شكّل التقهقر السريع للثوار الليبيين في شرق البلاد أمام تقدّم قوات العقيد معمر القذافي دليلاً جديداً على مدى عجزهم عن إلحاق هزيمة بالزعيم الليبي من دون مساعدة من قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدةوفرنسا وبريطانيا. إذ لم تمر أكثر من 24 ساعة على وصولهم إلى أبواب مدينة سرت، مسقط رأس القذافي، حتى وجد الثوار أنفسهم يفرون مسرعين أمام هجوم مضاد شنّته قوات الزعيم الليبي التي استعادت بلدات بن جواد وراس لانوف. وتردد أنها وصلت إلى البريقة، الأمر الذي أدى إلى موجة نزوح واسعة من مدينة أجدابيا خشية أن تعاود قوات القذافي دخول هذه المدينة الاستراتيجية التي تُعتبر بوابة الشرق الليبي. وشنّت طائرات غربية بعد الظهر غارات على قوات القذافي المتقدمة شرقاً، من دون أن يتضح هل أدت إلى ردها على أعقابها أم أنها واصلت تقدمها على رغم ذلك. وأقر المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي بانسحاب الثوار، لكنه وصف ذلك بأنه «انسحاب تكتيكي». وقال الثوار، في غضون ذلك، إن سفناً رست في ميناء مدينة مصراتة، شرق طرابلس، وناقلة مساعدات، ما يعني فك الحصار المفروض عليها من قوات القذافي منذ أسابيع. وجاءت هذه التطورات الميدانية المتسارعة في وقت احتدمت الخلافات بين الدول الغربية المؤيدة لتسليح الثوار وبين دول كبرى معارضة لذلك وعلى رأسها روسيا والصين. إذ قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن هذه الخطوة ستشكّل انتهاكاً للتفويض الممنوح للتحالف الدولي بموجب القرار الرقم 1973 والذي سمح باللجوء الى كل الاجراءات اللازمة لحماية المدنيين الليبيين. وكرر الموقف نفسه الرئيس الصيني هو جيناتو أمام ضيفه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، معتبراً أن لا حل للأزمة الليبية باستخدام القوة. وانضمت إلى هذا الموقف دول غربية عدة تُشارك في التحالف الدولي ضد نظام القذافي. لكن مؤيدي تسليح الثوار بدوا متمسكين بموقفهم الذي يعتبر أن التفويض الممنوح من مجلس الأمن يجيز تقديم السلاح للثوار لحماية أنفسهم من هجمات قوات القذافي. وقال الرئيس باراك أوباما إنه لم يقرر بعد تسليح الثوار، لكنه أقر بإمكان ذلك، وهو موقف كرره مسؤولون فرنسيون وبريطانيون. وقالت وزارة الخارجية الليبية أمس إن الاقتراح الذي تقوده فرنسا بتسليح الثوار يخرق قرار مجلس الأمن. وقالت في بيان، نقلته وكالة الجماهيرية للأنباء الليبية» الرسمية «إن تقديم مساعدة عسكرية لعصابات مسلحة يتعارض مع قرارات مجلس الأمن ويدعم الإرهاب بعدما تم إثبات أن العصابات المسلحة في بنغازي تنتمي إلى القاعدة وجماعات إرهابية أخرى». وكان لافتاً في التحركات الدولية لعزل نظام القذافي الخطوة التي أعلنتها بريطانيا أمس وتمثّلت بطرد خمسة ديبلوماسيين ليبيين قالت إنهم يمكن أن يشكّلوا تهديداً للأمن القومي. وبين هؤلاء الملحق العسكري في السفارة. ويُعتقد بأن بعض الذين شملهم قرار الطرد تشتبه السلطات البريطانية في ممارسته ضغوطاً على طلاب ليبيين للتظاهر تأييداً لحكم القذافي تحت التهديد بحرمانهم من منحهم الدراسية. وفي نواكشوط (أ ف ب)، أعلنت ثلاثون شخصية سياسية ومن المجتمع المدني الموريتاني في بيان الاربعاء انشاء حركة تندد باقدام تحالف دولي على «اجتياح ليبيا» وشن غارات عليها. وتضم هذه الحركة المسماة «الجبهة الوطنية لمقاومة اجتياح الصليبيين ليبيا ودعم الشعب الليبي»، نواباً ونقابيين وشخصيات من المجتمع المدني وشخصيات مستقلة، كما تفيد لائحة وردت في البيان.