أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد الذي وصل منتجع سوتشي الروسي على البحر الأسود في زيارة لم يعلن عنها مسبقاً، تأتي قبل يوم من القمة الثلاثية في سوتشي بحضور بوتين والرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني لبحث التسوية السياسية في سورية بعد «داعش». وأعلن الكرملين أن المحادثات بين بوتين والأسد التي استغرقت 4 ساعات ركزت على المبادئ الأساسية لإطلاق العملية السياسية لتسوية الأزمة السورية. واستهل بوتين اللقاء بتهنئة الأسد ب «النتائج، التي تحققت في سورية على صعيد الحرب ضد الإرهاب»، مضيفاً أن «هزيمة الإرهابيين، باتت نتيجة حتمية». وأكد الرئيس الروسي أنه «بات من المهم الآن التوصل إلى تسوية سياسية في سورية»، مشيراً إلى أن موسكو تسعى إلى إطلاق عملية حوار واسعة النطاق بين الأطراف السورية و «نعلم أنكم أبديتم استعداداً للعمل مع كل من يريد السلام، والاستقرار في سورية». ولفت بوتين إلى تزامن زيارة الأسد مع الاستعداد لعقد القمة الروسية- التركية- الإيرانية الْيَوْمَ في سوتشي. وقال إن «المسألة الأهم، المطروحة على أجندة البحث هي مسألة ما بعد هزيمة الإرهابيين، وهي مسألة التسوية السياسية، التسوية طويلة الأمد للوضع في سورية». وزاد أن روسيا تجري بالإضافة إلى محادثاتها مع تركيا وإيران، اتصالات نشطة مع بلدان أخرى، كالعراق والولايات المتحدة ومصر والسعودية والأردن. وأضاف الرئيس الروسي: «أود أن أناقش معكم المبادئ الأساسية لتنظيم العملية السياسية، ومؤتمر الحوار السوري، الذي تساندوه. أود أن استمع إلى تقويمكم للحال الراهنة، وآفاق تطور الوضع، بما في ذلك رؤيتكم للتسوية السياسية، التي بحسب ما تبدو لنا، ومن دون شك، في نهاية الأمر ينبغي أن تتم تحت إشراف منظمة الأممالمتحدة. نحن نعوّل على مشاركة نشطة لمنظمة الأممالمتحدة في المسار نفسه وكذلك في المرحلة النهائية». من جانبه، أشاد الرئيس السوري بنتائج العملية العسكرية الروسية في سورية، وقال إن العملية التي بدأت قبل عامين وبضعة أسابيع، حققت نتائج كبيرة عسكرية، وسياسية، وإنسانية، مشيراً إلى أن تراجع الإرهابيين في كثير من المناطق أدى إلى عودة الكثير من المواطنين السوريين إلى مدنهم وقراهم. وأكد الأسد تأييده العملية السياسية. مشيراً إلى أن الحكومة السورية تعوّل على «دعم روسيا لضمان عدم تدخل اللاعبين الخارجيين في العملية السياسية، وأن يدعموا فقط المسار السياسي، الذي سيقوده السوريون أنفسهم». وفِي لفتة لها دلالة، تعمد بوتين دعوة عدد من الجنرالات الروس الذين تولوا إدارة العمليات العسكرية في سورية خلال العامين الماضيين. وخاطب الأسد في مستهل اللقاء معهم، مشيراً إلى الرغبة في أن «أعرفكم بالأشخاص الذين لعبوا دوراً حاسماً في إنقاذ سورية». كما خاطب بوتين وزير الدفاع سيرغي شويغو وكبار الجنرالات الذين حضروا اللقاء، مشيراً إلى أنه «بطبيعة الحال، السيد الأسد يعرف العديد منكم شخصياً. لقد قال لي اليوم خلال محادثاتنا إنه بفضل الجيش الروسي، أنقذت سورية كدولة. وقد