حماسة جمهور حفل افتتاح مهرجان كالكوتا السينمائي الدولي وابتهاجه الصاخب والمرح بوصول شاه روخ خان وأميتاب باتشان وصعودهما إلى المسرح، لا ينطفئان بمغادرتهما. فالصالات المخصصة لعرض أفلام مهرجان كالكوتا تستقطب، كهذا المسرح الذي جرى فيه حفل الافتتاح، الآلاف من محبي السينما بكل أنواعها. مسرح؟ هو في الحقيقة ملعب مغلق، إذ لا يمكن إلا لمدرجات ملعب أن تستوعب جمهوراً محباً للسينما بعامة ومبتهجاً بخاصة بظهور نجوم بوليوود أمامه، حتى لو كان ذلك في عقر دار سينما المؤلف، أي في «كالكوتا» عاصمة ولاية البنغال الغربي في الهند (في مقابل دكا عاصمة البنغال الشرقي في بنغلادش). «كالكوتا» العاصمة الثقافية للهند، كما يطلق عليها، ومرتع كبار المخرجين الذين أسسوا سينما المؤلف في شبه القارة الهندية، والبنغال الذي قدم بعض أفضل إنتاجات العالم السينمائية عبر اعمال ساتياجيت راي وشيام بنغال وميرنال سين وغوتام غوش. الشاب الذي صرخ شاه روخ خان خطف الأضواء، إنه النجم الأول لا نزاع في الأمر. كان الملعب مقر الافتتاح قد امتلأ سريعاً بالآلاف وكان الهدوء يسود المكان نسبياً قياساً بكل هذا الحضور، إلى أن صرخ أحد الشباب (على ذمة جريدة «ذي تلغراف» المحلية) قائلاً «انظروا هذا شاه روخان»! حينها اهتز الملعب بهدير الجماهير من المعجبين وبالطبع المعجبات المحبات لرومانسية الفتى الوسيم وحضوره القوي، ليس فقط على الشاشة بل على المسرح مدعوماً بثقة بالنفس تزيدها ربما الصيحات بل الصرخات قوة. أما بعد أن صعد «الملك»، كما يطلق على روخان في الهند، إلى المسرح وبدأ بإلقاء كلمته التي تخللتها عبارات باللغة البنغالية من نوع «هذه المدينة غنية بثقافتها وإرثها» أو «في المرة المقبلة سأتحدث البنغالية بالكامل»، فإنه كمن صب الزيت على نار الجماهير وحميتها. أما النجم الأقدم أميتاب باتشان الذي يدعى إلى حفل افتتاح المهرجان في كل مرة منذ أربع سنوات، فقد كان له شرف إشعال شمعة البداية وفق التقاليد الهندية. وهو بالطبع نال حصته من صيحات الجماهير ومحبتها، لكن، لكن... أقل بقليل من شاه روخ خان. وكان هناك على أي حال نجوم آخرون حضروا مثل كمال حسن والممثلة كاجول وغيرهما استقبلوا بحفاوة أيضاً. فالشعب هنا يعشق النجوم ويظهر عشقه خالقاً من حوله أجواء لاتراها إلا في الهند. كذلك ثمة حضور رسمي تمثل بوجود «مامتا بانيرجي» الوزيرة الأولى لحكومة البنغال الغربي التي تقدم الدعم الكامل للمهرجان. بعد انتهاء حفلة الافتتاح، غادر نجوم بوليوود واختفوا في مكان ما، ليذهب بقية المدعوين الأقل نجومية وهؤلاء الذين لا نجومية لهم (من أمثالنا) ليستعدوا لأسبوع حافل بسينما مقبلة من شتى أنحاء العالم. نعم فهذه هي «سينما العالم تأتي إلى البنغال» وهو شعار الدورة 23 من المهرجان الذي يعقد سنوياً من 10 إلى 17 تشرين الثاني(نوفمبر). يعرض فيها 143 فيلماً من 53 بلداً ضمن 16 قسماً في 12 دار سينما، من دون أن ننسى الأفلام الوثائقية والقصيرة. ثمة ثلاث مسابقات في المهرجان. مسابقة دولية يشترك فيها أربعة عشر فيلماً من فرنسا («ابن صوفيا» لإيلينا بسيكو) وألمانيا («العم فانيا» لآنا مارتينتز) وهنغاريا (« 1945» لفيرنس توروك) وإيطاليا («قصص حب لا يمكن لها أن تنتمي إلى هذا العالم» لفرنشيسكا كومنتشيني) وبولندا («الطيور تغني بالكيغالي»)، كما من الهند وتركيا وإيران والأرجنتين والبرازيل... ستذهب جائزة تمثال «نمر البنغال» الذهبي مع جائزة مالية إلى أفضل فيلم فيها. المسابقة الثانية هي للفيلم الآسيوي وتمنح جائزتها «نتباك» (هيئة تطوير السينما الآسيوية)، أما الثالثة فهي مسابقة لأفلام مقبلة من شتى أنحاء الهند وتمثل تنوعها اللغوي والمناطقي، من كشمير مثلاً وآسام وكيرالا... وهذه السنة ستخصص أيضاً جائزة لأفضل فيلم قصير وفيلم وثائقي. بالطبع ثمة تظاهرات موازية وهي عديدة، ومنها ما يتعلق بالسينما البنغالية التي يعدّ المهرجان مرجعاً مهماً لها، سواء القديم منها والذي يعتبر من الكلاسيكيات أم المعاصر. كذلك للسينما الهندية حيث استحدث في هذه الدورة قسم لعرض أفلام من الهند بلغات نادرة. كما أن هناك إضاءة على سينما بلد بعينه وهذا العام سيكون بريطانيا بأفلام كلاسيكية ومعاصرة مع استعادة أعمال ميكائيل وينتربوتون. وستقدم أيضاً عروض لحوالى أربعين فيلماً من أحدث الأفلام العالمية خارج اطار المسابقة الدولية. من ضمن هذه العروض فيلمان عربيان، الجزائري «في عمري ومازلت أختبىء كي أتكيف (أي كي أدخن)» لريحانا، والتونسي «على كف عفريت» لكوثر بن هنية. وإضافة إلى هذين الفيلمين من العالم العربي ثمة ستة أفلام مغربية تعرض ضمن قسم «إضاءة على السينما المغربية المعاصرة «، وهي «زيرو» لنور الدين لخمري و «خلف الأبواب المغلقة» لمحمد بن سودة و «اندرومان» لعز العرب العلوي و «الوتر الخامس» لسلمى بركاش و «المنسيون» لحسن بن جلون وفيلم نبيل عيوش الأخير «غزية».