في محافظة الفيوم التي كانت معقلاً إنتخابياً سابقاً للإسلاميين في جنوبالقاهرة، يقول كثيرون إنهم سيدعمون قائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي الذي أطاح بالرئيس الإسلامي محمد مرسي الذي سبق ودعموه وصوتوا له بكثافة في انتخابات 2012. ووصلت إلى الفيوم، المحافظة الزراعية الفقيرة الواقعة على بعد قرابة 100 كم جنوب غرب القاهرة، حالة الحماس العامة لقائد الجيش السابق السيسي الذي يعتبره كثير من المصريين بطلاً بعد إطاحته بالرئيس الإسلامي محمد مرسي في 3 تموز (يوليو) الفائت. ويبدو فوز السيسي المشير المتقاعد الآن محسوماً في الإنتخابات التي ستجري الإثنين والثلثاء المقبلين. وتعد الفيوم معقلاً تقليدياً للإسلامين. وقد فاز فيها مرسي ب77 في المئة من الأصوات في انتخابات 2012، التي جاءت به للحكم. لكن المزاج العام الآن هناك متعلق بالسيسي، الذي تعلق صوره ولافتاته بجوار المباني الحكومية ومقرات الأمن وحواجز الجيش. وفي الأزقة الضيقة والمزدحمة في السوق الشعبي، ينظر الناس للسيسي على أنه القائد الوحيد القادر على إستعادة الأمن وإحياء الإقتصاد الذي تضرر بشكل سيء للغاية، جراء ثلاث سنوات من الإضطرابات التي أعقبت الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق والقوي حسني مبارك. ويقول بائع الفاكهة أحمد قطب (36 عاماً) لوكالة فرانس برس "نحن نريد الأمن والإستقرار. أنا بائع حر أريد أن أكسب قوت يومي وقوت أبنائي". وأشار قطب الذي صوت ل"حزب النور" السلفي خلال الإنتخابات البرلمانية العام 2011، أن الناس تنبذ الإسلاميين الآن بعد تجربة حكم "الإخوان المسلمين" التي لم تستمر أكثر من عام واحد. وأضاف أن "الناس لا تثق في التيار الإسلامي الآن بسبب +الأخوان+. كل التيار الإسلامي تمت تنحيته جانباً". ومنذ عزله، ينظم أنصار مرسي تظاهرات أسبوعية في الفيوم للمطالبة بعودته للحكم. وعادة تتحول هذه التظاهرات إلى مواجهات دامية بين المتظاهرين الإسلاميين الغاضبين والشرطة. لكن حملة القمع ضد أنصار مرسي التي خلفت 1400 قتيل وقرابة 15 ألف معتقل عبر البلاد، قللت كثيراً من حجم هذه التظاهرات. ويقول معارضو ومنتقدو السيسي، إن مصر تنتظر حكماً ديكتاتورياً في عهده، معبرين عن مخاوف من تراجع الحقوق والحريات. لكن كثيرين في الفيوم قالوا إنهم يؤيدون تولي رئيس قوي السلطة لإستعادة النظام في مصر ما بعد الثورة. ويقول صلاح حسين (43 عاماً) وهو صاحب محل للأحذية "نحن شعب فرعون. هذا البلد يحتاج إلى رجل قوي ولا رجلاً ضعيفاً". وعندما سئل عن "الإخوان المسلمين"، تدخلت زوجته المحجبة التي كانت ترتدي عباءة سوداء قائلة "ليس لنا علاقة بالإخوان. رجاء إتركنا وشأننا". ويؤكد المهندس سيد فتحي (42 عاماً) أنه سيصوت للسيسي بسبب خلفتيه العسكرية التي تجعله الشخص الأنسب لاستعادة الأمن. وقال لفرانس برس "إنه رجل عسكري ونحن معتادون على الحكم الجيد لرجال الجيش". وجاء كل رؤساء مصر السابقين من الجيش فيما كان مرسي هو الإستثناء الوحيد لأنه أول مدني يحكم البلاد. وقبل أيام قليلة من إنطلاق السباق الإنتخابي بين السيسي ومنافسه الوحيد اليساري حمدين صباحي، تقوم حملاتهما بالدعاية بشكل نشط. ويقع مكتب حملة السيسي في الفيوم بالقرب من مديرية الأمن ومباني حكومية أخرى، في منطقة أحيطت بجدران إسمنتية وتحميها مدرعات للشرطة والجيش. ويشير إبراهيم زيدان رجل الأعمال الأربعيني الذي يعمل في العقارات أن موقع مكاتب الحملة يأتي "لتفادي حدوث أي شيء". وأضاف "لكن لن يحدث أي شىء ونحن لا نشعر بأي قلق". وعلى الرغم من المؤشرات التي تقول إن السيسي سيكتسح الإنتخابات، لا تزال عزيمة محمود البيسي، عضو حملة صباحي قوية وهو يوزع منشورات تدعو لإنتخاب صباحي. وقال البيسي إن العنف الذي ضرب الفيوم ترك "شعوراً بالياس والإحباط" لدى الناس. وأضاف أن "الذين يتناقشون أو يعبرون عن آرائهم نادرون (...) الناس ترى الأمر (الإنتخابات) محسوماً".