يبدو المشهد غريباً إلى حد ما... محل تجاري بلا باب! التعامل فقط من وراء نافذة. امرأة تقف في الخارج، تتحدث مع أحدهم. عند التدقيق تجد أن رجلاً غالباً ما يكون من جنسية شرق آسيوية، يتمتم ويحرك يديه. ترفع المرأة كيساً ليس بالصغير. وتزج به من النافذة فيستقبله الرجل على الضفة الأخرى. ماذا يحدث؟ يتساءل من يرى المشهد للمرة الأولى، ما الذي بداخل الكيس؟ ولماذا لا يوجد باب؟ وما قصة النافذة؟ وما بال المرأة واقفة على الرصيف؟ المشهد برمته ليس مقنعاً، وما يحدث مثير للاستغراب، لكن الطريف أن الاستغراب سيزيد عندما يعلم السائل أن المحل ليس إلا مشغل خياطة! طوال عقود كانت العمالة الوافدة تسيطر تماماً على سوق الخياطة النسائية، حتى جاء قرار وزارة العمل بتوطين الأيدي العاملة في مجال الخياطة، عندما منعت استقدام عمالة في هذا المجال. كثيرات هن السعوديات اللاتي اعتدن على التعامل مع خياطين «محددين» لسنوات، وكثيرات أيضاً من لهن تجارب سيئة مع المشاغل النسائية، فضلاً عن أن البحث عن جودة معينة والاعتياد عليها، يخلق تحدياً جديداً أمام الجيل الجديد من الخياطات السعوديات الشابات. التحدي بدأ قبل القرار، فبحسب سعوديات تحدثن ل«الحياة» عن تجاربهن في العمل، فإن العوائق ليست قليلة وتغيير ذهنية الزبائن والمجتمع ليست عملية سهلة المنال، إذ تؤكد سعوديات خضن التجربة «عن حب» أن شح الأنامل الناعمة السعودية في مجال الخياطة يعتبر عائقاً، خصوصاً في وجود منافسة «هائلة» من العمالة الوافدة والمصانع. من جهته، أشاد نائب رئيس طائفة الخياطين في أمانة جدة محمد الشهري بتجاوب وزارة العمل مع «خطة توطين المشاغل النسائية الصغيرة» وشروعها في وضع خطة خمسية لتوظيف الخياطات تدريجياً، وإحلالهن مكان العمالة الوافدة في المشاغل التي بداخل الأحياء. وكشف عن صدور قرار من وزارة العمل يسهل الإجراءات للراغبات في العمل في مجال الخياطة والتطريز من الفتيات السعوديات والأسر المنتجة، إضافة إلى عدم تجديد إقامة الخياطين وتراخيصهم، «يتم تدريجياً لتأنيث المشاغل النسائية»، منوهاً بأن الخطة مقدمة من أمانة جدة وتدعمها بشكل جيد. وشخّص الشهري في حديثه ل«الحياة» العقبات التي تواجه الفتاة السعودية في مجال الخياطة، بالافتقار إلى التأهيل الكامل «وذلك لا يأتي إلا بتخريج خياطات متمكنات من أكاديميات متخصصة». وانتقد البرامج التي تعتمدها المعاهد المهنية في التدريس ووصفها ب«القديمة»، مشيراً إلى أنها تتناسب مع البيئة قبل 30 عاماً، «لكنها لا تصلح لجيل العصر الحالي، إضافة إلى عدم تطبيق برامج عملية تكسب الخياطة خبرة وممارسة مهنية».