انخفض استهلاك السعودية من النفط خلال شهر كانون الثاني (يناير) الماضي بنسبة 15 في المئة على أساس سنوي، وشمل هذا التراجع جميع أنواع الطاقة تقريباً، وسط توقعات بأن يتأثر الطلب على النفط سلباً في النصف الثاني من العام 2017، بعد ربط الحكومة أسعار الكهرباء للمنازل بسعر مرجعي، لم يتم تحديده بعد، ابتداء من منتصف العام الحالي. ويشكل الطلب السعودي 3 في المئة من إجمالي الطلب العالمي على النفط. وبحسب تقرير شركة جدوى للاستثمار حول أسواق النفط العالمية خلال الربع الأول من 2017، فإن تحسن كفاءة استخدام الطاقة، مع زيادة استخدام الغاز وتباطؤ النمو الاقتصادي، أدى إلى تراجع استهلاك النفط الخام (في توليد الكهرباء) في المملكة إلى أدنى مستوى له خلال ما يقارب ثماني سنوات، وشهدت جميع أنواع المنتجات المكررة تراجعاً في الطلب عليها، باستثناء غاز النفط المسال، على أساس المقارنة السنوية. وتوقع أن يؤدي تباطؤ النمو الاقتصادي والتأثير المستمر لزيادة إنتاج الغاز، على أساس سنوي، إلى جعل استهلاك النفط يرتفع بدرجة طفيفة في الربع الثاني للعام 2017، حتى على رغم ارتفاع الطلب بسبب ارتفاع درجات الحرارة خلال ذلك الربع. وأشار إلى أن هناك ست محطات لتوليد الكهرباء يتوقع أن ينطلق تشغيلها خلال العام، إضافة إلى أن مجمعي صدارة وبترو رابغ 2 لإنتاج البتروكيماويات سيبلغان طاقتهما القصوى، ما يؤدي إلى ارتفاع الاستهلاك المحلي في المملكة. إجمالاً، يمكن القول إن استهلاك المملكة سيبقى من دون تغيّر عند نحو 2.9 مليون برميل يومياً، على أساس المقارنة السنوية في عام 2017. وبيّن تقرير «جدوى» أنه على رغم ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية بنسبة 10 في المئة في الربع الأول للعام 2017 مقارنة بالربع السابق، إلا أن مستويات التذبذب ارتفعت هي الأخرى، موضحاً أن متوسط إنتاج دول منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) هبط خلال الربع الأول من العام الحالي بواقع 1.6 مليون برميل يومياً، مقارنة بمستوى الإنتاج في تشرين الأول (أكتوبر) 2016، وسجل 32 مليون برميل، ما أسهم في تقليل الفائض بأسواق النفط العالمية، كما أن التزام روسيا باتفاق «أوبك» خفض الإنتاج أسهم في تراجع الفائض النفطي. وعلى رغم ذلك، فإن التخوف من حدوث ارتفاع سريع في إنتاج النفط الأميركي، وعدم وجود تراجع قوي في مخزونات الخام التجارية التي سجلت مستويات قياسية، أديا إلى هبوط أسعار النفط بنسبة 5 في المئة خلال يوم واحد مطلع آذار (مارس) الماضي. وقال إنه منذ ذلك الحين ارتفعت الأسعار جزئياً نتيجة لعلاوة مخاطر تتصل بالتطورات الجيوسياسية في المنطقة، وكذلك بسبب المحادثات بشأن تمديد فترة اتفاق خفض الإنتاج لدى «أوبك». وأضاف التقرير أنه بحسب الوضع الحالي، فإن هناك مخاطر مع كلا النتيجتين المحتملتين في ما يتعلق بموضوع تمديد اتفاق خفض الإنتاج، ففي حال لم يتم الاتفاق على تمديد الخفض، وفي ظل عدم وجود سقف محدد للإنتاج، فإن أعضاء «أوبك» ربما يعودون مرة أخرى إلى التنافس بهدف الحصول على حصص سوقية، كما كانت عليه الحال قبل إبرام اتفاق الخفض، ما يؤدي إلى زيادة الإنتاج إلى مستويات أعلى بكثير من المستويات الحالية. وأكدت «جدوى» أنه في حال تم الاتفاق على الخفض وتم تنفيذه بنجاح، فربما يؤدي ذلك إلى زيادة التوازن في السوق، ومن ثم زيادة أسعار النفط، ما يشجع بالتالي منتجي النفط الصخري الأميركيين إلى زيادة إنتاجهم بوتيرة أعلى من السابق. وعلى رغم ارتفاع أسعار النفط بنسبة 10 في المئة في الربع الأول للعام 2017 مقارنة بالربع السابق، إلا أن مستويات التذبذب ارتفعت هي الأخرى، خصوصاً في الأيام الأخيرة من الربع، ففي الوقت الذي تحقق استقرار أولي للأسعار من خلال التنسيق الذي تم بين «أوبك» وبعض المنتجين خارجها، نجد أن التخوف من حدوث ارتفاع سريع في إنتاج النفط الأميركي وعدم وجود تراجع قوي في مخزونات الخام التجارية التي سجلت مستويات قياسية، أديا إلى هبوط أسعار النفط بنسبة 5 في المئة خلال يوم واحد في مطلع مارس. وتشير أحدث بيانات «أوبك» إلى أن الطلب العالمي على النفط سينمو في الربع الثاني بنحو 1.2 مليون برميل يومياً، مقارنة بالربع نفسه من العام السابق، ولكن من دون تغيّر يذكر مقارنة بالربع السابق، ولا يزال هذا النمو دون متوسط النمو السنوي للعامين الأخيرين والذي بلغ 1.57 مليون برميل يومياً، ويُتوقع أن ينتعش الطلب العالمي في النصف الثاني من عام 2017، إذ يُنتظر أن ترتفع معدلات النمو السنوي بدرجة طفيفة لتصل إلى 1.3 مليون برميل في اليوم. وبيّن التقرير أنه في أميركا، التي يمثل الطلب فيها نسبة 21 في المئة من الطلب العالمي على النفط، تشير البيانات الموقتة للربع الأول للعام الحالي إلى تراجع الطلب السنوي على البنزين بنسبة 3.2 في المئة، على أساس المقارنة السنوية، ويعود هذا التراجع على الأرجح إلى الاستهلاك المرتفع بطريقة غير طبيعية في العام الماضي عندما هبطت أسعار النفط والبنزين إلى مستويات لم تشهدها منذ سنوات عدة.