لو أجريت انتخابات الرئاسة المصرية غداً لرجحت أن يفوز بها الأخ عمرو موسى لأن اسمه معروف بين الناخبين أكثر من أي مرشح آخر بسبب ماضيه السياسي الطويل ومواقفه الوطنية. ولكن لو طالت فترة الانتظار، بعد الانتخابات البرلمانية في أيلول (سبتمبر)، لزادت فرص المرشحين الآخرين مثل الدكتور محمد البرادعي، وأي مرشح يحتضنه الإخوان المسلمون، وأرجح أن هذا المرشح سيخوض المعركة الانتخابية كمستقل لإبعاد الشبهة. وقرأت أن القيادي في الإخوان عبدالمنعم أبو الفتوح يفكر في خوض معركة الرئاسة. المرشحون كثيرون وهناك أسماء جديدة كل يوم، وقرأت مناظرة بين اثنين منهما هما حمدين صباحي، رئيس حزب الكرامة، وأيمن نور، رئيس حزب الغد. والأول قال إن مثله الأعلى جمال عبدالناصر والثاني اختار مصطفى النحاس. ووجدت بين المرشحين الفريق مجدي حتاته الذي أعلن أنه ليس مرشح القوات المسلحة، وقرأت نقلاً عن الدكتور كمال الجنزوري، رئيس الوزراء الأسبق، أنه يفكر في ترشيح نفسه للرئاسة، في حين حزم حمدي الطحان أمره مرشحاً بعد أن شغل في السابق منصب رئيس لجنة النقل والمواصلات في مجلس الشعب. كذلك قرأت مقابلة صحافية مع بثينة كامل، وهي حقوقية ونشطة سياسية أعلنت نفسها مرشحة للرئاسة. ثمة أسماء كثيرة أخرى غير ما سبق، إلا أنني أختار أن أركز على عمرو موسى الذي يقول إنه يريد أن يكون رئيساً لولاية واحدة، ومحمد البرادعي، لأنهما صديقان أعرفهما جيداً وأعتقد أنه لو فاز أحدهما بالرئاسة فسيرسي أسس حكم ديموقراطي حقيقي لم ترَ مصر والوطن العربي مثله منذ عقود. كلا الرجلين وطني جداً سجله في العمل يؤكد ذلك، غير أنني قرأت في الصحف المصرية نقيض ما أعرف عنهما، وأخونا عمرو وصف بأنه من أركان النظام السابق، مع أن الرئيس حسني مبارك أبعده لأنه كان مستقلاً في رأيه وينافس الرئيس في شعبيته، كما قرأت أنه والبرادعي ومحمد زويل خيار أميركي لا مصري ويحاولون سرقة الثورة المصرية، وإذا انتخب أي منهم فسيكون حسني مبارك آخر. هذا الكلام غير صحيح يدين قائليه، ويذكرني بتلفيق قصة عن جون كيري وهو ينافس جورج بوش الابن على الرئاسة الأميركية فالأول من أبطال حرب فيتنام، ونال أوسمة رفيعة، والثاني جبان فرّ الى أمن تكساس خلال الحرب بواسطة أسرته النافذة. ومع ذلك رددت الصحف قصة «مفبركة» تماماً عن قارب (سويفت) كأنّ كيري هو الجبان الفار من الجندية. إسرائيل انتقدت عمرو موسى دائماً وألصقت به صفة «ناصري سرّي» واعتبرته معارضاً للتطبيع، أما محمد البرادعي فإذا كان لا يكفيه فخراً فوزه بجائزة نوبل للسلام فهناك الوسام الآخر، وهو أن الولاياتالمتحدة كانت الدولة العضو الوحيدة التي صوتت ضد التجديد له رئيساً لوكالة الطاقة الذرية الدولية. وقد شن المحافظون الجدد حملات بذيئة عليه شاركهم فيها الليكوديون المعروفون. لا بد أن في عمل كل من المرشحَيْن أشياء كثيرة يمكن انتقادها ومناقشة جدواها، إلا أنني لا أفهم أن ينتقدا في ما هو عنصر قوة في أدائهما الوطني. وربما زدت هنا ما أعرف عن الدكتور أحمد زويل فقد حمل هموم مصر واهتماماتها معه الى أميركا، ولم أره مرة من دون حديث عن السياسة المصرية وكيف يمكن إصلاحها. على كل حال هناك «انتخابات» أخرى يهمني موضوعها كثيراً هي خلافة عمرو موسى في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ومرشحي (وهو أيضاً مرشح الحكومة المصرية) هو الدكتور مصطفى الفقي لأسباب تتجاوز الصداقة الى ما أعرف عن قدرته وأفكاره السياسية. كان الدكتور الفقي معارضاً للسياسة الداخلية والخارجية المصرية في السنوات الأخيرة، مع انه كان عضواً في مجلس الشعب، ثم في مجلس الشورى، وقد انتقد ممارسات نظام حسني مبارك علناً، وفي جلسات عامة بحضور كثيرين، من دون خوف أن ينقل الكلام عنه. وهو شكا لي مرة بعد مرة من أن مصر كلها أصبحت «رهينة التوريث». وكان يقترح سبل الخروج من أزمات مصر السياسية والاجتماعية، بل إنني خضت حواراً معه عن كيفية إيصال فوائد الاقتصاد المصري الى الفقراء بعد أن كتبت أن هذه الفوائد تقف عند الطبقة العليا ولا ترشح الى الفقراء. مصطفى الفقي ليس المرشح الوحيد لمنصب الأمين العام فقد طرحت قطر اسم الأخ عبدالرحمن العطية، الأمين العام السابق لمجلس التعاون، وهو مؤهل جداً، إلا أنني أرجح أن تصر مصر على أن يكون الأمين العام من دولة المقر، كما هو التقليد حتى الآن، ثم أجد أن الموضوع كله يبقى في مهب الريح، فهو رهن بانعقاد القمة العربية في بغداد، وموعدها أيار (مايو)، إلا أنها قد تؤجل مرة أخرى بسبب الأنواء التي تعصف بكراسي الحكم العربية. [email protected]