المرصد» أيضاً إلى إعلان «لواء المهاجرين والأنصار بالاشتراك مع ألوية عدة وكتائب إسلامية وألوية وكتائب مقاتلة اليوم (أمس) بدء معركة «فزعة حوران» لتحرير تل أم حوران وكتيبة الدبابات (الحجاجية) وحاجز المضخة»، لافتاً إلى أن مقاتلي لواء إسلامي استهدفوا بقذائف المدفعية «تمركزات لقوات النظام في محيط تل أم حوران». ونقل «المرصد» من محافظة درعا «أن الطيران المروحي ألقى منشورات يطالب فيها المقاتلين بتسليم أسلحتهم خلال 10 ساعات». وجاء في المنشور: «ماذا حققتم من تدمير وتخريب التحصينات التي بناها الشعب والجيش لمواجهة الكيان الصهيوني وصد عدوانه عن أرضنا وشعبنا.. لا شيء سوى خدمة العدو وستدفعون الثمن غالياً إذا بقيتم على ضلالكم.. إن قرار القضاء على الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار إلى الوطن لا رجعة فيه ولا تهاون.. والضربات القادمة ستكون أشد وأقسى وأكثر قوة .. وإن لدينا من القوة ما يكفي لسحق الإرهاب ومحوه عن وجه الأرض.. ندعوكم إلى ترك السلاح والعودة إلى حضن الوطن .. لايزال لدى الشعب السوري القدرة على التسامح واستيعاب من تاه عن جادة الصواب.. نداء الفرصة الأخيرة: لديكم مهلة عشر ساعات لتقرروا .. إما ترك السلاح والعودة إلى حضن الوطن .. وإما الذهاب إلى جهنم وبئس المصير». وجاءت هذه التطورات في جنوب سورية بعد ساعات من تمكن القوات النظامية مدعومة بعناصر من الدفاع الوطني و»حزب الله» اللبناني من فك الحصار الذي فرضه مقاتلو المعارضة منذ نيسان (ابريل) 2013 على سجن حلب المركزي، عند المدخل الشمالي لكبرى مدن شمال سورية. وذكرت «فرانس برس» أن هذا التقدم «يتيح للنظام قطع طريق امداد رئيسية لمقاتلي المعارضة بين ريف حلب والحدود التركية، والأحياء التي يسيطرون عليها». ونقلت عن بيان للقيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية إن هذا التقدم «يضيّق الخناق على البؤر الإرهابية في الأطراف الشرقية والشمالية الشرقية لمدينة حلب، ويقطع طرق الإمداد التي كانت تستخدمها». وأمس الجمعة، واصل النظام التقدم في محيط السجن. وقالت «سانا» إن «وحدات من الجيش والقوات المسلحة بسطت سيطرتها الكاملة على معمل السيف ومبنى مديرية الزراعة ومطعم سومر وجامع الجبيلة ومحطة «ام تي ان» ومزرعة الرعوان». وأفاد مصدر أمني سوري «فرانس برس» بأن هذه المناطق «مجاورة للسجن في الريف الشمالي الشرقي، وتأتي ضمن خطة الجيش لتوسيع عملياته لتأمين المنطقة بشكل كامل، وقطع الإمدادات عن مقاتلي المعارضة». وأضاف «خلال فترة قريبة، سيكون الوضع أكثر راحة لمدينة حلب». وتواصلت المعارك الجمعة بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة في مناطق عدة، لا سيما في ريف ادلب (شمال غرب)، ومحيط بلدة مورك في حماة (وسط) التي يسيطر عليها المعارضون. وأدت المعارك حول مورك الواقعة على طريق رئيسية بين وسط البلاد وشمالها، الى مقتل 26 عنصراً من القوات النظامية والمسلحين الموالين لها، وثلاثة مقاتلين معارضين على الأقل الخميس، وفق «المرصد». وأشار «المرصد» إلى أن «قوات النظام قصفت المنطقة الواقعة بين قريتَي الجبين وأبو رعيدي دون أنباء عن خسائر بشرية، فيما قصف الطيران الحربي الأراضي الزراعية في الجهة الشرقية لبلدة كفرزيتا» في حماة. وأوردت وكالة «رويترز» في تقرير من بيروت أن نشطاء من المعارضة السورية نشروا تسجيل فيديو قالوا إنه يظهر انتشار غاز الكلور في شوارع قرية كفر زيتا وهي أول لقطات من نوعها لما يصفونها بأنها حملة لاستخدام الأسلحة الكيماوية يقوم بها الرئيس بشار الأسد. وكانت قرية كفر زيتا التي تقع في محافظة حماة على بعد 200 كيلومتر الى الشمال من دمشق مركز ما يقول نشطاء ومسعفون إنها حملة مستمرة منذ شهرين اسقطت خلالها اسطوانات غاز الكلور من طائرات هليكوبتر. وتنفي دمشق أن قوات الأسد تستخدم الكلور أو غازات أخرى أكثر سميّة وتلقي باللوم في كل الهجمات الكيماوية على مسلحي المعارضة. وجاء في النص المرافق لتسجيل الفيديو الذي نشره مستخدم يدعى مصطفى جمعة انه التقط يوم الخميس في كفر زيتا بواسطة الهيئة العامة للثورة وهي جماعة معارضة. وأظهر التسجيل غازاً لونه أخضر يضرب الى الصفرة في شارع. ويركض رجل بعيداً من سحابة الغاز مع امرأة تضع قطعة قماش على فمها. ويظهر رجل آخر يرتدي سروالاً مموهاً ويضع قناعاً واقياً من الغاز ينادي على سيارة لمساعدة المرأة. ويقول خارج الصورة «قصف بغاز الكلور. دخان أصفر». ولم تتمكن «رويترز» من التحقق على الفور من صحة اللقطات. ولم يظهر الفيديو موقع سقوط اسطوانات الغاز أو يشر الى المكان الذي سجل فيه. وقال مصور يعمل لحساب «رويترز» إنه وصل الى مكان الهجوم بعد ساعة من قيام طائرة هليكوبتر بإسقاط القنبلة. وقال «رائحة الكلور كانت واضحة جداً. كانت تشبه رائحة الخل أو المادة المبيضة للغسيل. بدأت أسعل وأعاني من ضيق في التنفس. شعرت بحرقة في عيني». وأظهرت إحدى صوره المرأة التي كانت تركض بعيداً من الغاز في الفيديو. كانت تتلقى العلاج بالأكسجين في مستشفى ميداني. وقال «كان هناك 70 جريحاً. الذين كانوا في مكان سقوط القنبلة أغشي عليهم». وقال ناشطون ان كفر زيتا تعرضت لهجومين الخميس هي وقرية التمانعة في محافظة إدلب. وتم الإبلاغ عن أكثر من 10 هجمات بغاز الكلور في سوريا منذ 11 نيسان (ابريل).