استيقظ سكان جنوب السعودية فجر أمس (الجمعة)، وتحديداً في مدينة النماص وبيشة والقرى المجاورة لها، وهي حلباء وآل جميل والغرة والمدانة وخشرم وآل قحطان والفرعة وآل عمر، على هزة أرضية بقوة أربع درجات على مقياس ريختر، تلتها ست هزات أرضية ارتدادية، ولم يشعر بها سكان تلك المناطق، إذ راوحت قوتها ما بين 1.1 ريختر و1.7 ريختر. وقال المدير العام للمركز الوطني لرصد الزلازل والبراكين في الهيئة الوطنية للمساحة والجيولوجيا المهندس هاني زهران في تصريحات صحافية ل«الحياة»: «إن النشاط الزلزالي المسجل فجر أمس حدث في منطقة تلاقي لثلاثة صدوع أرضية، والتي يحدث فيها نشاط في فترات متباعدة»، متوقعاً أن يستمر نشاط زلزالي بسيط في المنطقة أياماً عدة. مستدركاً بالقول: «إن الوضع طبيعي في المنطقة، وهذا النشاط يعد طبيعياً لأن المنطقة التي وقع فيها الزلزال تعد منطقة التقاء صدوع». وأشار زهران إلى أن محطات الرصد الزلزالي التابعة للشبكة الوطنية بهيئة المساحة الجيولوجية السعودية سجلت هزة أرضية بقوة أربع درجات على مقياس ريختر الساعة 4.06.52 بالتوقيت المحلي من فجر أمس، وتقع على بعد 16 كيلومتراً شمال غرب مدينة النماص، وزاد: «تلت الهزة الأولى ست هزات ارتدادية تراوح قوتها ما بين 1.1 و1.7 درجة على مقياس ريختر، وبالرجوع إلى الخرائط الجوية المغناطيسية اتضح أن هذه الهزات الأرضية تقع عند التقاء ثلاثة صدوع تأخذ اتجاه شمال شمال غرب - جنوب جنوب شرق (الصدوع الموازية للبحر الأحمر)، وشمال شرق وجنوب غرب (صدوع ذات إزاحة جانبية)، وشمال جنوب»، موضحاً أن غالبية النشاط الزلزالي في السعودية يتمركز في منطقة شمال البحر الأحمر (خليج العقبة)، تليها المناطق التي تقع في جنوب غرب السعودية، إضافة إلى مناطق الحرات البركانية الواقعة في غرب السعودية، منوهاً بأن الهزة الأرضية التي حدثت أمس جنوب السعودية تأتي بعد مرور أسبوعين على الهزة الأرضية التي حدثت في مدينة جدة بقوه ثلاث درجات على مقياس ريختر وسط البحر الأحمر وعلى بعد 91 كيلومتراً من جدة. وأفاد المدير العام للمركز الوطني لرصد الزلازل والبراكين في الهيئة الوطنية للمساحة الجيولوجية بأن غالبية تلك الزلازل تكون من الدرجات الخفيفة، وقال: «في حال تسجيل هزات أرضية بقوة 3.5 درجة على مقياس ريختر تكون من دون تأثير وغير مدمرة، في حين يكون الزلازل مدمرا حال ارتفاع درجات الهزات الارضية إلى 7 و8 درجات»، لافتا إلى أن «الهيئة» تقوم بمراقبة ومتابعة النشاط الزلزالي بالمملكة عبر أكثر من 225 محطة رصد، على مدار الساعة، وتقوم بالتبليغ الفوري للجهات ذات العلاقة عند وقوع أية هزات بالمملكة، لأجل اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة إذا استدعى الموقف ذلك، وذلك حرصاً من «الهيئة» على أمن وسلامة المواطنين، موضحاً أهمية اتباع الارشادات والتعليمات أثناء فترات وقوع الزلازل. وفي السياق، أشارت التعليمات الصادرة عن هيئة المساحة والجيولوجيا للتعامل أثناء حدوث الزلازل (حصلت «الحياة» على نسخه منها) إلى أن حدوث الزلازل دائماً يكون من دون سابق إنذار، ومن المهم أخذ الاحتياطات الاحترازية اللازمة، موضحة أنه يجب على الشخص أن يكون ملماً بكيفية التصرف والاستعدادات اللازمة قبل حدوث الزلزال، إذ إن من أهم التعليمات هو البقاء داخل المنزل حتى يتوقف الاهتزاز وتشعر بأن الخروج أصبح آمناً، إضافة إلى عدم التحرك أثناء الزلزال إلا بضع خطوات، للوصول إلى أقرب مكان آمن، بعيداً عن الزجاج والنوافذ والأبواب والجدران الخارجية وأي شيء قد يسقط، مثل الأثاث، وفي حال كان الشخص خارج المنزل فيجب علية البقاء في مكانه، والابتعاد عن المباني والأشجار ومصابيح الإنارة والأسلاك، وفي حال كان موجوداً في السيارة فيجيب عليه البقاء داخلها، بشرط أن