قال نائب الرئيس السوري فاروق الشرع لتلفزيون «المنار» أمس، إن الرئيس بشار الأسد سيعلن قرارات مهمة خلال اليومين المقبلين «تُسعِد الشعب السوري»، في وقت أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس، أن الرئيس السوري لم يرد عليه «بسلبية» عندما حضه على الاستماع الى الشعب السوري خلال مكالمتين هاتفيتين على مدى الأيام الثلاثة الأخيرة. في هذه الأثناء، قال شاهد إن قوات الامن السورية أطلقت النيران على مئات المتظاهرين الذين كانوا يرددون هتافات ضد قانون الطوارئ في مدينة درعا الجنوبية. أردوغان وقال أردوغان الذي كان يتحدث الى الصحافيين في أنقرة قبيل مغادرته الى العراق في زيارة رسمية، إنه لم يسمع من الأسد رفضاً لتطبيق الإصلاحات، وأن الأسد قال له إن العمل على رفع حال الطوارئ ووضع قانون للأحزاب السياسية بدأ فعلاً. لكنه استدرك قائلاً إنه نصح الأسد بتطبيق سريع وحقيقي للإصلاحات على الأرض من دون تأخير. ولم يتردد في الإشارة الى القتلى الذين سقطوا بنيران الأمن، قائلاً إن بلاده لا يمكنها أن تقف متفرجة على ما يحدث، إذ أن علاقة قربى تجمع بين الشعبين التركي والسوري. وختم حديثه بالقول إنه نصح الأسد بالحديث مباشرة الى شعبه عن الإصلاحات، متمنياً ألا تتكرر تجربة ليبيا، وأن يتجنب السوريون تكرار تلك الأحداث المؤسفة والمحزنة التي تبعث على القلق. وبدا واضحاً القلق التركي من تطور الأوضاع في سورية من خلال تصريحات أردوغان ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو، خصوصاً بعد صدور تصريحات سورية تتهم جهات خارجية بالتحريض على العصيان المدني والتظاهر في سورية، وبعد سقوط عدد كبير من المواطنين السوريين قتلى خلال تلك التظاهرات. وتخشى أنقرة من أن تنعكس أحداث سورية سلباً على تركيا والمنطقة، وأن تمتد نار الثورة الى الأكراد في المنطقة ككل. ويشير مسؤولون أتراك الى خطورة تأثيرات تدهور الوضع في سورية، إن حصل، على تركيا، ويحذرون من تكرار سيناريو ليبيا هناك، إذ أن من شأن ذلك أن يهدد بتقسيم سورية، ما قد يدفع في النهاية الى قيام دولة كردية في المنطقة، أو امتداد شرارة الحرب الى جنوب شرقي تركيا مجدداً. وتسعى أنقرة الى إقناع دمشق بضرورة تطبيق إصلاحات جذرية حقيقية على الأرض وعدم الاعتماد على سلاح قوات الأمن وحده أو تقارير الأجهزة الأمنية، ومن هنا جاء تأكيد أردوغان على ضرورة أن يخاطب الأسد شعبه مباشرة حتى لا يشعر الشعب أنه غائب أو مغيّب، وأن الأمن هو من يدير دفة هذه المرحلة. في السياق نفسه، أكد النائب السوري محمد حبش لوكالة «فرانس برس»، أن اعضاء مجلس الشعب طلبوا «توضيحاً من القيادة عن الاجراءات التي ستتخذ، وطلبنا ان يأتي الرئيس الى البرلمان ويشرح الخطوات المطلوبة». وتحدث عن وجود «مؤامرة طائفية ضد سورية الهدف منها تمزيق الشعب الى طوائف وإثارة النعرات»، وقال: «هناك موقف واحد لرفض المؤامرة الطائفية» في المجلس. من جهة أخرى، حذرت فرنسا امس رعاياها من التوجه الى مدينتي اللاذقية (شمال) ودرعا (جنوب). ونشرت وزارة الخارجية على موقعها الإلكتروني مذكرة نصحت فيها رعاياها ب «تجنب مدينتي اللاذقية ودرعا، واستخدام معبر نصيب - جابر الحدودي في حال التنقل بين سورية والأردن». تفريق تظاهرة في درعا ميدانياً، قال شاهد إن قوات الامن السورية أطلقت النار لتفريق مئات المتظاهرين كانوا يرددون هتافات ضد قانون الطوارئ في مدينة درعا. وأضاف أن المتظاهرين تدفقوا على ميدان رئيسي في المدينة وهم يرددون هتافات تطالب بالحرية وترفض قانون الطوارئ، موضحاً ان قوات الامن أطلقت النيران في الهواء لدقائق معدودة، لكن المتظاهرين عادوا بعد توقف اطلاق النيران. وكانت قوات الامن خفضت وجودها في المدينة الفقيرة أخيراً، لكن سكاناً قالوا أمس ان القوات عادت بكثافة. وقال أحد التجار - في اشارة الى المسجد العمري الذي كان نقطة محورية في التظاهرات التي تشهدها المدينة - إن قوات الأمن «تصوِّب بنادقها على أيِّ تجمع قرب المسجد». وقال أبو تمام، وهو من سكان درعا ويطل منزله على المسجد، إن الجنود وقوات الأمن المركزي موجودون «في كل متر تقريباً». وأضاف مواطن آخر ينتمي لقبيلة الجوابرة، أن قناصة أعادوا التمركز فوق المباني المهمة، موضحاً قبيل انطلاق تظاهرة أمس: «لا أحد يجرؤ على التحرك». هدوء في اللاذقية في هذه الأثناء، عاد الهدوء امس الى مدينة اللاذقية، كما ظهرت في حي الشيخ ضاهر في قلب المدينة التجاري، آثار الدمار والحريق غداة اشتباكات عنيفة بين المسلحين وقوات الامن. وأكد منسق مركز التنمية البيئية والاجتماعية عصام خوري في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس»، أن «الحياة بدأت تدب تدريجاً في المدينة، وبعض المدارس فتح أبوابه»، مشيراً إلى أن «الأهل ما زالوا متخوفين من إرسال اطفالهم اليها». وأضاف «ان بعض المحال التجارية فتح ابوابه، وشوهدت حركة سيارات في احياء مختلفة». في غضون ذلك، أطلقت السلطات السورية امس صحافيين اثنين من تلفزيون «رويترز» بعد يومين من احتجازهما. وقالت المعدة التلفزيونية آيات بسمة وزميلها المصور التلفزيوني عزت بلطجي في اتصال مع زملائهما، إنهما عبرا الحدود باتجاة لبنان وكلاهما في حالة جيدة. وقالت مديرة تحرير «رويترز» الشرق الاوسط وأفريقيا كارولين دريس: «رويترز تعرب عن سعادتها لهذه الأنباء، ونتطلع للترحيب بعودة آيات وعزت. ونود ان نشكر كل من ساعد على حل هذه المشكلة». وقال مسؤول سوري إنهما أُوقفا واستُجوبا لأنهما لم يحصلا على تصريح للعمل في سورية، وكانا يصوران في منطقة غير مسموح التصوير بها. في السياق نفسه، قال المرصد السوري لحقوق الانسان اول من امس إن السلطات اعتقلت عشرات المعارضين خلال تظاهرات الجمعة. وعدَّد بيان أسماء 41 شخصاً قال إنهم اعتقلوا في دمشق وحمص ودير الزور ومدن أخرى.