تفاقمت الأحداث في محافظة قنا بصعيد مصر بصورة تنذر بتجدد الفتنة الطائفية في هذه المحافظة التي شهدت مواجهات بين مسلمين وأقباط خلال فترات التوتر الطائفي في مصر. وقطع آلاف المحتجين طرق رئيسة بينها طريق قنا - القاهرة والشريط الرئيسي للسكك الحديد، ومنعوا حركة القطارات حيث ناموا أو جلسوا على القضبان. كما توقفت حركة السيارات المتجهة إلى القاهرة ذهاباً وإياباً. إضافة إلى اعتصام آخرين في محيط مقر المحافظة ومديرية الأمن وعدد من المناطق الحيوية بالمحافظة، وذلك احتجاجاً على تعيين محافظ مسيحي للمحافظة وهو اللواء عماد شحاتة ميخائيل. وعلى رغم أن المحافظ الجديد أدى اليمين الدستورية يوم السبت أمام رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي خلفاً للواء مجدي أيوب المحافظ السابق، إلا أن المتظاهرين من أهالي قنا واصلوا لليوم الثالث على التوالي تظاهرات تطالب برحيله، مما يضع المجلس العسكري أمام اختبار صعب، فإما أن يتراجع أمام المحتجين ويعين محافظاً جديداً مما قد يغضب بدوره المسيحيين، وإما أن يتمسك بالمحافظ ويخاطر بمواجهة أمنية مع المحتجين الذين يصعدون تحركاتهم يومياً. وقال شهود عيان إن آلاف المحتجين وضعوا صورة رأس مقطوع على صورة للمحافظ الجديد أمام ديوان عام المحافظة. وقال شاهد عيان لوكالة «رويترز» إن المحتجين منعوا أيضاً الموظفين من دخول ديوان عام المحافظة أمس، وإن قوات الجيش التي تحرس المبنى لم تتدخل. وبينما حملت قيادات قبطية أعضاء في جماعة الإخوان وسلفيين قيادة التظاهرات، أكد المتظاهرون أن التظاهرات ليست لها أبعاد طائفية وأنهم لا يرفضون تعيين اللواء شحاته لكونه مسيحياً، بل تعبيراً عن رفض تولي قيادي سابق في جهاز الشرطة منصب المحافظ. وشدد المتظاهرون على أنهم مصرون على الاعتصام وقطع الطرق حتى يتم الاستجابة لمطالبهم. وكان ناشطون في المحافظة شرعوا في حملة شعبية، لجمع التوقيعات بين السكان، للمطالبة بإقالة المحافظ الجديد قبل أن يتسلم مهام عمله. واتهم المستشار القانوني لبابا الأقباط المحامي نجيب جبرائيل، أعضاء في جماعة الإخوان وسلفيين بالوقوف خلف الاحتجاجات، موضحاً ل «الحياة»: أن الإسلاميين المتشددين يرفضون إعطاء الولاية لقبطي، مشيراً إلى أن الموقف الآن بالغ الخطورة والأمور تتطور للأسوأ. ودعاً المجلس العسكري إلى التدخل قبل تفاقم الأحداث ووقوع فتنة طائفية في المحافظة. من جانبه أكد أسقف مدينة نجع حمادي الأنبا كيرلس أن التظاهرات التي تشهدها قنا لا يوجد بها أي قبطي مطلقاً. واتفق كيرلس مع جبرائيل حول أن قائدي التظاهرات هم من الإخوان والسلفيين وأعضاء الجماعة الإسلامية. وأشار في اتصال هاتفي مع «الحياة» إلى أن أبناء قنا الأقباط لا يشغلهم تعيين محافظ قبطي أو مسلم، مؤكداً رفضه للتظاهرات الطائفية التي تشهدها المحافظة، محذراً بدوره من أنها قد تؤدي إلى مشكلات كثيرة لا يعرف أحد مداها. وسارعت جماعة «الإخوان المسلمين» إلى نفي أي مسؤولية لها في الأحداث، وحذرت من الانزلاق نحو الفوضى أو إثارة الفتنة والخروج عن الشرعية. ودعت الجماعة، في بيان لها، المتظاهرين إلى ضبط النفس، وعدم ترويع الآمنين، والابتعاد عن الطائفية التي تشعل نار الفتنة، وأكدت رفض الإخوان جميع أشكال العنف، وعدم إعطاء الفرصة لأعوان النظام السابق الذين يحرّضون الشباب على هذه الأعمال التخريبية التي تدفع البلاد للفوضى. ويعد الاحتجاج على تعيين ميخائيل من أكبر التحديات التي واجهت المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر منذ أطاحت انتفاضة شعبية بالرئيس السابق حسني مبارك في الحادي عشر من شباط (فبراير). وكان مسلمون تجمعوا الجمعة أمام ديوان عام محافظة قنا معلنين رفضهم تعيين ميخائيل الذي كان رشح من قبل الحكومة لشغل المنصب يوم الخميس. وقبل تعيين ميخائيل كان مجدي أيوب وهو مسيحي أيضاً محافظاً لقنا، لكن مسلمين يقولون إن تجربته كأول محافظ مسيحي في البلاد لم تنجح وإن الحوادث الطائفية في المحافظة زادت خلال فترة عمله التي استمرت نحو ست سنوات. وخلال أعياد رأس السنة الميلادية العام قبل الماضي قتل ستة مسيحيين في قنا بالرصاص وسط جو من التوتر الطائفي وحكمت محكمة أمن دولة عليا طوارئ على الجاني بالإعدام.