لندن - رويترز - بدأت سوقا الأسهم في مصر وتونس، تجتذب مرة أخرى المستثمرين الأجانب بعد الإطاحة بنظامي الحكم في البلدين، لكن بعض أسهم الشركات الكبرى قد تواجه متاعب بسبب صلات شركاتها بالحكومات السابقة. ومع أن الصراعات والاحتجاجات لا تزال تعصف ببلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لم تكن هذه الأسواق في العادة تجتذب تدفقات كبيرة من محافظ الاستثمار الدولية لأنها غير متطورة أو بسبب تعذر وصول الأجانب إليها. غير أن اقتصادات مثل مصر وتونس كانت تلقى إقبالاً متزايداً من المستثمرين في الأسواق الناشئة قبل تغير نظم الحكم. والآن يبحث المستثمرون ورجال الأعمال الذين فروا خلال ثورتي البلدين عن سبل العودة. وتذهب تقديرات مؤسسة (إي بي إف آر) التي تتابع نشاطات صناديق الاستثمار إلى أن نحو 80 مليون دولار من الاستثمارات انسحبت من صناديق مخصصة للاستثمار في أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هذا العام. وأعادت مصر فتح بورصتها الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ نحو ثمانية أسابيع بعد الإطاحة بالرئيس حسني مبارك. وتفادت مصر بإعادتها فتح البورصة احتمال استبعادها من مؤشر «إم إس سي آي» للأسواق الناشئة الذي يستخدمه كثيرون من المستثمرين في هذه الأسواق مقياساً في استثماراتهم. والبورصة المصرية هي الأكثر سيولة والأكبر بين بورصات المنطقة، وشهدت قبل إغلاقها وبعد إعادة فتحها نزوحاً كبيراً للاستثمارات. وهبط المؤشر الرئيس للبورصة «إي جي إكس 30» إلى أدنى مستوى له في عامين الاسبوع الماضي وبلغت خسائر السوق 30 في المئة منذ بداية 2011. وأغلقت البورصة التونسية مرتين - في كل مرة بضعة أيام - بعد الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في كانون الثاني (يناير). واضطرت شركة «اتصالات تونس» المملوكة للدولة، إلى تأجيل خططها للإدراج في بورصتي باريس وتونس. غير أن مسار الأحداث بدأ يتغير على ما يبدو، إذ سجلت البورصة المصرية الأحد الماضي أول مكاسبها منذ تفجر الاحتجاجات الشعبية في 25 كانون الثاني (يناير) وارتفعت مؤشرات السوق مرة أخرى الاثنين والثلثاء. وهبط المؤشر الرئيس للبورصة التونسية 20 في المئة منذ بداية العام حتى الإغلاق الثاني في 28 من شباط (فبراير)، لكنه ارتفع 10 في المئة منذ أُعيد فتح البورصة في السابع من آذار (مارس). ويقول وسطاء إن المستثمرين يقتنصون الأسهم التي يرون أنها بخسة، فسهم «أوراسكوم تليكوم» المصرية ذو الثقل، ارتفع 20 في المئة منذ إعادة فتح البورصة. وقال غراهام أستوك، كبير المحللين في مؤسسة «إنسبارو» لإدارة الأصول لتلفزيون «رويترز انسايدر»: «أقبلنا على الشراء وتروق لنا بعض أسهم البنوك وشركات الانشاءات والاتصالات». واستدرك بقوله: «نتوخى الحذر من الشركات المرتبطة في شكل وثيق بنظام حكم مبارك». وتساور المخاوف المتصلة بالأسهم كثيرين. وهي تنبع من الإجراءات التي تتخذها الحكومة الجديدة ضد كثير من الشركات التي ينظر إليها على أنها استغلت صلاتها بعائلة مبارك. ويقول المستثمرون إن البورصة المصرية تلزمهم بالتأكد من أن زبائنهم ليس بينهم عدد من الأفراد المرتبطين بنظام حكم مبارك. وفي تونس تقول الشركات ان السلطات الجديدة وضعت قائمة سوداء بأسماء الشركات المرتبطة بنظام حكم بن علي. وكان هناك ارتباط لا يمكن إنكاره بين الثروة والسلطة في البلدين. ففي مصر كان هناك 70 إلى 80 من كبار رجال الأعمال أعضاء في البرلمان السابق أو حلفاء للحكومة. وتذهب تقديرات للبنك المركزي في تونس إلى أن 180 شركة كان يسيطر عليها أعوان بن علي وزوجته والمقربون منهما. ومع ذلك يخشى كثيرون من المستثمرين أن تؤدي مصادرة الأموال والإجراءات ضد شركات كبيرة في نهاية الأمر إلى خروج مزيد من رؤوس الأموال والإضرار بالقدرة على اجتذاب الاستثمارات الأجنبية. وقال مدير لصندوق استثمار مقره لندن كان من قبل متفائلاً في شأن مصر، إنه أصبح أكثر حذراً. وأضاف: «تغيرت الأمور قليلاً. يشعر البعض بقلق خشية أن تقضي البلاد وقتاً طويلاً في النظر إلى الماضي بدلاً من التطلع إلى المستقبل وقد يكون هناك بعض كباش الفداء». وأضاف: «كان معظم الشركات الناجحة يرتبط بعلاقة جيدة بالسلطات التي كانت قائمة». وهوت أسهم شركات مصرية مثل «حديد عز»، وشركة التنمية العقارية «بالم هيلز» 40 في المئة و50 في المئة على التوالي، عما كانت عليه قبل عام، ويواجه رئيسا مجلسي إدارة الشركتين تهماً بارتكاب جرائم في عهد النظام السابق. ولا أحد تقريباً يساوره شك في إمكانات البلدين على الأجل الطويل بل إن البعض يميل إلى تشبيه مصر بتركيا من حيث العوامل السكانية والشركات. غير أن هذه أوقات صعبة على شمال أفريقيا حيث تعاني الاقتصادات من آثار أشهر من الاحتجاجات. وتراجعت السياحة والاستثمارات المباشرة وتضررت تحويلات المواطنين العاملين في ليبيا والبحرين وارتفعت تكاليف الاقتراض من خلال أسواق السندات. ويتوخى المستثمرون الحذر ايضاً من الأسواق الأخرى التي شهدت احتجاجات لكنها لم يحدث فيها تغيير لنظام الحكم مثل المغرب.