يعتبر معهد إعداد المدرسين في ريف اللاذقية، أحد المعاهد القليلة العاملة في سورية ويقدم بديلاً مقبولاً عن الجامعات الحكومية للطلاب الحاصلين على شهادة التعليم الثانوي أو للمنقطعين عن الدراسة في الجامعات. ويواصل المعهد عمله في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة في ريف إدلب الغربي بعد سيطرة النظام على مناطق ريف اللاذقية، ويتبع لمديرية المعاهد المتوسطة في وزارة التربية والتعليم في الحكومة الموقتة. وكان المعهد تأسس قبل عامين في موقع استراتيجي بين ريفي اللاذقية الشمالي وإدلب الغربي ليكون قادراً على استيعاب أكبر عدد من الطلاب من أبناء هذه المناطق. ولكن بعد سيطرة النظام على ريف اللاذقية تم نقله إلى قرية خربة الجوز الحدودية في ريف إدلب الغربي ليتابع أعماله من هناك. الدراسة في المعهد مجانية، وهناك رسم اشتراك سنوي يناهز 30 دولاراً، يدفعه الطالب مقابل تأمين المحروقات للتدفئة والنقل. ولا يشترط للتسجيل معدل محدد فيما يخضع الطلاب لإختبار دخول من قبل لجنة من المدرسين تقوم بطرح بعض الأسئلة على الطالب وعلى أساس الإجابة يتم قبوله بالفرع الذي يرغب فيه، علماً أن المنهاج الذي يدرس مأخوذ من الجامعات الحكومية السورية بعد تعديلات طفيفة. وتقول لمى حمادو وهي إحدى الطالبات في المعهد: «مدة الدراسة سنتان، وهناك فروع مختلفة منها الأدب الإنكليزي والعلوم والتربية والرياضيات... وتم إنشاء فرع جديد للأدب العربي». ويحصل الخريجون على العديد من الفرص بالعمل ومتابعة الدراسة، فالمعهد عدا عن كونه مرغوباً بشكل كبير بسبب قلة تكاليف الدراسة فيه مقارنة بالجامعات المتوفرة في مناطق المعارضة وتأمينه المواصلات، فإنه يوفر جودة في التعليم وضغطاً للمعلومات التي يتلقاها الطلاب في سنتين فقط. ويقول الطالب أحمد الحسن إن المستوى التعليمي جيد جداً في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الطلاب حاليا خصوصا وأن معظهم منقطع عن الدراسة لفترة طويلة. فقد وفر المعهد فرصة لتحقيق أحلامهم بالعودة للدراسة وامكانية المتابعة في كل من جامعتي إدلب وحلب. ويمكن الطالب أن يستكمل التخصص في الفرع ذاته ابتداءً من السنة الثالثة. ويوضح الحسن أن وضع الطلاب كان صعباً جداً مع بداية الثورة حيث أجبر الكثير منهم على ترك جامعاتهم والهرب نحو مناطق المعارضة خوفاً من الاعتقال وبحثاً عن الأمان. ولكن حالياً تحسن الوضع مع وجود معاهد وجامعات يحصل فيها الطلاب على شهادات من قبل الحكومة الموقتة ويتم الاعترف بها من بعض الدول. ويقول مدير المعهد رمضان زمو ل «الحياة»، إن فكرة تأسيس المعهد كانت قيد التداول منذ ما يقارب خمس سنوات وخرجت إلى حيز التنفيذ قبل عامين بهدف إستيعاب عدد كبير من الطلبة الجامعيين المنقطعين عن جامعاتهم بسبب الفوضى والصراع المسلح وانشقاقهم عن مؤسسات النظام، وكذلك لتأمين كوادر مدرسين ومعلمين للمدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية التي نشطت في المناطق المحررة لاستيعاب الأطفال الذين تقطعت بهم السبل وأصبحوا عرضة للضياع الكامل في ظل هروب أعداد كبيرة من الكوادر التعليمية خارج البلاد. ووفق زمو يهدف المعهد أيضاً إلى استيعاب طلاب الثانويات العامة بفروعها العلمية والأدبية الذين حصلوا على شهاداتهم قبل 2011. وبدأ العمل والتدريس في المعهد في شكل تطوعي، إذ تمت طباعة الإعلانات وتوزيعها على الأرياف والحواضر والمساجد وسريعاً انخرط حوالى 350 طالباً وطالبة، ليبدأ التعليم بداية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 وتم تأمين الكادر التدريسي من الاساتذة الموجودين في ريف اللاذقية المحرر في جبلي الأكراد والتركمان ومن أبناء ريف إدلب وجسر الشغور الغربي، وبعد أشهر تم اعتماد المعهد رسمياً من قبل المؤسسة الداعمة للمعاهد المتوسطة الموجودة في الداخل ومن قبل وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية الموقتة. وأوضح زمو أنه يتم تعيين الكادر التدريسي من خلال اختيار الأكفاء وفتح باب التسجيل للأستاذة الراغبين في شكل رسمي عبر تقديم طلبات توظيف في ديوان المعهد ويتم اختيار الأفضل وفق بعض المعايير. وخرج المعهد أول دفعة من الطلاب الصيف المنصرم وبلغ عددهم 77 فيما انخرط فيه 250 طالبا جديداً. وتم تعيين قسم كبير من الخريجين كمدرسين ومعلمين في مدارس مديرية التربية الحرة في اللاذقية ومدارس المجمع التربوي في جسر الشغور. ويعاني المعهد من مشاكل تتلخص في الوضع الأمني السيء وانقطاع الدعم المادي منذ تسعة أشهر، ما إثر على انتظام رواتب العاملين من إداريين ومدرسين ومستخدمين.