«ربما أكون قد حققت أقل مما أستحق، لكن بالتأكيد أكثر مما توقعت، لأنني بتركيبتي الشخصية وبالمنهج الذي وضعته لنفسي وطريقة تفكيري، لم أكن أتوقع إطلاقاً أن أحقق كل هذا، لكن كتقويم فني هناك أناس يؤكدون أنه كان يفترض أن أقدم أكثر مما قدمت». بهذه الكلمات أجاب الفنان نبيل الحلفاوي عن مدى رضاه عن مشواره الفني. وأضاف: «ربما كان عليّ أن أعمل أكثر من ذلك، لكنني كنت أتوقع أن تشكل تركيبتي عائقاً لي في الاستمرار وهو ما لم يحدث، واحتللت مكانة طيبة، وكل ما أتمناه ألا يخونني التقدير، لأن عملنا قائم في معظمه على حسن التقدير». ولا يخفي الحلفاوي أن أعماله قليلة من حيث الكم مقارنة بمشواره الفني الطويل: «لا يهمني الكم ولكن النوعية، وحين استغرق في عمل أحب التفرغ له». ويشير إلى أن المقومات الشكلية يمكن أن تحصر الممثل في أدوار معينة: «صناع الأعمال الفنية يستسهلون، وقليل منهم يحاولون كسر التقليدي، وهنا يأتي دور الفنان نفسه، عليه أن يقاوم هذه المسألة وألا يقع في فخ التكرار وهو ما فعلته بعد نجاحي في «معلا قانون» في «غوايش» و «نديم قلب الأسد» في «رافت الهجان»، صحيح أنه غالباً ما يتم حصري في إطار الأدوار الجادة والوطنية، ولكن عليك أن تجد مناطق الاختلاف في هذه الأدوار بحيث لا تكون صورة مكررة من بعضها البعض». وعن اتجاهه لدراسة التمثيل يقول «في البداية التحقت بكلية الهندسة، ثم أصر أهلي على دراستي للصيدلة لوجود شركات أدوية لديهم، ولم أكن أهوى دراسة الصيدلة، ومكثت فيها إلى أن تم تأميم الشركات عام 1961، فتركتها والتحقت بالكلية العسكرية، ومكثت شهوراً عدة، ولكن القيود الشديدة دفعتي للعودة إلى الصيدلة، وبعد نجاحي في السنة الأولى، انتقلت إلى كلية التجارة وتخرجت منها إرضاءً لأهلي، ثم التحقت بمعهد الفنون المسرحية بعد أن قررت أن يكون هذا مسار حياتي، وكان من أبناء دفعتي محمد صبحي وهادي الجيار وشعبان حسين ولطفي لبيب». ويدين الحلفاوي بالفضل في مشواره إلى أساتذته الذين تعهدوه بالرعاية والعناية: «أعطوني خبرتهم وشجعوني وأشعروني أنني ممثل كويس، وأنني اخترت الطريق الصحيح، إلى جانب هؤلاء الذين أعطوني الفرص الأولى في المسرح مثل سعد أردش وفي التلفزيون إبراهيم الصحن ومحمد شاكر الذي قدمت معه «غوايش»، ويحيى العلمي الذي قدمت الأدوار التي أحببتها من خلاله، وهو حقق حلمي في تقديم شخصية الرئيس جمال عبدالناصر في أول ظهور له، وإلى جانب مشاركتي معه في «رافت الهجان» قدمت «زكريا بن راض» في «الزيني بركات» وتصادف أن هذه الأعمال كانت في كتب أدبية وتحولت إلى دراما». ويؤكد أنه يختار أدواره بعدما يقرأها مثل أي مشاهد «ليس شرطاً أن يحمل العمل أفكاري، ولكن يشترط إلا يتناقض مع أفكاري، وإلا أصبحت رجلاً كذاباً، لا بد من أن يقنعني العمل أولاً، وأشعر أنه حدث بيني وبين الدور علاقة حب». وعن أفلامه السينمائية القليلة على رغم حصوله على جوائز عدة يقول: «حصلت على جائزة في أول أفلامي «اغتيال مدرسة» وبعده رحبت السينما بي وقدمت مع محمد خان «سوبر ماركت» ومع أنعام محمد علي «الطريق إلى إيلات» وحصلت على جائزتين في «الهروب إلى القمة» مع نور الشريف وإخراج عادل الأعصر، وكانت السينما في فترة ما محصورة في أسماء معينة ودائرة قليلة يصعب كسرها إلا بالمصادفة، وأنا أطبق عليها المعايير التي أطبقها على أي عمل فني، ولم أفضل من أجل عيون السينما تقديم أدوار سخيفة، والأدوار الجيدة نادراً ما كانت تصل إلي لأن التوزيع كان يفرض أسماء محددة، إلى أن بدأت دور العرض تتزايد وبدأت الإيرادات من الداخل تغطي تكاليف الأفلام، وسادت نوعية من الأعمال لم أجد نفسي فيها، واضطر نجوم السينما أنفسهم من أبناء جيلي إلى الابتعاد عنها ولجأوا إلى التلفزيون، ومع ذلك قدمت دوراً مهماً قبل عامين في فيلم «السفاح» أمام هاني سلامة». ويتوقف أمام مسرحياته الناجحة: «منذ تخرجت في المعهد وأنا عضو في المسرح القومي الذي كان هدفاً لي وحلماً لأي فنان يحب المسرح، وعملت بداية من «دائرة الطباشير القوقازية» و «النار والزيتون» و «انطونيو وكليوباترا» في أدوار صغيرة، ثم قدمت أدواراً أكبر في «باب الفتوح» و «عملية نوح» وفي أثناء ذلك قدمت للمسرح الكوميدي «عفريت لكل مواطن» ولمسرح الطليعة تمصيراً لمسرحية «زوربا» وصولاً إلى «الزير سالم» و «طقوس الإشارات والتحولات». وعن رأيه في الشللية التي سيطرت أخيراً على الوسط الفني يقول: «ليس عيباً أن يرتاح مؤلف أو مخرج لفنانين بعينهم، لكن الخطأ والخطر أن يكون الولاء للعلاقات والصداقات والاستلطاف، وأي مجاملة على حساب الفن ليست في مصلحة الطرفين، وإذا كان لي صديق مؤلف أو مخرج يحبني، فعليه بدافع من هذا الحب ألا يحاول توريطي في دور لا أصلح له ولا يصلح لي». وينصح الجيل الجديد قائلاً: «أن يكون ولاؤهم الأول للفن نفسه، وليس لأنفسهم أو لذوق جماهيري موقت، والجمهور ينضج ويشعر بالحاجة إلى نوعيات أخرى». وعن إحساسه تجاه الزمن يقول: «الزمن إلى ما بعد منتصف العمر صديق الإنسان، وفي أواخر العمر عدوه الأول والجميع يشعر بذلك بمن فيهم الفنانون، وهذه المشكلة ليست موجودة في الخارج بدليل رؤيتنا لشون كونري وآل باتشينو وداستين هوفمان وروبرت دي نيرو الذي تواصل عطاؤهم وقيامهم ببطولات فاجأونا بها، ولكن لدينا تتحدد اختيارات الفنان إلى حد كبير حين يتقدم في السن، ولكن المشكلة في التلفزيون أقل حدة، وتوجد أعمال كثيرة تعطي الفنان على رغم تقدمه في العمر فرص الإبداع وكلنا يذكر أعمال الراحل محمود مرسي». ويعتز الحلفاوي بكل أعماله ومنها «بنات زينب» و «الحب وأشياء أخرى» و «المرشدي عنتر» و «الكهف والوهم والحب» و «حواري وقصور» و «قصة مدينة» و «الحلم والألم» و «زيزينيا» و «أوراق مصرية» و «عفاريت السيالة» و «شبكة الموت» و «ثمن الغربة» و «الأوباش» و «العميل رقم 13» و «الملك فاروق» و «المصراوية» وغيرها.