تثير مواقف المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبليت من مشروع الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية عام 1967 استهجان جمعيات حقوقية، فهو من جهة أبلغ المحكمة العليا معارضته «قانون التسوية»، أو قانون مصادرة أراضٍ فلسطينية خاصة أقيمت عليها وحدات سكنية ومباني مؤسسات عامة في المستوطنات المختلفة، ومن جهة أخرى يضفي الشرعية بأثر رجعي على 1048 مبنىً كهذا. وبحسب مصدر قضائي كبير، فإن مندلبليت الذي يتوقع أن تعتبر المحكمة العليا «قانون التسوية» الأخير الذي شرّعه الكنيست بهدف إضفاء الشرعية على آلاف منازل المستوطنين المقامة على أراضٍ فلسطينية خاصة (3455 منزلاً)، «غير دستوري»، سبق أن أعلن أن هذا القانون «غير دستوري» فعلاً، لكنه يرى في المقابل أنه يمكن إضفاء الشرعية «بطرق مختلفة» على نحو ثلث هذه المباني (1048). وأشارت مصادر قضائية أخرى إلى أنه حيال موقف المستشار المعارض ل «قانون التسوية» مارست وزيرة القضاء (من حزب المستوطنين «البيت اليهودي») أييلت شاكيد ضغوطاً عليه لإيجاد حلول خلاّقة تحول دون إخلاء مستوطنين فتفتق ذهن المستشار، بحضور كبار المستشارين في وزارة القضاء والنيابة العامة، و «وجد الحل الجزئي» من خلال التوجه إلى البند الخامس من أمر عسكري سابق يتعلق بممتلكات الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية ويتيح لسلطات الاحتلال السيطرة على هذه الأراضي من دون مصادرتها، أي أن تبقى منازل المستوطنين عليها ويُمنع أصحاب الأراضي الفلسطينيون من الاقتراب منها أو الاعتراض على الأمر، وذلك في مقابل تعويضهم مالياً. وبرر مندلبليت «فكرته» بأنه بينما قانون «التسوية» الجديد الذي يرفضه يجيز مصادرة كل أرض أقيم عليها مبنى لمستوطن وعليه هو «غير دستوري» لأنه يفضل اليهود على الفلسطينيين، فإن الأمر العسكري الذي يعتمده يفيد بأنه يمكن إبقاء مبنى أقيم على أرض «ظن صاحبها بحسن نية أنها أراضٍ عامة (تابعة لسلطات الاحتلال وليست خاصة)». ويرى المستشار أن الأمر ممكن في مستوطنات معينة، لكن لا يمكن تطبيقه على جميع المنازل، وأن هناك 1048 منزلاً أقيمت على أراضٍ خاصة اعتبرت عن «طريق الخطأ» أراضي عامة في مقابل 1285 مبنىً أقيمت على أراضٍ خاصة في شكل واضح، أي أراضٍ لم تصادرها سلطات الاحتلال من قبل. أما بقية المنازل فأقيمت منذ أكثر من 20 عاماً ووضعيتها القانونية ليست واضحة تماماً وقد ينطبق على بعضها البند الخامس المذكور في الأمر العسكري. وتقوم الخطة على السيطرة الإسرائيلية على أراضٍ خاصة تابعة للفلسطينيين أقيمت عليها مستوطنات بعد أن اعتبرت في الماضي أراضي دولة (أي صادرتها سلطات الاحتلال). وكانت المحكمة الإسرائيلية تجاوبت في السابق مع شكاوى قدمها أصحاب الأراضي ضد المستوطنين فأمرت بإخلائهم مثل مستوطنة عمونه). لكن إذا تبين لسلطات الاحتلال بأن عدد هذه المباني يتعدى ثلاثة آلاف قد يكون مصيرها كمصير «عمونه» سنّت «قانون التسوية» وتسعى في الأشهر الأخيرة ل «تبييض» هذه المباني تفادياً لقرارات حكم مماثلة. وكان مندلبليت أصدر مطلع الأسبوع رأياً قضائياً يقول بإمكان إضفاء الشرعية بأثر رجعي على 14 بؤرة استيطانية في أنحاء الضفة الغربية، أي التي أقيمت من دون استئذان سلطات الاحتلال.