حذر رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى الدكتور زهير الحارثي من أنه في حال استمرار التصريحات «غير المسؤولة» من وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل ضد المملكة، فإنه من المتوقع أن «تتخذ الرياض قرارات قد لا تروق للجانب الألماني». وانتقد الحارثي بشدة تصريحات غابرييل، مؤكداً، خلال اتصال مع «الحياة» أمس (السبت) أن «لهذه التصريحات أكثر من زاوية يمكن قراءتها منها، لكنها جميعها تصريحات خارج نطاق اللياقة الدبلوماسية، تضم اتهامات مرفوضة وغير مقبولة». وقال «إن طبيعة المملكة أنها ضد التصعيد، لكن من المؤسف أن يأتي رجل غير ملم بالتاريخ والجغرافيا وعمق العلاقات السعودية - الألمانية، بتصريح غير مسؤول، يهدد هذه العلاقات، وهذه نقطة جداً مهمة، وبخاصة أن السعودية ترى أن ألمانيا دولة شريكة في الحرب على الإرهاب، وفي تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة». وأضاف «واضح أن وزير الخارجية الألماني ينطلق من مواقف وانتماءات آيديولوجية معينة تؤثر في عمله السياسي، ومن المفترض بحكم منصبه أن يكون توجهه وطني ويخدم المصلحة الوطنية لبلاده، وألّا يقحم قناعاته الشخصية في عمله الدبلوماسي، فالجميع يعرف انتماءات غابريل، وهذه ليست المرة الأولى لتصريحاته ضد المملكة، في حين أن موقف مستشارة ألمانيا أنغيلا مركل موقف معلن وواضح، وكانت قبل أشهر في المملكة، ودائماً تؤكد حرصها على تعزيز العلاقات بين بلادها والمملكة». ولفت رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى إلى أن «الكرة في الملعب الألماني الآن، ويفترض أن تحتوي القيادة الألمانية هذا الموقف، وبخاصة أنه يتسبب لها في كثير من الحرج»، موضحاً أن «المملكة قد تتخذ قرارات ضد ألمانيا، لأن القضية ليست فقط تصريحات مغلوطة، بل تصريحات مليئة بالخطوط الحمراء التي لا تقبلها المملكة، وأتصور أن تتقدم الحكومة الألمانية باعتذار رسمي إلى المملكة على تجاوزات وزير خارجيتها، الذي تعرض للسيادة السعودية، ويفترض أن تبادر القيادة الألمانية إلى احتواء هذا الموقف، أما في حال الاستمرار بهذه الطريقة فأتصور أن السعودية قد تتخذ قرارات تطاول التعاون الاقتصادي، أو أية قرارات أخرى ترى الرياض أنها مناسبة لها». وكانت الصحافة العالمية تابعت باهتمام بالغ أمس (السبت) موقف المملكة الحازم ضد ألمانيا، مبرزة رد وزارة الخارجية السعودية على تصريحات غابريل، التي جاءت في حضور وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، وتأكيدها أن هذه التصريحات مستهجنة وبنيت على أساس معلومات خاطئة، ولا تخدم الاستقرار في المملكة. وأبرزت الوكالات العالمية تحرك الدبلوماسية السعودية الحازم ضد وزير الخارجية الألماني، وقيامها بسحب سفير المملكة لدى ألمانيا، في حين أشار محللون، بحسب مصادر صحافية، إلى أن وزير الخارجية الألماني يتحرك وفق انتماءاته الشخصية وليس وفق ما تمليه عليه مسؤولياته بصفته وزيراً لخارجية دولة مهمة في العالم مثل ألمانيا. وتابع المحللون أن غابريل ينتمي الى الحزب الديموقراطي الاجتماعي، الذي يختلف عن الحزب الذي تنتمي إليه المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، وهو ما أرجعه محللون إلى أنه يفسر تصريحاته بحق المملكة، والتي ليست الأولى من نوعها. ولفتوا إلى أن هذه التصريحات تتناقض تماماً مع ما تؤكده دائماً المستشارة الألمانية من مكانة المملكة العربية السعودية الكبيرة والمهمة في المنطقة والعالم. وكشف متابعون أن مركل تنتمي إلى حزب محافظ يتبنّى مواقف أكثر عقلانية تجاه مختلف القضايا الإقليمية، بما يضمن مصالح بلادها في المقام الأول، مقارنة بغابرييل الممسك بملف السياسة الخارجية الألمانية، الذي يعد غير معبر بالضرورة عن السياسة الألمانية، لكنه محرج لها. وفي ألمانيا تناول عدد من وسائل الإعلام ردود الفعل السعودية على تصريحات غابريل، رابطة بين مغادرة رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل سعد الحريري الرياض أول من أمس الجمعة إلى باريس، وهذه التطورات. دوافع سياسية وراء الحملات ضد المملكة نشرت وكالة أنباء عالمية ومواقع إخبارية دولية كبرى خبر مغادرة رئيس وزراء لبنان المستقيل سعد الحريري إلى فرنسا. وتصدر خبر مغادرة الحريري السعودية نشرات وكالات، مثل: تومسون رويترز، وفرانس برس، ومواقع بارزة، مثل: بي بي سي، وسي إن إن، إضافة الى أبرز التطورات، ما اعتبره متابعون «تأكيداً لصدقية المملكة، منذ اليوم الأول لاستقالة الحريري». مغادرة الحريري على عكس ما كان يتمناه البعض أسقط كثيرين في حرج شديد، وضرب صدقيتهم التي يتباهون بها، وبخاصة بعد استغلالهم بقاء الحريري في المملكة وتوظيفهم ذلك لخدمة أهداف ودوافع سياسية بعينها، بما يؤكد وجود دوافع سياسية وراء الحملات ضد المملكة. وجاء خبر مغادرة الحريري ليتسبب في إحراج بالغ لكثير من هذه الشخصيات السياسية والإعلامية، التي تورطت في مواقف ضد المملكة خلال الأيام القليلة الماضية، وبخاصة بعد أن ثبت عدم صحة هذه المواقف المغلوطة، التي تبنوها من دون تمحيص. الإعلام الألماني لم يكن بعيداً عن هذا الجدل، إذ نقل موقع تلفزيون دويشته فيله أن «الحريري وصل إلى باريس، بعد أسبوعين من التكهنات حول مصيره في السعودية، بعد تقديمه استقالته. بيد أن الآثار الجانبية لاستقالته أصابت العلاقات الألمانية - السعودية». وحذر الموقع، في تقرير له، أن «تصريحات وزير الخارجية الألماني تسببت في ردود فعل غاضبة من المملكة، تجلت بسحب السفير، وإصدار بيان رسمي، إضافة الى نشر تغريدة الحريري، التي وجهت نقداً حاداً لوزير الخارجية الألماني، حين أكد خبر مغادرته المملكة، وأنه في طريقه إلى المطار».