«عكاظ» ترصد توافد المصلين لأداء صلاة العشاء والتراويح بالمسجد النبوي الشريف، في الليلة الأولى من شهر رمضان المبارك.    توني: بعدما أدرك الهلال التعادل استخرجنا طاقة ونجحنا في الفوز    جمعية رعاية الأيتام بضمد تبارك للطالب عبدالعزيز الحازمي فوزه بجائزة العثيم للتميز    جمعية «صواب» تشرك المتعافين من الإدمان إحتفالية يوم التأسيس    اعتدال إبراهيم الشيخ علي إلى رحمة الله    جمعية«اتزان» تعقد اجتماعاً تحضيرياً لفعاليات يوم التأسيس بجازان    فلبيني يُشهر اسلامه في مكتب دعوي «أبو عريش»    وزير الدفاع يهنئ القيادة بمناسبة حلول شهر رمضان    أمير منطقة جازان يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك    ترمب: زيلينسكي أهان الولايات المتحدة وأظهر عدم احترام لأمريكا    اللهيبي تشارك الطلاب والطالبات في رسم جدارية «يوم بدينا» في ذكرى التأسيس    "البريك":رفع التهنئة للقيادة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك    السومة يبتعد عن حمدالله مجدداً ويعزز رقمه القياسي    هاتريك توني يقود الأهلي للفوز على الهلال    ميسي: لم أشعر بالمتعة في باريس سان جيرمان    ميدفيديف : زيلينسكي تلقى "صفعة قوية" من ترامب    «مايكروسوفت» تعلن إغلاق منصة «Skype»    روسيا ترى أن ترمب تحلى بضبط النفس حيال "الحثالة" زيلينسكي    أمير تبوك يرفع الشكر للقيادة الرشيدة على التبرع السخي لحملة جود المناطق    محافظ الطائف يهني القيادة بحلول شهر رمضان المبارك    الشباب يتفوق على ضمك بثنائية    جمعية أضواء الخير تطلق مبادرة تطوعية لتهيئة المساجد لشهر رمضان الكريم    «هاتريك» توني يقود الأهلي لفوز مثير على الهلال    معلمو ومعلمات جدة يرسمون الوطن في ذكرى التأسيس    نائب أمير تبوك يهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة حلول شهر رمضان    القبض على 4 مخالفين لنظام الحدود لتهريبهم 60 كيلوجراماً من القات    بلدية محافظة ضرية تنهي استعداداتها لاستقبال شهر رمضان    تسليم 330 وحدة سكنية ممولة من الصندوق السعودي للتنمية في تونس    وزير الخارجية يهنئ القيادة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك    ت وزارة الداخلية تبدأ في تنفيذ إجراءات العفو عن النزلاء والنزيلات المحكومين في الحق العام    شاهد.. الجمارك تحبط 4 محاولات تهريب أكثر من 500 ألف حبة محظورة    نزاهة: إيقاف 131 شخصا تورطوا بقضايا فساد في 8 جهات حكومية    الملك سلمان: نحمد الله الذي بلغنا رمضان شهر الرحمة والمغفرة    مفتي المملكة يهنئ القيادة والمسلمين بحلول شهر رمضان    عملية جراحية دقيقة استغرقت 6 ساعات.. نجاح فصل التوأم الملتصق البوركيني "خديجة وحواء"    خطيب المسجد الحرام: فريضة الصيام فرصة كبرى لاعتياد مجاهدة النفس وكفّ الألسن عن السوء    المملكة تعرب عن رفضها لأي خطوات أو إجراءات غير شرعية تتم خارج إطار عمل المؤسسات الرسمية لجمهورية السودان قد تمس وحدته ولا تعبر عن إرادة شعبه    نجاح عمليات انسداد الأنف بجهاز الكوبليشن تحت التخدير الموضعي في تخصصي بريدة    «الغذاء والدواء» تحذّر من مرقة الدجاج «maragatty» وتدعو إلى التخلص منها    الجدعان: السعودية تتبنى نموذجاً يسمح ل«الخاص» بتطوير البنية التحتية    الذهب يسجل أكبر انخفاض أسبوعي في ثلاثة أشهر مع ارتفاع الدولار ومخاوف الرسوم    محافظ خميس مشيط يدشن معرض يوم بدينا لجسفت عسير    تراجع التضخم في فرنسا إلى أدنى معدلاته خلال 4 سنوات    نتنياهو يخطط لتمديد المرحلة الأولى من الهدنة    ب 300 مليون دولار.. تعاون بين «سلمان للإغاثة» و«الصحة العالمية» لاستئصال شلل الأطفال في العالم    القادسية يتفق مع هيئة الصحفيين على «شراكة إستراتيجية»    ديوانية القلم الذهبي تتناول الرواية وعلاقتها بالسينما في لقاءها الأسبوعي    مدرب الاتحاد.. الأفضل في شهر فبراير بدوري روشن    العديلي يعود للقصة ب«وقت للحب وقت للحرب»    خدمات رمضان جندي خفي في مناطق الصراع    5 خطوات لتعزيز صحة قلب الأطفال    لاعبون مصابون ب«فوبيا الطيران»    البكيرية تحتفل باليوم العالمي للفراولة    مع عيد الحب    «فنّ المملكة» في جاكس    تراثنا في العلا    صائم ونفسي رأس خشمي    الأردن يؤكد دعم سيادة سوريا والتنسيق لضبط الحدود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة في الثقافة السياسية أيضاً
نشر في الحياة يوم 08 - 04 - 2011

للثورات الشعبية الحاصلة في عديد من البلدان العربية أهمية تاريخية أخرى، غير تلك التي تتعلّق بإزاحة الأنظمة التسلّطية، وتتمثل في التغيرات التي تحدثها، وتحفرها، في الثقافة السياسية السائدة، في المجتمعات العربية؛ بما في ذلك فتح ادراكات الأفراد على أهمية إمساك مصائرهم بأيديهم، وإحضار أوسع قطاعات منهم، من حال التغييب واللامبالاة، إلى ميادين المشاركة السياسية، وتعريف عموم الناس على كثير من المصطلحات المفتاحية في العلوم السياسية.
هكذا، وإضافة إلى تعبيرات الحرية والكرامة والعدالة والمساواة والوحدة الوطنية والديموقراطية، فإن تعبيرات من مثل: الدستور، ودولة القانون والمؤسسات، وتكافؤ الفرص، والتعددية الحزبية، والدولة المدنية، والعقد الاجتماعي، والحريات الفردية، والفصل بين السلطات، واستقلالية القضاء، وتحييد الجيش عن السياسة الداخلية، ونبذ الحكم المطلق، والحد من سلطة الرئيس، وتحديد ولاية الحاكم، لم تعد حكراً على نخب المثقفين، فقط، وإنما باتت من التعبيرات المتداولة في الخطابات السياسية لعموم الناس.
في هذا الإطار ربما يصحّ الاعتقاد، أيضاً، بأن التغيّر الأكثر أهمية في هذه الثقافة إنما يكمن في تحولها من ثقافة ترتكز على العنف (اللفظي والجسدي)، ونبذ الآخر، إلى ثقافة ترتكز على الحوار، واحترام المختلف، والقبول بواقع التعددية، والتركيز على الطابع السلمي للثورة الشعبية، حتى في مواجهة قمع السلطة (على رغم الاستثناء الليبي حتى الآن).
ولعل تلك النزعة السلمية بالذات، التي اتّسمت بها الثورات العربية (في تونس ومصر واليمن) هو ما ينبغي ملاحظته، ومتابعة تطوراته عن كثب، بالنظر الى أهمية ذلك بالنسبة الى تقرير مستقبل التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية في البلدان العربية، وتأكيد استقرارها. وأهمية هذه النزعة، أيضاً، أنها شكّلت واحدة من المفاجآت العديدة للثورات الحاصلة، وعلامتها الخاصة أو المتميزة، بين مجمل التجارب العالمية المماثلة.
