سبقت الحشود الشعبية من أنصار «تيار المستقبل» رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى محيط منزله في قلب بيروت هاتفة باسمه وملوحة بالأعلام اللبنانية وأعلام سعودية والرايات الزرق، ورافعة صوره المذيلة ب «هو الضمانة». وكانت مواكب سيارة جابت بيروت وصيدا فور إعلان الحريري التريث في تقديم استقالته إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، والمربوطة ب «معالجة المسائل الخلافية وانعكاساتها على علاقات لبنان مع الأشقاء العرب»، مشدداً على «سياسة النأي بالنفس». ونظم «تيار المستقبل» انتقال زهاء 35 ألف شخص بالباصات من المناطق البعيدة عدا الذين انتقلوا بسياراتهم والذين جاؤوا من بيروت ومناطق قريبة. وامتلأت شوارع المربع الأمني ل «بيت الوسط» بالحشود، الذين ضاقت بها الشوارع وانتشر المناصرون المتضامنون مع الحريري في شوارع أخرى وقطعت الطرق من قبل قوى الأمن ومنظمي التظاهرة عن جزء كبير من وسط العاصمة. وغلب الحماس والجو العاطفي على المناصرين الذين تجمعوا في منزل الحريري ومحيطه فيما بعض النسوة أتين مع أطفالهن وأولادهن. كلمة الحريري وأطل الحريري على المحتشدين من إحدى شرفات المنزل بعدما اجتمع مع الرئيسين تمام سلام وفؤاد السنيورة للتشاور. ثم نزل لإلقاء كلمته فاشتعل الحشد صراخاً وتصفيقاً وهتافاً «سعد سعد سعد». وخاطبهم قائلاً: «هذه لحظة من غير الممكن أن أنساها، وأنا بالروح والدم أفديكم، إنها لحظة اللقاء مع الأحباب والرفاق والأهل الحقيقيين، لحظة الوفاء معكم، أنتم الذين تعلمون العالم كله الوفاء. لحظة الصدق معكم أنتم الذين تعلمون العالم الصدق، لحظة للتاريخ والجغرافيا ومن له عيون فلير ومن له آذان فليسمع. هذه لحظة القلب، سعد رفيق الحريري الواقف بينكم هو واحد منكم ولكم، وحتى اختصر كل شيء بكلمة: شكراً شكراً شكراً». وأضاف: «شكراً لكل لبناني ولبنانية فهم بلحظة واحدة أهمية الحفاظ على استقرار بلدنا والأمان لأهلنا بكل لبنان، جئتم لتقولوا الحمد لله على السلامة ونقول حمداً لله على سلامة لبنان واللبنانيين. أنا باق معكم ومكمل معكم، وباقون سوياً ومكملون سوياً لنكون خط الدفاع عن لبنان واستقراره وعروبته، هذا اللقاء سيتكرر وسترونني في عكار والمنية والضنية وطرابلس والقلمون في الشمال وفي البقاع كله وصيدا والجنوب كله وفي الإقليم والشوف وجبل لبنان كله لندافع سوياً عن بلدنا وحريته وعروبته واستقراره ، واليوم في بيروت مع أهلي وكلنا في بيتكم بيت الوسط لنقول سوياً نحن أهل الوسط والاعتدال والاستقرار وكلنا جئنا لنقول لا شيء أغلى من بلدنا وشعارنا سيبقى لبنان أولاً». وغصت الساحة الداخلية لدار الحريري بالناس والنواب وقادة «المستقبل» إلى درجة التدافع، وكذلك القاعة الفسيحة المخصصة للاستقبالات. واضطر بعض الموجودين للاستماع إلى كلمة الحريري داخل القاعة من شاشة تلفزيونية لضيق المكان في الساحة الخارجية وجهد رجال الأمن للحؤول دون دخول الناس إلى قاعات أخرى داخل المنزل الذي تجمع فيها أفراد من العائلة والأصدقاء المقربين ومعاوني الحريري وأطلت النائب بهية الحريري على الحشد من إحدى شرفاته يحيط بها أولادها والرئيس فؤاد السنيورة والوزير غطاس خوري وآخرون ولوحوا للمحتشدين. وبعد الكلمة، انشد الحريري والحشود النشيد الوطني. وأصر الحريري على النزول إلى حيث الجموع ما أربك عناصر أمنه. وصافح الحريري المحتشدين وحمل أطفالاً وعانقه شباب يبكون فرحاً والتقط معهم صور «سلفي». وشوهد الحريري وعيناه مغرورقتان بالدموع أثناء احتكاكه بالناس، على أنغام الأغاني الحماسية التي بثتها مكبرات للصوت بأصوات فنانين لبنانيين، وبينها أغنية جرى تلحينها خصيصاً أثناء فترة غيابه بعد إعلانه استقالته. وكان بين المحتشدين في الباحة الداخلية الفنان راغب علامة الذي غرد للحريري اغنيته « الحمدلله ع السلامة».