لم يعد سراً أن بعض دول الخليج بات يُبعِد اللبنانيين الشيعة من أرضه. السعودية ليست من هذه الدول. المعلومات تشير الى أن المستهدفين هم المرتبطون ب «حزب الله»، و «الحرس الثوري» الإيراني، والمتورطون بتخابر مع دول وأحزاب أجنبية. من حق دول الخليج حماية سيادتها، والدفاع عن أمنها، بالطريقة التي تراها. لكن الخوف هو أن تصل الإجراءات الى لبنانيين أبرياء ليس لهم ذنب. فيصبح أي شيعي لبناني مهدداً بعدم تجديد عقد عمله. بعضهم واجه هذه النتيجة فعلاً، وربما طُبِق الإجراء ذاته على لبنانيين من طوائف أخرى. لا شك في أن التعامل مع البشر بجنسياتهم ومذاهبهم ضيّق الأفق، والتعامل مع الشيعة اللبنانيين ينبغي ألاّ يتخذ صفة التعميم. دول الخليج لم تمارس سابقاً سياسة التعميم، ولا ينبغي لها ذلك، ناهيك عن أن إبعاد أفراد من دون تحقيقات دقيقة وموثقة يشوّه صورتنا، وينعكس سلباً على العلاقات بين دول الخليج والشعب اللبناني. «لا تزر وازرة وزر أخرى». وإذا كان الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله، أخطأ، وتدخل في شؤون دول الخليج بطريقة غير حصيفة، فيجب ألا تتصرف هذه الدول على أساس أن جميع شيعة لبنان أعضاء في «حزب الله»، فضلاً عن أن هذا التعميم سيحرّض جميع الشيعة اللبنانيين على التفكير بمشاعر الكراهية. تصرّف بعض دول الخليج إزاءهم، بسبب موقف «حزب الله»، يذكّر بقصة أستاذ في جامعة أميركية. كان الدكتور يمرّ كل يوم، في طريق عودته الى منزله ببائع صحف، يلقي عليه التحية ويشتري منه الصحيفة ويمضي. بعد أشهر، استضاف الأستاذ أحد أقاربه، فأصبح الأخير يرافقه في مشواره من الجامعة الى المنزل. لاحظ الضيف أن بائع الصحف لا يرد السلام على قريبه، أستاذ الجامعة الكبير، قال الضيف للدكتور: منذ أيام أراك تلقي السلام بلطف على بائع الجرائد، لكنه لا يرد... لماذا تسلّم عليه؟ هذا رجل لا يستحق الاحترام. فردّ الأستاذ الجامعي على ضيفه قائلاً: «هل تريد مني أن أجعل الرجل البسيط يفرض عليّ سلوكه؟ سأستمر في إلقاء السلام عليه حتى يتغير». ودول الخليج يجب أن تبقى على نهجها الأصيل حتى يتغيّر الآخر. المتعصب مثل المُنْبَت، لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى.