في وقت تعاني سوق الاكتتابات في الإمارات جموداً منذ بداية الثلث الأخير من عام 2008 نتيجة للتأثير السلبي لأزمة المال العالمية الذي أدى إلى تراجع مستوى الثقة في الاستثمار، سواء في أسواق الأسهم الثانوية أم أسواق الإصدارات الأولية، شهدت سوق الاكتتابات في الإمارات وخلال شهر، طرح أسهم شركتين تعملان في قطاع التأمين الإسلامي، ليرتفع عدد الشركات التي تعمل في القطاع إلى ثماني شركات، بينما يبلغ عدد الشركات المساهمة العامة التي تعمل في قطاع التأمين التقليدي 21 شركة. وكسر طرح الشركتين جمود سوق الإصدارات الأولية في الإمارات، واتسمت رؤوس أموال هذه الشركات بالمحدودية، مقارنة برؤوس أموال الشركات المساهمة العامة التي كانت تُطرح خلال طفرة الأسواق. وارتفعت حصة شركات قطاع التأمين التي تعمل وفق الشريعة الإسلامية في الإمارات، أو ما يطلق عليه التأمين التكافلي، من اثنين في المئة عام 2004، إلى 12 في المئة نهاية عام 2009، لتسجل معدل نمو سنوي مركب يتفوق على معدل نمو التأمين التقليدي بدرجة كبيرة. وعلى مستوى العالم يُتوقع أن يبلغ إجمالي اشتراكات التأمين التكافلي 33.4 بليون درهم إماراتي (9.1 بليون دولار) في نهاية عام 2010، تبلغ حصة دول الخليج من هذه الاشتراكات 24.2 بليون درهم أو ما نسبته 72.6 في المئة. ولا يزال معدل انتشار التأمين الإسلامي في المنطقة عموماً وفي دول الخليج خصوصاً، منخفضاً إلى حد كبير مقارنة مع معدل انتشار التأمين التقليدي. وفي وقت تأسست أول شركة تأمين تجارية أو تقليدية في الإمارات عام 1972، هي «شركة أبو ظبي الوطنية للتأمين»، تبعها تأسيس 21 شركة، تأسس معظم شركات التأمين التكافلي ما بين عامي 2002 و2008. وتزامن ارتفاع مستوى الوعي بالتأمين الإسلامي، مع ارتفاع الوعي بالتمويل الإسلامي وتأسيس كثير من المصارف الإسلامية في الإمارات. ومع ذلك لا تفرّق نسبة مهمة من المستثمرين، بين التأمين التقليدي والتأمين الإسلامي، وتفضل التعامل مع شركات التأمين التقليدية التي تلقى دعماً من الحكومة، وتملك رؤوس أموال واحتياطات وموجودات ضخمة. ولعل تحديات هذا القطاع تتمثل في نقص العمال المؤهلين من ذوي الخبرة والمعرفة الكافيين بالتأمين التكافلي، وبالتالي الحاجة إلى الإنفاق بدرجة كبيرة لتدريب العاملين فيها على عمليات الاكتتاب وإدارة المطالبات ومهارات هيكلة المنتجات واحتساب المخاطرة، إضافة إلى تطبيق المعايير الفنية. ويشكل عدم توافر استثمارات مناسبة لهذه الشركات، في ظل محدودية تنويع الأصول في التأمين التكافلي ومحدودية الفرص الاستثمارية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، تحدياً يواجه هذه الشركات. وأدى غياب شريحة المضاربين في سوق الإصدارات الأولية أو سوق الاكتتابات العامة، إلى تغطية قيمة الأسهم المطروحة للاكتتاب العام في «شركة الدار للتأمين»، في خلال الشهر الماضي بمقدار مئة في المئة فقط، بينما يُتوقع تغطية الشركة الثانية التي ستُطرح اليوم بنسبة تفوق ذلك، نظراً إلى قوة المؤسسين الذين يأتي في مقدمهم «بنك أبو ظبي الوطني» و «شركة الدار العقارية» و «شركة طاقة» و «شركة أبو ظبي الوطنية للتأمين»، إضافة إلى محدودية قيمة الأسهم المطروحة التي تبلغ 82.5 مليون درهم أو 55 في المئة من رأس مال الشركة المصدر. * مستشار الأسواق المالية في «بنك أبو ظبي الوطني»