تتصاعد الضغوط السياسية والشعبية الداخلية من جهة، والأميركية من جهة ثانية، على رئيس الوزراء نوري المالكي في قضية تمديد بقاء قوات الاحتلال في البلاد بعد عام 2011، فيما يبدو الوضع غير قابل لتوافقات في ظل خلافات مستحكمة منذ تشكيل الحكومة. وفيما أبدى «التحالف الكردستاني» صراحة قبوله تمديد بقاء القوات الأميركية، يخشى ائتلاف «دولة القانون» بزعامة المالكي اتخاذ موقف واضح، على رغم أن عدداً من قادته رحبوا بالفكرة، فيما يرفض التيار الصدري بشكل مطلق التمديد، وتربط «العراقية» بزعامة أياد علاوي موافقتها بتنفيذ «شروط معينة». ودعا وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس المسؤولين العراقيين امس إلى الإسراع في طلب تمديد بقاء قسم من جنودها إلى ما بعد 2011 لأن «الوقت ينفد» في واشنطن. وقال غيتس أمام الجنود المتمركزين في قاعدة «ماريز»، قرب الموصل قبل توجهه إلى أربيل: «رسالتي الأساسية لهم (...) أننا منفتحون على احتمال البقاء في مناطق يحتاجوننا فيها، إنما عليهم طلب ذلك لأن الوقت ينفد في واشنطن». وأضاف: «من الواضح أن الوجود سيقتصر على قسم من القوات الموجودة حالياً. في الواقع، الأمر يعود إلى العراقيين في هذه المسألة وأعتقد أن ذلك سيشكل جزءاً من أي مفاوضات». وكان غيتس التقى ظهر امس رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في إطار زيارته للعراق للبحث في الأوضاع الأمنية بعد رحيل القوات نهاية العام الجاري. وتؤكد المعلومات أن كبار القادة الأمنيين والعسكريين العراقيين طلبوا من المالكي الموافقة على بقاء القوات الأميركية إلى مابعد نهاية عام 2011 بسبب استمرار التحديات الأمنية من جهة، وحاجة العراق إلى منظومات دفاع جوية وأرضية تساعده في صد اعتداءات خارجية متوقعة. وقال الناطق باسم السفارة الأميركية في بغداد ايرون سنايب في تصريح مقتضب إلى «الحياة» إن «الأمر بيد العراقيين. الاتفاق الأمني يتيح التمديد». وأضاف أن «ما يهمنا أن تتم تسمية مرشحي الوزارات الأمنية لأن القضية لا تخصنا بل تخص العراقيين وحدهم». وأوضح أن «قوات الأمن العراقية قادرة على مسك الملف الأمني، وتقوم بهذه المهمة بالفعل منذ عام ونصف العام تقريباً. ونتطلع إلى تعزيز هذه القدرات في جانبها المهني والقتالي والتسليحي». لكن هناك صعوبة في إيجاد توافق بين الكتل السياسية حول تمديد بقاء القوات بعد عام 2011 بسبب الخلافات المستحكمة بين الكتل السياسية الرئيسية على تنفيذ اتفاقات معلقة بين «العراقية» و»دولة القانون» والرفض المطلق الذي يبديه «التيار الصدري» الحليف السياسي للمالكي لبقاء تلك القوات في البلاد. وقال النائب الكردي محمود عثمان ل «الحياة» إن «التحالف الكردستاني مع بقاء القوات الأميركية في البلاد بعد عام 2011 بسبب وجود حاجة ماسة وكبيرة إليها في الوقت الراهن». وأشار إلى أن «الوضع الأمني ليس على ما يرام والوزارات الأمنية شاغرة». وأوضح أن «البلاد في حاجة إلى دعم إضافي من القوات الأميركية والاتفاق المبرم بين بغداد وواشنطن يتيح لها التمديد «. وأعلن النائب عن «العراقية» محمد سلمان أن كتلته لن توافق على تمديد بقاء القوات الأميركية إلا بشروط «قانونية». وأوضح في تصريح إلى «الحياة» أن «العراقية لن توافق على التمديد إلا بعد اكتمال الشرط القانوني للاتفاق الأمني والمتمثل في عرض الاتفاق على الاستفتاء الشعبي كما اقر البرلمان ذلك». وزاد أن «القضية الأخرى هي ضرورة مطالبة القوات الأميركية بتعويضات». وأشار إلى أن «هناك العشرات من الأخطاء التي ارتكبها الجيش الأميركي ولن نتنازل عن شرط التعويضات». وأقر البرلمان أواخر عام 2008 الاتفاق الأمني الذي وقعته الحكومتان العراقية والأميركية بعد سجالات طويلة. واشترطت كتل سياسية للتصويت لمصلحة الاتفاق بإضافة ملحق يتضمن عرض الاتفاق على الاستفتاء الشعبي ووافقت كل الكتل على ذلك، باستثناء «التيار الصدري». لكن الاستفتاء لم يجر في موعده المحدد . وأفاد مصدر رفيع المستوى في «التحالف الوطني» أن «رئيس الوزراء يمر الآن بمأزق حقيقي فالتيار الصدري الذي كان له دور كبير في بقاء المالكي لولاية ثانية يعد اشد المعارضين لبقاء القوات الأميركية وهناك صعوبة في إقناعه بالعدول عن موقفه».