عرضت لجنة الاتحاد الأفريقي المكلفة الوضع في ليبيا، نتائجَ زيارتها لكل من طرابلس وبنغازي على الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة. ولم تشرح السلطات الجزائرية دورها ضمن المبادرة الأفريقية للتوصل إلى تسوية للأزمة الليبية، لكن مصادر رفيعة قالت إن لجنة الاتحاد ارتأت إبقاء تحركاتها في ليبيا واضحة أمام السلطات الجزائرية، كونَها «دولة جوار وذات وزن في الاتحاد الأفريقي». وكان الثوار الليبيون أعلنوا أول من أمس، رفضَهم مبادرةَ الاتحاد الأفريقي بعد يوم من إعلان السلطات الليبية أن العقيد معمر القذافي وافق عليها. وبرَّر الثوار رفضهم بأن «خريطة الطريق» الأفريقية لا تنص على تنحي القذافي، بل على إصلاحات في نظامه. وأجرى الرئيس بوتفليقة محادثات مع الرئيسين الكونغولي والموريتاني دنيس ساسو نغيسو ومحمد ولد عبدالعزيز، وكذلك رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي جون بينغ. وقبل ذلك، أجرى بوتفليقة محادثات على انفراد مع الرئيس الموريتاني. وثمة مَن طرح إمكان تحريك مبادرة ل «معالجة الأزمة الليبية من داخل الاتحاد المغاربي»، لكن الجزائر لا تبدو متحمسة لذلك، بحكم أن طرابلس هي الرئيسة الحالية للاتحاد المتعطل منذ العام 1995، كما أن الخلاف الجزائري - المغربي لا يسمح بإطلاق موقف موحد من الأزمة بين القذافي ومعارضيه. وأكد الرئيس الموريتاني ولد عبدالعزيز أمس، عزْمَ الاتحاد الأفريقي على الوصول إلى وقف للنار في ليبيا. وقال ولد عبدالعزيز عقب المحادثات التي جمعت بوتفليقة وأعضاء وفد لجنة الاتحاد الأفريقي: «نحن عازمون ومصممون على تحقيق هذا المبتغى (وقف اطلاق النار) صيانةً للمصلحة العليا للشعب الليبي». وأوضح أن زيارة الوفد الأفريقي الى الجزائر «تدخل في اطار تبادل الآراء حول الأزمة الليبية»، مضيفاً: «نحن ملتزمون ورقة الطريق التي طرحها مجلس السلم والأمن الافريقي لحلّ هذه الازمة» والتي رفضها الثوار في بنغازي. وذكر الرئيس الموريتاني أنه كان للجنة الاتحاد الافريقي حول ليبيا لقاءٌ في طرابلس مع العقيد القذافي ولقاء آخر في بنغازي مع أعضاء المجلس الوطني الانتقالي «غير أن هؤلاء أبدوا بعض التحفظات بخصوص الخطة المقترحة من طرف مجلس الأمن والسلم الأفريقي ... لكن ما يهمنا نحن هو متابعة هذا المسار المطروح والمضي به قدماً إلى الأمام». وفي هذا الإطار، أفاد أن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي سيتوجه إلى العاصمة القطرية الدوحة للمشاركة في اجتماع يخصص لدرس الوضع في ليبيا و «ستكون له الفرصة لعرض الخطة الأفريقية التي تدعو إلى وقف إطلاق النار من جميع الأطراف، قصْدَ تمكين الشعب الليبي من الخروج من هذه الوضع المأسوي». وكان وفد الاتحاد الأفريقي وصل إلى العاصمة الجزائرية في وقت متقدم ليل الإثنين، وضم كلاًّ من رئيس الكونغو والرئيس الموريتاني ورئيس مفوضية الاتحاد الافريقي والوزير الأوغندي للشؤون الخارجية هنري أوريام أوكيلو، فيما غاب رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما ورئيس مالي أمادو توماني توري. ويفيد بعض المعلومات، أن الرئيس الجزائري أبلغ الوفد الأفريقي أن دور بلاده في الأزمة الليبية «يبقى خلف جهود الاتحاد الأفريقي»، وأن الجزائر تعتبر أن الشعب الليبي هو من يقرر من يحكمه. ويبدو أن الجزائر ترفض الوساطة أو المشاركة في لجنة المتابعة الأفريقية، لأنها ترى أن دولة لوحدها لا يمكنها تقديم الكثير لتسوية الأزمة في ليبيا، بل يتطلب ذلك تحركاً جماعياً. ومعلوم أن المعارضة الليبية في بنغازي تتحفظ عن موقف الجزائر وتتهمها بدعم نظام القذافي، وهو أمر نفته السلطات الجزائرية.