استعادت بيروت دورها الإقليمي في تدريب الطيارين، والذي كانت أسست مركزاً له عام 1960 (دمرته إسرائيل وسرقت محتوياته، خصوصاً جهاز الطيران التشبيهي لطائرة «ب 707» خلال عدوانها عام 1982)، بإعادة تشييد «مركز التدريب والمؤتمرات» في حرم شركة «طيران الشرق الأوسط»، والذي يحمل كل معايير الحداثة ومواصفات الضخامة والتصميم الجميل، ليشكل أهم مراكز التدريب في العالم في مطار رفيق الحريري الدولي. وافتتح رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أمس، هذا الصرح الجديد، قائلاً: «عندما بدأ مشروع إعادة الإعمار بعد نهاية الحرب الأهلية الملعونة، كان المطار يستقبل أقل من مليون ونصف مليون مسافر، وعندما أعاد رفيق الحريري إعماره ليتسع لستة ملايين، قامت الدنيا في وجهه، لماذا 6 ملايين راكب ومن أين سيأتون؟ والنتيجة أن أكثر من 8 ملايين مسافر مرّوا في المطار العام الماضي». وأشار إلى أن «الرقم سيكون أعلى هذه السنة، إذ في تموز (يوليو) وآب (أغسطس) وحدهما، تخطى العدد المليوني مسافر»، مؤكداً «أننا بتنا اليوم أمام مشروع زيادة القدرة الاستيعابية 5 ملايين مسافر إضافي في مرحلة أولى ومستعجلة، ستُستكمل بالمخطط التوجيهي العام الذي تعدّه وزارة الأشغال، بموجب هبة قدمتها شركة الميدل إيست للحكومة اللبنانية». وقال: «يكفينا فخراً انتقال هذه الشركة في عهد الريّس محمد الحوت من شركة كانت تخسر عشرات الملايين بعد الحرب الأهلية، وكنا نتحدث عن إقفالها، إلى شركة تربح عشرات الملايين سنوياً، وتجاوزت أرباحها المتراكمة بإدارتها الحالية بليون دولار». وأشار إلى أنها «باتت تُنشئ صروحاً مثل هذا الصرح الذي نفتتحه اليوم بضخامته ومعداته الحديثة والمتطورة». ورأى الحريري أن «من أسرار هذه النقلة النوعية أيضاً، عقل استراتيجي ومتنور وشجاع ووطني، وهو عقل الحاكم رياض سلامه»، مطلقاً اسمه على هذه القاعة «الجميلة». وشدد على أن «مركز التدريب والمؤتمرات هو استثمار في تطوير اقتصاد المعرفة والطاقات البشرية، التي تشكل ركيزة أولى في الاقتصاد». وأوضح أن هذا المركز «يوفر للشباب فرصاً يحتاج إليها اليوم، فرص عمل وتعليم وتقدم، ويرسخ السمعة الحسنة التي يتمتع بها الطيار اللبناني والطيار المدرّب في لبنان والميدل إيست». وكشف وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس، عن وضع «خرائط لتصل سعة المطار إلى 20 مليون مسافر»، لافتاً إلى أن عدد ركاب الشهر الماضي «تخطى المليون». وقال: «نفتتح اليوم مركز التدريب والمؤتمرات التابع لشركة طيران الشرق الأوسط، الذي اعتُدي عليه وسُرقت محتوياته، خصوصاً جهاز الطيران التشبيهي ل «ب 707» خلال العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان صيف 1982». واعتبر فنيانوس أن «مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري أو أي مطار آخر، ليس فقط طائرة وشركة، بل هو واجهة لصورة لبنان والشريان الرئيس الذي يربطه بكل العالم»، مشيراً إلى أن «هذه المنارة التي شيدت على طريق المطار هي رسالة إيمان بمستقبل لبنان واستقراره موجهة للمسافرين والعابرين، كما أنها دليل على ما يمكن أن تحققه المؤسسات الوطنية متى توافرت لها الإدارة الحكيمة والقوى العاملة المحترفة والمخلصة». وأكد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامه، أن شركة «الميدل إيست تضطلع بدور مهم في خدمة اللبنانيين والسياحة». وأوضح أنها «ذات منفعة عامة، لكنها شركة تجارية يطالبها مصرف لبنان بأرباح، وهذا ما عمل رئيس مجلس إدارتها على تحقيقه، وقد نجح». وأعلن أن الشركة من «الاستثمارات الرابحة وتقارب قيمتها بليون دولار، بينما تبلغ أرباحها السنوية 55 مليون دولار». ولفت سلامه إلى «التطلع للتقدم الحكومي لتخصيص بورصة بيروت مع إطلاق منصة إلكترونية»، كاشفاً عن «طرح 25 في المئة من أسهم الشركة ليتملّكها القطاع الخاص». وقال رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت: «قبل سنوات عندما كنا نناقش فكرة إنشاء هذا المركز، توجه فريق المهندسين بسؤال محدد، هل تملكون تصوراً لمركز كهذا؟ وكان الجواب بسيطاً وسريعاً: نريده مثلما كان يُحبّه أن يكون رجل اسمه رفيق الحريري». ولفت إلى أن «المركز الإقليمي لتدريب الطيارين شُيّد عام 1960، وتدرّب فيه مئات بل آلاف الطيارين من عشرات الجنسيات، قبل أن يحملوا اسم بلدانهم عالياً، وذلك المركز النوعي في زمانه، كان عبارة عن مبنى متواضع دمرته إسرائيل عام 1982. لذا، كان لا بد من مبادرة نمحو من خلالها آثار الاحتلال والعدوان، فأعدنا بناءه وجعلناه أجمل مما كان». وأكد الحوت «قدرة هذا المركز على المنافسة إقليمياً ودولياً»، مشيراً إلى «توسع مبنى مركز التدريب وتطوير البرامج لتشمل العاملين في حقل الطيران من موظفي أرض وطيارين ومضيفين وتقنيين وإداريين». وأوضح أن «مركز المؤتمرات لن يكون محصوراً بشؤون الطيران، بل سيكون مفتوحاً أمام الهيئات الاقتصادية والمؤسسات التجارية والعامة». وقال: «كنا اتخذنا قراراً في الشركة قبل سنوات بالتريث في إكمال المرحلة الثانية من بناء هذا المركز، بسبب الأوضاع الأمنية ومناخ الاشتباك السياسي الذي كان ينعكس تعطيلاً لعمل كل المؤسسات وعرقلة لمسيرة الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لكن بعد انتخاب فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وعودة النصاب السياسي إلى المؤسسات الدستورية، بمبادرة شجاعة من الرئيس سعد الحريري، الراعي والداعم الدائم لمسيرة الشركة، كان قرار مجلس الإدارة أكيداً بإنهاء الأعمال في هذا اليوم تحديداً».