هيمنت على فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة انتفاضة الشعوب العربية. وقدم الدكتور أحمد أبو المجد تأملات هادئة حول مستقبل العرب والمسلمين، وقال في ندوة «مجتمع المعلوماتية والاقتصاد والمعرفة»، التي عقدت أمس في قاعة مكارم وأدارها الدكتور محمد بنتن وشارك فيها إلى جانبه عبد الرحمن الحبيب ونادية حجازي والدكتور سامي عبد العزيز، إن جميع العرب والمسلمين «يجتازون هذه الأيام لحظات وأياماً فارقة في تاريخهم كله، وفي تحديد مستقبلهم ومستقبل أبنائهم من بعدهم، فالعالمان العربي والإسلامي يجتازان انتفاضة تغير سياسي وثقافي واجتماعي، مثيرة عدداً غير متناه من الأسئلة ومحاولات الفهم والتفسير»، مضيفاً: «من قبيل التشاور الاجتماعي والعصف الفكري افرزت الأمور التالية، وهو أن للثورات عبر حقب التاريخ مساراً يتكرر ولا يختلف أبداً، وان كانت السياقات لكل شعب من شأنها أن تحدث تغييرات نسبية، في طول كل حلقة من حلقات التغيير». وألح أبو المجد في ورقته على الحاجة الماسة إلى «ثورة ثقافية سلمية تحدد للأمة كلها مصيرها ومستقبلها». ولفت إلى غياب مفاهيم سياسية «عن حياتنا كعرب ومسلمين، وهي ثلاثة مفاهيم: مفهوم الحرية ومفهوم سيادة القانون. ومفهوم المشاركة الشعبية في صنع القرارات». وأوضح أن هناك «مفاهيم دينية تحتاج إلى مراجعة، من أهمها: وهم التعارض بين النقل والعقل، ووهم تفضيل الإسلام للعزلة عن الحياة، وكذلك حكمة الحرية وحمايتها وتأسيس ممارستها ورفع الظلم عن المظلومين والمأسورين والمسجونين». وقال: «إن الأحرار وحدهم هم القادرون على إقامة النهضة وبناء الحضارة وتحقيق التقدم». وأكد الدكتور سامي عبد العزيز، في ورقته «وسائل الإعلام أنماط وأشكال جديدة على الطريق»، أن أبرز سمات التطور التي تحققت في الإعلام بصوره كافة، تتركز في الرقمية والتفاعلية، مشيراً إلى أهم تطبيقات التطورات التكنولوجية في مجال وسائل الإعلام. واستعرض مميزات وخصائص كل تطبيق وأهميته، مؤكداً أهمية الصحافة الالكترونية وخصائصها. وتوقف عند تجارب في مجال الالتقاء والاندماج بين التليفزيون والانترنت، مثل تجربة شركة loewe الألمانية التي ابتكرت جهاز وسائط متعددة يمكن استخدامه كتلفزيون وراديو وهاتف ومسجل وفيديو كاسيت وكومبيوتر. فيما جاءت ورقة الدكتور عبد الرحمن الحبيب معنونة «توفلر الذي رأى»، وعرف في مقدمها بتوفلر بأنه مفكر مستقبلي ومؤرخ يستشرف الآثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتطورات التكنولوجية، وأن أهم ما ارتبط به اسم توفلر هو كتابه «صدمة المستقبل»، «الذي يوضح التغيرات التكنولوجية من القرن 18 والتي وقعت بسرعة كبيرة إلى درجة أن الكثير من الناس أصبح يعاني من ارتباك وشحن نفسي، بسبب عدم القدرة على التكيف مع هذه السرعة»، مشيراً إلى أن توفلر أصدر كتابه «صدمة المستقبل» ووضع كثير من المصطلحات لوصف عصرنا الحالي قبل أكثر من 40 عاماً. وقال إن توفلر تابع نظريته المستقبلية، مصدراً كتابه «الموجة الثالثة» عام 1980 وبعد عشر سنوات أصدر كتابه «القوة: المعرفة والثورة والعنف على حافة القرن 21»، ثم اصدر عام 1993 بالتعاون مع زوجته هايدي توفلر كتابين «الحرب ومكافحة الحرب: البقاء في فجر القرن الحادي والعشرين» و «إنشاء حضارة جديدة: سياسة الموجة الثالثة» عام 1994، مضيفاً أن الكتابين الأخيرين «يوضحان استمرار المخاوف بشأن التطورات الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية، الناجمة عن الابتكارات التكنولوجية في أواخر القرن العشرين». وقال الحبيب إن «الموجة الثالثة» أقرب الأطروحات المستقبلية للنصف القرن الماضي، وتعد من أفضل ما وضع كخريطة طريق للقرن المقبل، علاوة على ذلك فإن شعبية توفلر كبيرة بين الجماهير العامة والنخب السياسية على رغم انه قد لا يحظى بشعبية كبيرة بين المفكرين».