نعت القوى الوطنية في الداخل الفنان التقدمي جوليانو مير – خميس، الذي اغتيل في مخيم جنين أمس حيث يقيم منذ سنوات مديراً لمسرح "الحرية"، فيما اعتبرت الحكومة الفلسطينية جريمة القتل "جريمة ضد الشعب الفلسطيني وأخلاقه". وجوليانو (53 سنة) هو ابن القائد الشيوعي الراحل صليبا خميس، ووالدته آرنا مير يهودية عرفت بمواقفها اليسارية المناهضة للاحتلال والصهيونية وبدفاعها عن حقوق الشعب الفلسطيني. وهي التي أقامت مسرح الحرية في جنين، تعبيراً عن تضامنها مع مأساة الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 1967. وقضت السنوات الأخيرة من عمرها داخل المخيم مع أطفاله. وفي العام 2005، وفي عز الانتفاضة الثانية قرر جوليانو الانتقال إلى جنين ليقيم فيها ويعلم المسرح لأطفال المخيم والمحافظة. ومن أبرز أعماله الفيلم الشهير "أولاد آرنا" (على اسم والدته) الذي يتناول قصص عشرة أطفال من جنين كان يدرّسهم المسرح هو ووالدته. ويعرض الفيلم معاناتهم في ظل الاحتلال وخلال الاجتياح الإسرائيلي للمخيم والضفة الغربية عام 2002 وكيف تحول بعضهم إلى مقاومين عسكريين للاحتلال، فيما استشهد آخرون. ودان رئيس الحكومة الدكتور سلام فياض جريمة القتل، وقال إن "هذه الجريمة البشعة لا يمكن السكوت عنها إطلاقًا، وهي تشكل انتهاكًا خطيرًا يتجاوز كل المبادئ والقيم الانسانية، وتتناقض مع عادات شعبنا وأخلاقه". وأكد أنه أعطى تعليماته للأجهزة الأمنية للعمل الحثيث وعلى مدار الساعة من أجل إلقاء القبض على الجاني ومحاكمته. واعتبرت وزيرة الثقافة الفلسطينية سهام البرغوثي اغتيال جوليانو جريمة ضد الحركة الثقافية في فلسطين خاصة أنه استهدف ابن مناضل عريق، وأمه قدمت عطاء كبيرا لمخيم جنين. وقال محافظ جنين قدورة موسى إن جوليانو خميس "كان واحدا من ابناء المخيم عاش معهم حلو الايام ومرها ونشط من اجل ان يكون هنالك مسرح قادرا على رفض القهر والظلم والاحتلال، وان جوليانو سعى طويلا من اجل ابناء فلسطين هنا في الضفة وفي الداخل وقد جاءت الضربة قاتلة له". وأكد أن القضاء الفلسطيني سيكشف عن الجناة لينالوا جزاءهم. وأشار إلى أن المغدور "كان واضحا حين اختار ان يترك كل شيء للعمل في المخيم مع اطفال عرفتهم والدته فبل عشرين عاما واليوم هم شهداء او قادة مجتمع". وقال الناشط الفلسطيني زكريا زبيدي الذي شارك المغدور في إدارة المسرح الذي أقيم من أجل الأطفال الفلسطينيين، إن عملية الاغتيال "عملية كبيرة ومخططة جيداً يقف وراءها كما يبدو جسم مركزي كبير"، فيما لم يستبعد شقيق المغدور، سبارتا أن تكون يد "الشاباك" الإسرائيلي وراء الاغتيال. وأصدرت الحركة الثقافية الفلسطينية بيانا قالت فيه: "إن الفنان الفلسطيني جوليانو مير خميس هو شهيد فلسطين، شهيد الحرية الذي اغتالته أيادٍ آثمة ومشبوهة وحاقدة أمام مسرح الحرية في جنين وهو برفقة ابنه الرضيع". وأضافت ان فقدان جوليانو مير خميس خسارة مؤلمة وكبيرة لفلسطين وثقافتها وصورتها التي طالما دافع عنها الفنان الفقيد، وساهم في بنائها وتوسيع معانيها وآفاقها الانسانية والحضارية، وخسارة كبيرة لعائلته وأصدقائه وزملائه وكل من عرفه في فلسطين والعالم". وطالبت الحركة كل القوى والفصائل الوطنية الفلسطينية إدانة هذه الجريمة النكراء. في الجهة الأخرى، لم تخلُ تعليقات الصحف الإسرائيلية من الشماتة من فنان "لم يحسم هويته" (يعتبر يهودياً بحسب الديانة اليهودية). وتحدثت عن "رد الجميل" الذي تلقاه من الفلسطينيين الذين تضامن مع قضيتهم واعتبر نفسه واحداً منهم. . وأشارت إلى عدم رضى الجهات الإسلامية المتطرفة عن مضمون نشاط جوليانو ومسرحياته.