في تطور أمني غير مسبوق في اليمن، ساد القلق من الانزلاق الى «حرب قبلية»، وسط انباء عن محاولة اغتيال اللواء المنشق محسن صالح الاحمر المنافس الابرز للرئيس علي عبدالله صالح. وللمرة الاولى منذ اندلاع الاحتجاجات في 16 شباط (فبراير) الماضي وقعت اشتباكات مسلحة في محيط موقع الفرقة الأولى مدرع ومركز المنطقة العسكرية الشمالية الغربية، التي أعلن قائدها اللواء الأحمر تأييده لمطالب المعارضة وحماية المعتصمين في ساحة التغيير إمام جامعة صنعاء. وشهدت الساحة المقابلة للبوابة الغربية للفرقة المدرعة، القريبة الى ساحة الاعتصام اشتباكات بالاسلحة الخفيفة بين مؤيدين للرئيس ينتمون الى مديريات بني بهلول وبلاد الروس وسنحان، التابعة لمحافظة صنعاء (مسقط رأس الرئيس صالح واللواء الاحمر)، حاولوا اقتحام البوابة بعد رفض جنود الحراسة السماح لهم بالدخول بحجة مقابلة اللواء الاحمر الذي كان حينها مجتمعا مع وجهاء من سنحان يتوسطون بينه وبين الرئيس، ما أدى الى توتر شديد وتبادل إطلاق النار أسفر عنه مقتل عدد من ابناء القبائل. ومع تضارب الروايات عما جرى، سارعت السلطات إلى اتهام جنود الفرقة المدرعة، وميليشيا «جامعة الإيمان الإسلامية»، التي يرأسها الشيخ عبد المجيد الزنداني و»بلاطجة» أحزاب «اللقاء المشترك»، بإطلاق النار على «أبناء قبائل مديريات سنحان وبلاد الروس وبني بهلول الذين كانوا يشاركون في مسيرة سلمية مؤيدة للشرعية الدستورية، ثم توجهوا بعد ذلك الى مقر الفرقة الأولى مدرع لمراجعة اللواء علي محسن صالح بالعدول عن قراره في مساندة أحزاب اللقاء المشترك والعودة الى الشرعية الدستورية... ما أدى الى سقوط 3 قتلى و 56 جريحا في صفوف أفراد الوساطة بالإضافة إلى تحطيم عدد من السيارات التابعة لهم». ونفى المقدم عسكر زعيل، الناطق باسم الفرقة حدوث هذه المواجهات. وقال «ان الاشتباكات حدثت بين المتظاهرين وليس للفرقة أي علاقة»، نافيا حصول صدام بين قبائل بني بهلول او غيرها. الا ان مصادر مطلعة في الفرقة المدرعة قالت ل»الحياة» ان اللواء الاحمر «تعرض لمحاولة إغتيال على ايدي مندسين بين المجاميع التي جاءت لاقناعه بالعدول عن تأييده حركة الاحتجاجات، بعدما أصر الوافدون على خروجه اليهم والاستماع الى آرائهم. وعندما أصبح قريبا تم اطلاق الرصاص باتجاهه لكن الجنود ردوا على مصادر النيران». واعلن ناطق في ساحة الاعتصام سقوط قتيل وعشرة جرحى في هجوم شنه مسلحون مؤيدون للنظام عل المعتصمين. ومع هذه المواجهة تدخل الاحتجاجات شهرها الثالث في ظل غياب مؤشرات الى امكان تقارب الإطراف لحلحلتها، رغم إعلان الرئيس صالح وأحزاب المعارضة قبول جهود الوساطة الخليجية «من حيث المبدأ» والاستعداد لتلبية الدعوة الخليجية للحوار في الرياض. في موازاة ذلك، شهدت محافظة تعز اشتباكات كبرى بعدما حاولت قوات مكافحة الشغب تفريق تظاهرة شارك فيها عشرات الالآف، وجابت شوارع المدينة تنديدا بما تعرض له أول من أمس متظاهرون يطالبون بإسقاط النظام، على ييد قوات الأمن سقط فيها نحو 17 قتيلا ومئات الجرحى. وقالت مصادر ل»الحياة» أن المئات من المتظاهرين أمس في تعز تعرضوا لإصابات وجروح متفرقة بينهم 29 اصيبوا برصاص، حال 10 منهم خطرة، إضافة إلى أكثر من 500 متظاهر تعرضوا لاختناقات جراء القنابل الغازية يتلقون حاليا العلاج في المستشفى الميداني لساحة الاعتصام في المدينة. وذكر إن مروحية عسكرية ألقت قنابل مسيلة الدموع على المسيرة التي كانت تجوب بعض الشوارع في طريقها إلى ساحة الحرية بعدما حاصرها مسلحون بلباس مدني وعسكري. وكانت قوات الأمن فرقت تظاهرة في محافظة الحديدة ليل الاثنين الثلثاء تطالب بإسقاط النظام احتجاجا على احداث تعز، ما أسفر عن مقتل اثنين من المتظاهرين وسقوط عشرات الجرحى بالرصاص والقنابل الغازية والمسيلة للدموع. الى ذلك دعا الاتحاد الأوروبي الرئيس علي عبدالله صالح للبدء بنقل السلطة من دون تأخير. وقالت كأثرين أشتون الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية أنها أبلغت الرئيس أنه» يجب أن يبدأ بانتقال سياسي منتظم دون أي تأخير من أجل حل الأزمة الراهنة و لتمهيد الطريق للإصلاحات». وقالت أشتون أمس أنها «قلقة بشكل كبير للتقارير الواردة حول القمع العنيف بما في ذلك استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين في بعض كبرى المدن اليمنية يومي 3 و4 نيسان (أبريل) الأمر الذي أدى إلى وقوع الكثير من الوفيات والإصابات.