أعلن نواب تونسيون عن تأسيس جبهة نيابية جديدة تضم نواب من مختلف الكتل باستثناء كتلة حركة «النهضة» الإسلامية، فيما حذر محافظ المصرف المركزي التونسي من ارتفاع التضخم في البلاد إلى مستويات تاريخية ما يهدد طموحات رئيس الحكومة يوسف الشاهد في تحقيق النمو. وأورد البيان التأسيسي للجبهة البرلمانية الجديدة الصادر أمس، أنها تهدف إلى «العمل على إعادة التوازن البرلماني بتوحيد المواقف والرؤى داخل البرلمان من أجل إضفاء نجاعة على العمل الاشتراعي والرقابي وكل ما يتعلق بالهيئات الدستورية ومسار استكمال بناء مؤسسات الجمهورية الثانية». وشددت «الجبهة البرلمانية الوسطية» على ضرورة «ضمان استمرار حرب الدولة على الفساد ودعم جهود مؤسساتها»، مضيفةً أنها تعمل على تحقيق الاستقرار السياسي بما يسمح بالإسراع بإصلاحات اقتصادية واجتماعية عاجلة تحقق انتظارات الشعب في التنمية والعمل. وتضم هذه الجبهة النيابية 43 نائباً (من أصل 217) ينتمون إلى أحزاب «مشروع تونس» و «آفاق تونس» و «الكتلة الوطنية» إضافة إلى نواب من حزب «نداء تونس» العلماني الحاكم، وذلك رغم موقف الحزب الرافض لهذه الجبهة التي تهدده بمزيد الانقسام وإضعاف كتلته النيابية. ورأى مراقبون أن هذه الجبهة البرلمانية تهدف إلى معارضة حركة «النهضة» الإسلامية (69 نائباً)، باعتبار أنها ضمت كل الكتل العلمانية (باستثناء الجبهة الشعبية اليسارية) وتسعى إلى تقليص نفوذها داخل المجلس النيابي، وبخاصة أنها الكتلة الأكبر والأكثر تماسكاً منذ انقسام كتلة «نداء تونس». ووفق مؤسسي هذه الجبهة، التي أثارت جدلاً في تونس، فإن المشهد السياسي يتسم بالتفاف الأغلبية البرلمانية (النهضة ونداء تونس) على الآليات الديموقراطية التي انعكست أخيراً في توافق هذين الحزبين على مرشح وحيد للانتخابات الاشتراعية الفرعية على دائرة ألمانيا (إحدى الدوائر الانتخابية للتونسيين في الخارج). في غضون ذلك، حذر محافظ المصرف المركزي الشاذلي العياري من صعوبة الظرف الاقتصادي والمالي الذي تمر به البلاد، واصفاً العجز التجاري التونسي ب «التاريخي» نظراً إلى الهبوط الحاد للدينار أمام العملات الأجنبي، وفق تصريح إذاعي له مساء أول من أمس. وشدد الشاذلي العياري على ضرورة الحد من العجز في الميزان التجاري لوقف تراجع احتياطي العملة الصعبة، حيث يُتداول الدينار التونسي حالياً بسعر 2.5 مقابل الدولار الواحد، فيما تستعد حكومة تونس لعرض مشروع موازنة الدولة للعام المقبل المثيرة للجدل. واعتبر العياري أن «هذا الوضع قابل للعلاج من خلال البدء بتنفيذ إصلاحات مؤلمة ضرورية»، مضيفاً أنه يجب اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ الوضع الاقتصادي المتردي ووقف التضخم. وتواجه الحكومة انتقادات واسعة بسبب الإجراءات الضريبية والتقشفية المنتظرة في مشروع الموازنة الذي سيُعرض على البرلمان للمصادقة عليه قريباً، حيث تعالت أصوات محذرة من تأثير سلبي متوقع للموازنة الجديدة على الطبقة الوسطى والفئات الفقيرة. وتقدر الموازنة العام للدولة للعام 2018 بحوالى 14.5 بليون دولار أي بزيادة بليون دولار عن موازنة العام الجاري، وتسعى الحكومة إلى إقناع الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد أرباب العمل بقبول الإجراءات الضريبية الجديدة. وكان اتحاد الصناعة والتجارة (اتحاد أرباب العمل) هدد بالانسحاب من «اتفاق قرطاج» الذي سمح بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد، داعياً إلى التراجع عن الإجراءات الضريبية التي تضمنها مشروع الموازنة ضد رجال الأعمال.