تم القيام بالكثير لتحقيق الاستقرار فيها. آمل أن نضع في المستقبل القريب نقطة النهاية في مكافحة الإرهاب في سورية، على رغم أنه من الواضح أن بعض الجيوب ما زالت قائمة، وأخرى قد تنشأ». وأكد الرئيس الروسي أنه «من الممكن القول في المستقبل القريب جداً إننا قد نفذنا المهمة بالفعل». وزاد: «أجرينا اليوم محادثات مفصلة جداً مع رئيس الجمهورية السورية في شأن جميع الجوانب المتعلقة بتطبيع الأوضاع، بما في ذلك الخطوات التالية على المسار السياسي. تعلمون أنه سيعقد لدينا هنا في سوتشي اجتماع ثلاثي. ولكنني أود أن أقول أنه من دون جهود القوات المسلحة، وجهودكم، وجهود مرؤوسيكم، وكذلك بطولاتكم، لم يكن من الممكن أن تتاح الفرص للنهوض بالعملية السياسية. وقد بذلت هذه الجهود بفضل القوات المسلحة للاتحاد الروسي مع أصدقائنا السوريين في ساحة المعركة. شكراً جزيلاً لكم». وأشاد الأسد بدوره ب «الجهود التي بذلتها روسيا لإنقاذ بلدنا». وزاد أنه يؤكد في شكل خاص التركيز على» الدور الذي قامت به القوات المسلحة للاتحاد الروسي والتضحيات التي قدمتها لتحقيق هذا الهدف. أنا سعيد جداً بالتعرف إلى كل واحد منكم هنا اليوم معنا، وعلى أولئك الذين شاركوا مباشرة وأمروا وأداروا عمليات القوات المسلحة الروسية». وأضاف الأسد: «قبل عامين، عندما التقيت الرئيس بوتين في موسكو، كان القتال قد بدأ للتو. خلال هذين العامين، كانت النجاحات التي تحققت بفضل مساعدة القوات الجوية والفضائية التابعة للاتحاد الروسي والجيش السوري واضحة. والآن لا يمكن أحداً أن ينكر هذه النجاحات في مكافحة الإرهاب. وبفضل أفعالكم وتضحياتكم، فضلاً عن أعمال الجيش السوري وحلفائنا، تمكن العديد من السوريين من العودة إلى ديارهم»، مؤكداً أنه بالنيابة عن الشعب السوري كله يعرب «لكم اليوم عن امتناني لكل ما قمتم به». وكان بوتين التقى بالأسد آخر مرة في 20 تشرين الأول (أكتوبر) في 2015 بموسكو بعد أسابيع قليلة من إطلاق موسكو عملية عسكرية في سورية. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن ديمتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين قوله، إن الأسد مكث على الأراضي الروسية أربع ساعات. وهذه أول رحلة معلنة للأسد خارج سورية منذ زيارته موسكو في عام 2015. ورأى الخبير الروسي أزدار كورتوف أن زيارة الأسد روسيا تدل على «أهمية إبلاغ الكرملين بموقف السلطات السورية في ما يتعلق بالتسوية المستقبلية (للنزاع) في سورية وأنه (الأسد) مهتم بالقمة المقبلة (لبوتين) مع الرئيسين الإيراني والتركي». وأضاف: «من غير المرجح أن يكون ذلك تعبيراً عن الدعم السياسي من قبل الكرملين للأسد، فذلك يمكن أن يتم بوسائل أخرى»، مشيراً إلى أن «مرحلة الحرب المفتوحة في النزاع السوري ستنتهي قريباً وستصبح مسألة الحل السياسي ملحة أكثر من أي وقت مضى». وتابع أن «الأمر يتعلق قبل كل شيء بمناقشة المواقف، لا سيما أن قضايا عدة تراكمت لا يمكن حلها في العلن». وذكر خصوصاً الأكراد الذين يسيطرون على جزء من شمال سورية على رغم استياء أنقرة.