أعلنت «الهيئة العليا للمفاوضات»، أحد أكبر كتل المعارضة السورية، والتي تتخذ من الرياض مقراً لها، عن رفضها المشاركة في مؤتمر «الحوار الوطني السوري» الذي دعت موسكو إلى عقده يوم 18 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري في مدينة سوتشي الروسية. وشددت «الهيئة العليا» (منصة الرياض) في بيان لها أمس على أنها ترفض بحث مستقبل سورية إلا ضمن إطار الأممالمتحدة القانوني، مطالبة المنظمة الدولية بطرح آليات جديدة من أجل تفعيل وساطتها في سورية. واعتبرت «الهيئة» أن مؤتمر «الحوار الوطني السوري» برعاية موسكو يهدف إلى «إعادة تأهيل النظام (السوري)»، مضيفة أنها ترى في الدعوة إلى المشاركة في المؤتمر المقبل خروجاً عن مسار جنيف للتسوية السورية. ودعت «الهيئة العليا» الأممالمتحدة والمجتمع الدولي إلى «استعادة الهيبة للقانون الدولي وإنقاذ القرارات الأممية والعمل السريع على وقف المجازر بحق السوريين». وأضافت في بيانها: «إننا في الهيئة العليا نصر على رفض مناقشة مستقبل سورية خارج الإطار الأممي القانوني، وندين سعي النظام لإفشال الوساطة الأممية». واعتبرت «الهيئة» أن «مأساة السوريين الكبرى لا يمكن أن تحل عبر تشكيل حكومة موسعة تحت مظلة النظام الذي تسبب بمعاناة الشعب». كما وصفت دعوة روسيا لعقد «مؤتمر الحوار الوطني» في مدينة سوتشي الروسية بأنه «حرف لمسار الوساطة الأممية واستباق لمقتضيات الحل السياسي المنشود». وأكدت في ختام بيانها الالتزام بالحل السياسي، وفق بيان جنيف والقرارات الأممية ذات الصلة. من ناحيته، اعتبر مستشار «الهيئة العليا للمفاوضات» الدكتور يحيى العريضي أن المؤتمر «نسف جديد لحق السوريين في انتقال سياسي حقيقي»، واصفاً التحرك الروسي بأنه «بعثرة للحق السوري من قبل روسياالمحتلة التي تحاول إنهاء الثورة». فيما قال رئيس أركان «الجيش السوري الحر» وأحد المشاركين في آستانة، أحمد بري، إن المفاوضات تكون ضمن مكان معترف به دولياً فقط. واعتبر أن «الأطراف التي ستكون في المؤتمر من المعارضة الداخلية» فقط، وذلك في إشارة إلى الأحزاب والتنظيمات الموجودة في دمشق، موضحاً أن «الشعوب السورية واحدة على رغم أنها تضم أقليات ولا نرضى لأحد أن يعبث بنا». وأعربت وزارة الخارجية الروسية عن قناعتها بأن «مؤتمر الحوار الوطني السوري» سيكون قادراً على المساهمة في تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 عملياً وتحريك مفاوضات جنيف. وقالت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في مؤتمر صحافي أمس، إن المؤتمر سيواجه مهمة صعبة حول وضع أساس لإعادة وحدة كافة المكونات السياسية والدينية والقومية للمجتمع السوري ووحدة مؤسساته التقليدية، مشيرة إلى أنه يتم حالياً تحديد تفاصيل المبادرة التي طرحها الجانب الروسي. وأكدت زاخاروفا أن موسكو تدعو إلى إشراك الأكراد في الحوار الوطني في سورية، قائلة إن روسيا تهدف إلى إشراك أكراد سورية في «توافق سياسي عام» أو على الأقل في العمل الرامي إلى «إيجاد توافق سياسي وطني عام في سورية يؤدي إلى تحقيق نتائج محددة». كما انتقدت الدبلوماسية الروسية موقف واشنطن التي ترفض التعاون مع روسيا على مستوى الاستخبارات، مشيرة إلى أن ذلك يحدث على خلفية وقوع هجوم إرهابي جديد في نيويورك. وقالت: «وهذا يعني ليس فقط تعثر التعاون على مستوى الاستخبارات، بل إعاقة التعاون، وهو ما يبدو أمراً متهوراً، على خلفية الهجوم الدموي لأحد أنصار «داعش» في 31 تشرين الأول (أكتوبر) في نيويورك». من جهة أخرى، أشارت زاخاروفا إلى تعزز «الاتجاهات الإيجابية» لتطور الوضع في سورية. وقالت إنه «يتم على الأرض السورية القضاء على وكر الإرهاب الدولي بدعم محوري للقوات المسلحة الروسية». وقالت المسؤولة الروسية إن القوات الروسية تواصل تقديم المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري، مشيرة إلى إيصال 2254.5 طن من المساعدات منذ بدء عملية القوات الجوية الروسية في سورية. وأضافت أن القوات الروسية ساعدت خلال وجودها في سورية على إعادة بناء 178 مدرسة و35 روضة أطفال، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن «مركز المصالحة الروسي» قدم مساعدات طبية إلى 380 طفلاً وأن 14 طفلاً سورياً نقلوا لتلقي العلاج في روسيا. وكانت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء قد نقلت عن نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف قوله، إن موسكو تأمل أن تحضر كل فصائل المعارضة السورية المؤتمر. وبينما أيدت دمشق المقترح الروسي، عارض بعض جماعات المعارضة السورية الفكرة ووصفوها بأنها «التفاف» و «مزحة». ورداً على سؤال عما إذا كانت موسكو لا تزال تأمل في حضور جماعات مثل «الهيئة العليا للمفاوضات»، قال بوغدانوف: «نأمل بأن يشارك أي طرف يعتقد أن مستقبل البلد ووحدته وسلامة أراضيه وسيادته أمر مهم». ونشرت وزارة الخارجية الروسية قائمة بالمنظمات والجماعات التي تمت دعوتها للمشاركة في المؤتمر ومن بينها أحزاب ومنظمات كردية. وتضمنت الأسماء «حزب البعث»، و «الهيئة العليا للتفاوض» و «الائتلاف السوري»، إضافة إلى نحو 30 منظمة أخرى. لكن تركيا رفضت الدعوة التي وجهتها روسيا لجماعات وأحزاب كردية، وحذرت من أنها لن تتسامح إزاء خطوة كهذه. وذكر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن فكرة عقد «مؤتمر الحوار الوطني السوري» لم تأت لتنافس جهود التسوية في إطار الأممالمتحدة، بل تسعى لتوسيع مشاركة السوريين في العملية السياسية.