وفي الحقيقة فإن هذه الثورات أحدثت قطعاً مع ثقافة الثورة المسلحة، أو الثورة الشعبية المحمولة على العنف، والتي مفادها أن «العنف مولّد التاريخ»، وهي الثقافة التي استمدت شرعيتها من الثورتين الفرنسية والروسية (في القرنين التاسع عشر والعشرين)، لمصلحة الاقتراب أكثر من تجربتي التحرر الوطني في الهند بواسطة «اللاعنف»، والكفاح ضد النظام العنصري في جنوب إفريقيا، بواسطة النضال الشعبي والعصيان المدني (وهي ذات التجربة التي اعتمدتها الثورة الإسلامية في إيران وقطعت معها في ما بعد).
وتستمد هذه القطيعة أهميتها، أيضاً، من كونها حصلت في المنطقة العربية، التي لطالما اعتبرت بمثابة بيئة مفتوحة على احتمالات الفوضى والنزاعات الأهلية العنيفة، بالنظر الى تجارب الصراعات الأهلية فيها (في لبنان والجزائر واليمن وفلسطين والعراق والسودان)، وبالنظر إلى شيوع نوع من ثقافة شعبية فيها تنحو نحو إعلاء شأن المقاومة المسلحة، إلى درجة تقديسها، ووضعها خارج النقد والمساءلة (على ما جرى طويلاً في شأن التجربتين الفلسطينية واللبنانية).
ما الذي يمكن استنتاجه من كل ذلك؟ من هذا التحول، في ما يمكن تسميته بالثقافة النضالية، في هذه المنطقة، من الثورة العنيفة إلى الثورة السلمية، يمكن الاستنتاج بأن قطاعات الشباب باتت أكثر وثوقاً بذاتها، وبقدراتها، وبذاتها الجمعية. وفيما ان الثورة المسلحة تحتاج إلى «طليعة» وإلى عمل سري، تتقنه نخب صغيرة فقط، فإن الثورة الشعبية تحتاج إلى زجّ اكبر قطاعات ممكنة من الشعب في الميادين والشوارع والساحات المكشوفة في المدن.
كما يعني ذلك أن ثقافة العنف، والثورة العنيفة، باتت مستهلكة جداً عند هذه القطاعات، بعد أن تبين عدم جدواها، وارتداداتها العكسية، على المجتمعات العربية؛ وهذا ما يمكن تبيّنه في تجربة «حزب الله» في الداخل اللبناني، وفي تجربتي «فتح» و «حماس» في الداخل الفلسطيني، ناهيك عن تجارب كهذه في العراق واليمن والجزائر.
وما يمكن ملاحظته هنا، أيضاً، هو أن هذا التحول في الثقافة النضالية السائدة بات يشمل حتى طبيعة التعامل مع تجارب المقاومة المسلحة ضد إسرائيل، إذ باتت هذه التجارب خصوصاً تجربتي المقاومة المسلحة في فلسطين و «حزب الله» في لبنان تواجه نوعاً من النقد، والمساءلة؛ أكثر من ذي قبل.
وبديهي أن هذا النقد لم يعد يقتصر على العفوية والتجريبية في العمل المقاوم، ولا على التوظيفات السياسية لهذه العملية أو تلك (وزمانها ومكانها)، وإنما هو بات يشمل السؤال عن حسابات الجدوى، والربح والخسارة، والحض عن إيجاد بدائل نضالية أكثر ملاءمة لأحوال الفلسطينيين وإمكاناتهم.
وفي هذا الإطار يمكن القول إن الإحباط من هذه المقاومات التي تحولت إلى سلطات شمولية بمعنى الكلمة، والتخوف من ارتدادات عنفها (على إسرائيل) داخل مجتمعاتها بات يشكل الأساس الذي يمهّد لانحسار ثقافة العنف، وضمنه إنزال فكرة الثورة المسلحة (وضمنها المقاومة المسلحة) من مكانتها المقدسة، إلى المجال الدنيوي، بإخضاعها لسؤال النقد والمساءلة والجدوى. هكذا باتت الثورة شعبية وسلمية.
* كاتب فلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.