يكون بعيداً عن المباني والأشجار ومصابيح الإنارة في الشوارع. إلى ذلك، سجلت المملكة عام 2017 عدداً من الهزات الأرضية، كان آخرها ما حدث أمس جنوب السعودية وشعر بها سكان مدينتي النماص وبيشة والقرى المجاورة لها، وسبقتها هزة أرضية وسط البحر الأحمر بالقرب من مدينة جدة بقوة ثلاث درجات ريختر، لم يشعر بها سكان المدينة، كما شهدت كل من أملج وحقل وينبع زلازل خفيفة على مدار الأشهر الماضية، ففي ال15 من شهر أيار (مايو) الماضي شهدت مدينة أملج الساحلية زلزالاً بقوة 3.3 درجات على مقياس ريختر، سبقة زلزال آخر تعرضت له المدينة ذاتها في الرابع من شهر نسيان (أبريل) الماضي، وتحديداً في شمالها الغربي، وتبعد منطقة الزلزال 85 كيلومتراً عن أملج، وكانت قوته 3.6 ريختر. وقبل الهزات الأرضية التي شهدتها مدينة أملج، تعرضت مدينة حقل، التي تقع في أقصى شمال البحر الأحمر، لهزة أرضية في ال22 من شهر آذار (مارس) الماضي، كانت الهزة المسجلة بقوه 3.2 ريختر، سبقتها منطقة تبوك بهزة سجلت في الثامن من شهر مارس الماضي، بقوة 3.2 ريختر، وقبلها بما يقارب الأسبوعين شهدت المنطقة ذاتها هزة أرضية بقوة 3.1 ريختر، وتحديداً في ال28 من شهر شباط (فبراير) الماضي. كما شملت الهزات الأرضية التي تعرضت لها مدن ساحل البحر الأحمر خلال هذا العام 2017 مدينة ينبع الساحلية، التي تعرضت لزلزال خفيف بقوه 3.1 ريختر في الرابع من شهر شباط (فبراير) الماضي. والزلازل في السعودية لها تاريخ قديم وليست حدثاً آنياً، وتحديداً في المناطق التي تقع غرب السعودية، إذ ذكرت مصادر تاريخية أنه على أقل تقدير عبر الألف سنة الماضية وقعت زلازل شعر بها الأهالي داخل حدود السعودية، وقد عُرفت أماكن وقوعها في شكل تقريبي جداً، نظراً إلى انخفاض عدد السكان وقلة السجلات في الماضي. وتشير الإحصاءات الحالية إلى أن السجلات التاريخية عن الأنشطة الزلزالية غير مكتملة إلى حدٍ كبير، حتى بالنسبة إلى الزلازل التي بلغت قوتها ست درجات أو أكبر من ذلك. ومن الأحداث الموثقة في شكل جيد، وقوع أحد الانفجارات البركانية، أو تدفق الحمم البركانية في حرة رهاط، قرب المدينةالمنورة، عام 654 ه (1256م)، الذي صاحبه نشاط زلزالي ملحوظ، وماتزال هذه المنطقة تشهد نشاطاً زلزالياً منخفضاً حتى الآن، ومن المعلوم أن آخر حدث زلزالي مهم هو زلزال «حقل»، الذي وقع عام 1995م في خليج العقبة، بقوة 7.3 «عزم زلزالي»، نجمت عنه أضرار كبيرة أثرت في المدن الواقعة على جانبي خليج العقبة، وشعر به الناس على بعد مئات الكيلومترات، كما أن الزلازل التي تبلغ قوتها ست درجات وتحدث على طول محور البحر الأحمر، لا يشعر بها أهالي المدن الواقعة على جانبي البحر الأحمر، إلا أنها قد تشكل خطراً محسوساً على البنية التحتية. وفي الآونة الأخيرة، وقع زلزال متوسط في 2009 بقوة 5.4 درجة في حرة الشاقة (لونيير) إلى الشمال من مدينة ينبع، مرتبط بنشاط الجسم الصهاري في أعماق القشرة الأرضية الضحلة، وعلى رغم أنه لم تحدث سوى أضرار طفيفة في الممتلكات، فإنها تشير إلى احتمال حدوث بعض المخاطر المرتبطة بالزلازل في منطقة الدرع العربي. كما أن أقوى نشاط زلزالي حدث في السعودية كان بمدينة «العيص» في منطقة المدينةالمنورة غرب السعودية، وتحديداً يوم ال19 من أيار (مايو) 2009، إذ سجلت تلك المنطقة 19 هزة أرضية، بلغت قوتها أكبر من أربع درجات على مقياس ريختر، بما في ذلك الزلزال الذي قوته 5.4 درجة وتسبب في خسائر طفيفة في الإنشاءات والمباني بالمدينة الواقعة على مسافة 40 كيلومتراً جنوب شرق منطقة النشاط الزلزالي. وهي مدينة قريبة من المدينةالمنورة، تلي تلك الهزات الأرضية هزات أخرى استمرت من ال13 من مايو إلى السابع من حزيران (يونيو) 2009، سجلت خلالها 950 هزة أرضية في مدينة العيص وحدها.