عندما نتأمل عالمنا اليوم، وما يحيط بنا من كوارث، فقد يغيب عن أذهاننا بأن هذه الكوارث، سواء الطبيعية منها أو التي نصنعها نحن البشر، قد تكون قريبة وقد تنال منا أو يصيبنا من آثارها الكثير، فليس غريباً في عالمنا أن تهز كارثة بلداً كاليابان، وليس غريباً أن نسمع صدى هذه الهزة في الولاياتالمتحدة، إذ في انتظار ما تحمله مياه المحيط من مفاجأة، طبعاً لن تكون سارة لأولئك الذين يسكنون على شواطئ الولاياتالمتحدهالغربية، ولكن ما يشد انتباهي تلك الاستجابة السريعة من الجهات المعنية، كل بحسب تخصصه وبحسب الخطط المعدة مسبقاً، لمواجهة مثل هذه المفاجآت غير المتوقعة، ولكنها وضعت من ضمن خطط وتم الاستعداد ليس لإيقافها وإنما للحد من آثارها المدمرة على الأرواح والممتلكات. لقد حان الآن أن نعي أهمية وجود الجهاز الموحد الذي يعمل، ليس بعد أن تقع الكارثة، ولكن أن يستعد لتلك الكوارث التي من الممكن أن تصيب البلاد والعباد مخلفةً وراءها الدمار في الأرواح والممتلكات ومثيرةً لذعر في الأنفس، إن كثيراً من الكوارث التي تحدث في مناطق بعيدة ليست ببعيدة، فها نحن نعاني في الجوار من انطلاق لمظاهرات بشرية تطال الأرواح والأعراض والممتلكات وتدمر الاقتصاد وتعيد الدول إلى عصور أشبه ما تكون بالعتمة والرؤية الضبابية التي تحرم الأمم من العيشة الهنيئة والكريمة التي تتطلع لها الشعوب. الكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات أمر لا بد منه، ولكن أن نقف ونعلم بأن الكثير من هذه المخاطر المحيطة بنا قد تأتي في أي لحظة وتأتي على كل شيء من دون أن نستعد ونوحد طاقاتنا بشكل يضمن لنا تحركاً سريعاً واستجابةً فاعلة لنتمكن من حماية الوطن، ومن هم على أرض الوطن، ولو بتقليل الأثر من هذه الكوارث الطبيعية والخروج بأقل الخسائر المادية أو البشرية. لقد أثلج صدري ما قرأته قبل أيام عن فكرة إنشاء مركز لإدارة الأزمات والكوارث التي هي بداية لمشروع عملاق يسعى ولاة أمرنا لتأسيسه للاستعداد لجميع أنواع الكوارث والحد من مخاطرها، والعمل على نشر ثقافة الحماية الذاتية من كل من على أرض الوطن، إن الطموحات العالية التى من شأنها أن توحد العمل وتنقل البلد من سياسة العمل الارتجالي إلى عمل جماعي تحت مظلة منظومة إدارة الأزمات والكوارث وتوحيد الجهود حتى يتسنى للجميع المشاركة بفعالية لإعداد الخطط الملائمة لمواجهة الكوارث بناءً على المخاطر المحيطة بنا في جميع أرجاء الوطن. مشروع إنشاء هذا المركز يحتاج إلى كوادر متخصصة في مجالات عدة، لأن الكارثة عندما تحدث فإن آثارها تعم، فمثلاً تتأثر البنية التحتية عندما يضرب زلزال، وتتلوث البيئة عندما يتسرب إشعاع، لذا فإن التخصصات في مجالات عدة مطلب أساس لتأسيس هذا المركز لإدارة الأزمات والكوارث. أما التثقيف والتوعية فهما جزء لا يتجزأ من عمل المسؤولين في هذا المركز، بل إن استخدام التقنية الحديثة والتواصل مع المواطنين والمقيمين عبر شبكة الانتر نت هو أحد أهم الأساسيات المتبعة في مفهوم إدارة الأزمات في العصر الحديث للوقاية والاستجابة والتخفيف من الكوارث. إن إدارة الطوارئ والأزمات تتطلب مجهودات قد تتجاوز حدود المنطقه أو الدوله في بعض الأحيان، لذا فإن من الأساسيات التي يجب أن نضعها على طاولة العمل أن تتم درس كل منطقة على حدة، بحيث تحدد المخاطر التي قد تواجه المناطق، والعمل على تأسيس مراكز مماثلة للتواصل مع المركز الرئيس، وذلك لتلقي الدعم العلمي لتطوير هذه المراكز لمجابهة أي كارثة محتملة لأي منطقة، بحسب موقعها الجغرافي، إضافة إلى الدعم اللوجستي لهذه المناطق في حال حدوث أي كارثة، لا قدر الله، تتجاوز إمكانات وقدرات أي منطقة. ولعل بزوغ هذا المركز وإشراقته من أرض مكةالمكرمة يكون بداية الطريق لإنشاء هيئة عليا لإدارة الأزمات والكوارث على مستوى المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، لنتمكن من تحقيق الأهداف السامية والنبيله لمثل هذا العمل الإنساني العظيم في خدمة الوطن والمواطنين في دول المجلس. في الختام، الشكر والتقدير للأمير الشاعر خالد الفيصل على مجهوداته الرائعة وعرضه لفكرة إنشاء مركز إدارة الأزمات والكوارث، الذي وافق عليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي يسعى دائماً إلى الرقي بمصالح المواطن والوطن في جميع المجالات، ومنها نشر مفهوم إدارة الأزمات والكوارث بين القطاعين الحكومي والخاص للعمل من أجل حماية المواطن والوطن ومدخراته من الآثار المدمرة للكوارث. إبراهيم بن علي المغيب - الرياض متخصص في إدارة الأزمات والكوارث والأمن القومي [email protected]