تحفظ رجال دين جزائريون على نص خاص ب «الإجهاض» ورد في قانون جديد للصحة تجري مناقشته منذ منتصف الأسبوع الجاري ضمن لجنة مختصة في البرلمان. واتخذ النقاش منحىً جدلياً بين مؤسسات دينية رسمية ورجال دين مستقلين اعتبروا النص «من دون ضوابط شرعية ما قد يحوّل الإجهاض إلى عملية بسيطة في المجتمع». ويحاول وزير الصحة الجزائري مختار حسبلاوي إقناع النواب بمجمل مواد القانون، لكنه يواجه انتقادات عنيفة خارج المجلس الشعبي الوطني (البرلمان)، بخاصة من جانب رجال دين مستقلين، ساءهم «عدم الأخذ برأيهم في مسألة الإجهاض وتنظيم النسل». وتنص المادة 81، محل الخلاف والتحفظ في مشروع القانون المطروح أمام النواب، على أنه «عندما يثبت بصفة أكيدة عن طريق التشخيص ما قبل الولادة، أن المضغة أو الجنين يعاني مرضاً خطيراً أو تشوهاً لا يسمح له بالنمو العادي، يجب على الطبيب المتخصص والأطباء المتخصصين في هذا المجال، وبالاتفاق مع الطبيب المعالج إعلام الزوجين بذلك، واتخاذ قرار طبي عاجل، بما تسمح الظروف، غير أنه إذا كانت حياة الأم في خطر، يقرر إسقاط الطفل». وكان لافتاً أن المؤسسة الرسمية التي تتولى الإفتاء في المسائل الشرعية، أعلنت موافقتها على مضمون النص رغم عدم استشارتها في الموضوع. وقال المجلس الإسلامي الأعلى إن «القائمين على إعداد مشروع قانون الصحة استشاروا وزارة الشؤون الدينية قبل إعداد مشروع القانون، ما يجعل تعارض مواده مع الشريعة أمراً مستبعداً». وقال رئيس نقابة الأئمة جلول حجيمي ل «الحياة» إن «النص فقير للجانب الشرعي، فالطبيب ليس فقيهاً وإنما متمكن من اختصاصه العلمي، أما نحن فنمثل الجهة التي تعطي رأي الشريعة البينة ونحن مَن يقول يجوز أو لا يجوز لغلق الطريق أمام مَن يريد التلاعب بالنفس البشرية». وذكر رجال دين أن عملية الإجهاض التي كانت تُمارس في الخفاء وفي عيادات سرية، قد تتحول لتُمارس علناً وفي مستشفيات عامة، في حال عدم تحديد ضوابط. وأفاد عضو هيئة نقابة الأئمة، البشير الإبراهيمي بأن «الإجهاض يُرخَص شرعاً في حالات استثنائية ومنها إذا خيف على المرأة من الهلاك، وإذا تأكد أن جنينها لا تستقيم حياته. وهذا يحتاج إلى رأي فقيه وليس الطبيب وحده». وسارع إمام المسجد الكبير وشيخ «الزاوية العلمية لتحفيظ القرآن والذكر»، وعضو المجلس العلمي، الشيخ علي عية، إلى توجيه رسالة إلى لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل التي تناقش نص المشروع. وورد في رسالته أنه «بعد نفخ الروح في الجنين بعد الشهر الرابع، لا يجوز إسقاطه أبداً عند أكثرية العلماء، بأي حالِ من الأحوال. أما إذا كان سبباً في موتها، فلا بأس بتعاطي أسباب إخراجه، حذراً من موتها، لأنّ حياتها ألزم عند الضرورة القصوى، وهذا بتقرير طبيبين أو أكثر، أن بقاءه يضرها وأن عليها خطراً بالموت».