أظهر تقرير اقتصادي حديث تراجع استهلاك السعودية من النفط خلال الربع الثالث من العام الحالي بنسبة 7.5 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016، وأن هناك تراجعاً ملحوظاً في استهلاك الديزل، الذي انخفض بنسبة 19 في المئة على أساس سنوي، ويعود ذلك في ما يبدو إلى تأثير استخدام بدائل الوقود أو تراجع النشاط في قطاعي النقل والتشييد. وعلى رغم تراجع كمية النفط الخام المستخدم في توليد الكهرباء بنسبة 8 في المئة على أساس سنوي، إلا أن استهلاك المنتجات النفطية الأخرى ارتفع بنسبة 17 في المئة، ويعتقد أن هذا الارتفاع يعزى إلى زيادة استخدام النافتا، إذ إن مجمع صدارة للبتروكيماويات والمرحلة الثانية من بترو رابغ بلغا مرحلة التشغيل الكامل خلال الربع الثالث لعام 2017، وكلا المجمعين يستخدم النافتا كلقيم (مادة خام). وأوضح تقرير صدر حديثاً عن شركة «جدوى للاستثمار» بعنوان «أسواق النفط العاليمة في الربع الثالث»، أن استهلاك البنزين ارتفع على أساس المقارنة السنوية، كما ارتفع بدرجة أكبر استهلاك زيت الوقود نتيجة للتوسع في استخدامه كبديل للمنتجات الأعلى كلفة، كالديزل أو النفط الخام في الفترة المقبلة، متوقعاً أن يؤدي تباطؤ نمو الاقتصاد وزيادة إنتاج الغاز على أساس سنوي إلى جعل الاستهلاك المحلي يرتفع بالحد الأدنى، ولكن هناك احتمالاً بأن يرتفع الاستهلاك المحلي بأعلى من تلك التوقعات، وذلك لأن الحكومة لم تطبق خطتها الرامية إلى رفع أسعار الكهرباء للمنازل إلى مستويات أسعار مرجعية كما كان متوقعاً في منتصف عام 2017. وبين أن منظمة «أوبك» رفعت تقديراتها للطلب العالمي على النفط للشهر الثالث على التوالي، ما عزز النغمة التفاؤلية إزاء أسعار النفط التي سادت في الشهور الأخيرة، وأدت تلك التقديرات مقرونة بالتطورات الجيوسياسية في العراق إلى ارتفاع أسعار خام برنت بنحو 6 في المئة، على أساس ربعي، في الربع الثالث ليصل متوسط سعره الى 52 دولاراً للبرميل. وتشير بيانات «أوبك» إلى أن إنتاج النفط الخام من أعضائها بلغ في المتوسط 32.6 مليون برميل في اليوم خلال الربع الثالث، مرتفعاً بنسبة 1.4 في المئة على أساس ربعي، في مقابل انخفاضه بنسبة 2.1 في المئة، على أساس سنوي، ويقل الإنتاج الكلي في الربع الثالث عن مستوى إنتاج المنظمة في تشرين الأول (أكتوبر) 2016، وهي النقطة المرجعية للخفض المتفق عليه بنحو 1.1 مليون برميل في اليوم، ما يشير إلى تحقيق مستويات مقبولة من الالتزام في الآونة الأخيرة. وأسهمت زيادة التفاؤل المتصلة بإمكان تمديد اتفاق أوبك لخفض الإنتاج في الاجتماع المقبل لأوبك في عودة أسعار خام برنت إلى ما فوق مستوى 60 دولاراً للبرميل، ويبدو أن خفض الإنتاج من أوبك وبعض المنتجين خارجها ساعد في دفع ميزان النفط العالمي اليومي إلى خانة العجز للربع الثاني على التوالي، كما تسبب في انخفاض مخزونات الخام التجارية لتقترب من متوسطها لآخر خمس سنوات بالنسبة للفترة القادمة. وأشار التقرير إلى أنه على رغم التفاؤل الذي ساد في السوق أخيراً، إلا أنه لا يزال هناك غموض إزاء ما تنوي فعله أوبك والدول المتعاونة معها بعد انقضاء أجل الاتفاق في آذار (مارس) 2018، وحالياً، لا يبدو أن هناك إجماعاً حول تمديد اتفاق الخفض، على رغم إعلان المملكة والإمارات عن استعدادهما لدعم أي تمديد. وأضاف: «في حال بقاء جميع العوامل الأخرى ثابتة، ومع افتراض عودة أعضاء أوبك والمنتجين خارج أوبك المشاركين في اتفاق خفض الإنتاج إلى مستويات إنتاجياتهم التي كانوا عليها في تشرين الاول (أكتوبر) 2016 بعد انتهاء أجل الاتفاق، يُتوقع أن يحقق ميزان النفط العالمي فائضاً بمتوسط 1.3 مليون برميل يومياً لعام 2018 ككل، وفي حال تحقق مثل هذا السيناريو، فإن الوضع سيكون أسوأ من تلك الفترة التي شهدت منافسة شرسة بين أعضاء أوبك والتي أدت إلى تخمة في المعروض خلال النصف الثاني من عام 2015 والنصف الأول من عام 2016 نتج منها تراجع متوسط سعر خام برنت إلى ما فوق 40 دولاراً للبرميل بقليل. من ناحية أخرى، تشير أحدث التقديرات لإدارة معلومات الطاقة الأميركية إلى زيادات كبيرة في إنتاج النفط الخام الأميركي في عامي 2017 و2018، ويُتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الأميركي بنسبة 10 في المئة، على أساس سنوي، عام 2017 ليصل إلى 9.8 مليون برميل يومياً وبنسبة 3,3 في المئة في عام 2018 ليصل إلى 10.1 مليون برميل، ويعتبر هذا الارتفاع أبطأ من وتيرة الارتفاع التي بلغ متوسطها 14 في المئة بين عامي 2012 و2015، لكنه يعتبر أسرع لدى مقارنته بمتوسط الإنتاج عام 2016 عند 8,8 مليون برميل في اليوم.