قال رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري إن هناك «إشاعة أجواء حول عودة محتملة له أو ل14 آذار إلى الحكومة»، مؤكداً أن عودته «أمر غير وارد على الإطلاق»، وأن «برنامجنا السياسي لهذه المرحلة هو عودة الدولة إلى لبنان، بعودة حصرية السلاح إليها، وبإنهاء وصاية السلاح غير الشرعي ومن ضمنه سلاح حزب الله». وقال الحريري في كلمة مساء امس في «بيال» بمناسبة العشاء السنوي لقطاع الهندسة في «تيار المستقبل»: «اللقاء مع المهندسين كان أحب اللقاءات على قلب الرئيس الشهيد رفيق الحريري... وأنا بدوري أشعر بعمق الإِنتساب إلى عالم الهندسة، الذي أراد من خلاله رفيق الحريري أن ينقل هذا البلد من واقع الخراب والانهيار إلى مرحلة التطور والحداثة». وأضاف: «نحن الآن في النصف الأول من شهر نيسان (أبريل). وكلنا، أفراداً وعائلات وأحزاب ومؤسسات ونقابات وهيئات أهلية، نحمل في قلوبنا موقفاً من هذا الشهر، خصوصاً من يوم 13 نيسان، الذي سيحل علينا قريباً، بذكرى الحرب الأهلية». وقال: «قبل 36 عاماً، غرق لبنان في وحل السلاح، وانساق اللبنانيون، طائفة تلو الطائفة، وحزباً تلو الحزب، وقيادةً تلو القيادة، إلى لعبة السلاح والاقتتال، وكان ما كان من دمار أصاب بيروت بكارثة كبرى ولم تنج منه مدينة أو منطقة أو بلدة. كان الجميع مقتنعون بأنهم سيربحون، فكانت النتيجة أن الجميع خرجوا خاسرين، وخرج لبنان وكل اللبنانيين من الحرب مهزومين. المشاهد المشينة لتلك الأيام والسنين، مطبوعة في الذاكرة. ويجب أن تبقى مطبوعة، كي لا تسمحوا بتكرارها تحت أيِ ظرف من الظروف. مشاهد القصف والخراب والتهجير والخطف على الهوية، الرعب على المعابر، والقنص في الشوارع، مشاهد الغزو الطائفي المتبادل والمجازر الجماعية، مشاهد الإذلال اليومي للمواطنين أمام الأفران وطوابير الباحثين عن قطرة مياه، مشاهد العراضات العسكرية والفلتان المسلح بين الأحياء، وتقسيم البلاد خطوط تماس. مشاهد الفوضى القاتلة والانهيار المتمادي للدولة ومؤسساتها». وسأل الحريري: «من منكم لا يتذكر؟ ومن منكم ينسى؟ هذا ما فعلته فوضى الفلتان المسلح في لبنان على مدى 20 سنة. وهذا ما يفعله أي سلاح غير شرعي يخرج عن إرادة الدولة والإجماع الوطني. السلاح في يد الطوائف والأحزاب والتنظيمات، يعني تلقائياً غياب دور الدولة. السلاح في أي يد غير يد الدولة، يعني تلقائياً الاستقواء على الدولة ومؤسساتها وإقامة شريك مضارب لها، يقبض ولا يدفع». ورأى أن «كل عاقل يدرك، بعد كل التجارب المريرة، أن انتشار السلاح في أيدي اللبنانيين واستقواء بعض اللبنانيين على إخوانهم بالسلاح هو العنوان القاتل للاستقرار الوطني. لقد جاء اتفاق الطائف ليضع حداً لاستخدام السلاح في الحياة الوطنية والحياة السياسية، وتقرر من خلال هذا الاتفاق، الإعلان عن حل الميليشيات، ولم يكن أحد يعتبر نفسه ميليشيا، والكل يقول إنه مقاومة، وجمع السلاح ووضع في عهدة المؤسسات الشرعية والجيش اللبناني». وسأل: «أين نحن اليوم من حقيقة الامتناع عن استخدام السلاح في الشؤون الداخلية؟ وهل كان اتفاق الدوحة بعد 7 أيار (مايو) 2008 سوى محطة للإعلان عن مخاطر استخدام هذا السلاح وأن هناك أحزاباً تجيز لنفسها ما لا يجوز للآخرين؟ وكي لا يفهم كلامي دعوةً إلى إجازة استخدام السلاح لكل اللبنانيين واعتراضاً فقط على السماح به لحزب معين، يهمني أن أؤكد أمامكم أن دعوتنا لحصرية السلاح بيد الدولة تنطلق من رؤية تستجيب لرغبة أكثرية اللبنانيين بوضع حد لسياسات إبقاء لبنان رهينة للعبة المحاور الخارجية». ولفت الحريري الى أن «اللبنانيين قرروا بعد اتفاق الطائف أن يخرجوا من حلبة الحروب الأهلية وهم لن يغفروا لأي جهة أو فئة أو حزب تعمل على تغذية جرثومة الانقسام بين اللبنانيين. جرثومة الانقسام هي السلاح غير الشرعي. جرثومة الفوضى هي السلاح الموجود في أيدي الأفراد والمجموعات والبؤر التي لا سلطة للدولة فيها أو عليها. جرثومة الخراب هي السلاح». وتطرق الى مسألة تشكيل الحكومة العتيدة «لأنها في التداول منذ أكثر من شهرين». وقال: «هناك التباس، ربما يعود إلى الزيارات العربية والدولية التي أقوم بها، والتي هي كالعادة من أجل مصلحة لبنان ولا علاقة لها بتشكيل الحكومة، لكن هناك من أراد أن يستغل هذه الزيارات ربما لإحداث ضبابية وإشاعة أجواء حول عودة محتملة لي أو ل14 آذار إلى الحكومة. هذا الأمر غير وارد على الإطلاق. إن برنامجنا السياسي لهذه المرحلة ليس العودة إلى الحكومة، بل عودة الدولة إلى لبنان، بعودة حصرية السلاح إلى الدولة، بإنهاء وصاية السلاح غير الشرعي ومن ضمنه سلاح حزب الله، على الحياة السياسية الوطنية». وأضاف: «هنا أيضاً نكرر ما نقوله دائماً، الأمر لا يتعلق بالمقاومة. المقاومة عنوان وطني، وحق لنا، أي لجميع اللبنانيين من دون استثناء، ضمن الدولة وتحت رايتها وإمرتها، لأن الدولة ترعى مصالح الجميع، وتنهي استخدام عنوان المقاومة ذريعةً للاعتداء على الدستور وتهديد اللبنانيين في أمنهم واستقرارهم واقتصادهم، وتعطيل الديموقراطية اللبنانية التي أثبتت التطورات من حولنا أنها عنوان نجاح لبنان ونظامنا وحرياتنا وقدراتنا على الإبداع والإنتاج والتفوق على رغم كل الصعوبات». وقال: «هذا لا يعني أننا لا نتحمل ولن نتحمل مسؤولياتنا الوطنية، ولن يكون آخرها الجهد الذي نبذله مع الأصدقاء في العالم لإنقاذ أهلنا في ساحل العاج من تبعات القرارات السياسية الخرقاء التي اتخذت خارج إرادة الدولة، كما نعمل مع أشقائنا في الخليج عموماً وفي البحرين خصوصاً لإزالة تداعيات الاصطفاف غير المسؤول وغير المبرر والذي لا علاقة له بالوطنية اللبنانية أو القومية العربية التي نفخر بانتمائنا إليها، وإنما هو انتساب للمشروع الإيراني الذي قلت عنه بوضوح وأكرر أنه محاولة مرفوضة، وغير ناجحة بإذن الله لوضع اليد على لبنان وعلى المنطقة العربية». وخاطب الحضور قائلاً: «نحن معكم، نرفع شعار الاستقرار طريقنا إلى البناء والإعمار وفوضى السلاح طريقنا إلى الخراب والدمار. معكم، يجب أن تبقى صفوف 14 آذار مرصوصةً ومتماسكة، ويجب ألا نخشى هبوب الرياح مهما اشتدت. هناك جهات تجمع الذخائر لاستضعاف الدولة والاستيلاء على مراكز القرار فيها. ومسؤوليتنا معكم، أن نشكل جميعاً الذخيرة الوطنية الحقيقية لقيام الدولة، والعبور الحقيقي نحو الاستقرار الوطني».