تبدي الشركات العقارية في دول الخليج تفاؤلاً بإجراءات حكومية أخيرة تتعلق بالقطاعات الاقتصادية كلها، بما فيها القطاع العقاري، خصوصاً القرارات الملكية في السعودية وتدابير «الهيئة العامة للاستثمار» في الكويت. ونوّه التقرير الأسبوعي لشركة «المزايا القابضة» بأن هذه القرارات استطاعت تحييد تأثير الظروف الجيوسياسية والأمنية في المحيط العربي لمصلحة التركيز على الداخل من ضمن المعادلات التقليدية للعرض والطلب. واعتبر التقرير أن أوامر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز باعتماد 250 بليون ريال سعودي (67 بليون دولار) لبناء 500 ألف وحدة سكنية، ورفع سقف القرض الممنوح من قبل «صندوق التنمية العقاري» إلى 500 ألف ريال، ستساهم في إحداث دفعة تطويرية في قطاع العقارات في السعودية وسدّ النقص الحاد في الوحدات السكنية. ولاحظ معدو التقرير أن رفع السقف الخاص بقروض «صندوق التنمية العقاري» سيعزز من القدرة الشرائية للسعوديين وبالتالي إعطاء قوة إضافية للطلب الفاعل، سواء في شراء العقارات الجاهزة أو تطوير الجديدة منها، مشيرين إلى أهمية توافر الأراضي بأسعار مناسبة لتجنب الأسعار المرتفعة التي قد تعيق التطوير العقاري المتوقع. وشدّدت «المزايا» على أن الوقت حان لإطلاق نظام الرهن العقاري الذي طال انتظاره ليعطي دفعة أخرى لجهود تطوير القطاع العقاري في المملكة، خصوصاً أن دراسات أولية توقعت أن يقفز معدل النمو في الاقتصاد السعودي هذا العام إلى 5.6 في المئة نتيجة لارتفاع إنتاج النفط. وكانت دراسة أصدرتها «جدوى للاستثمار» أخيراً لفتت إلى أن حجم الإنفاق الذي تضمنته الأوامر الملكية السعودية سيعوض ضعف الأوضاع الاقتصادية في المنطقة وتراجع شهية المستثمرين الأجانب، ورجّحت أن يحقق القطاع العقاري نمواً كبيراً في البناء والصناعات المرتبطة به لسنوات، مع العلم أن القطاع العقاري في المملكة يتمتع بزخم النمو والانتعاش، خصوصاً في ظل معدل نمو سكاني يبلغ نحو ثلاثة في المئة، وفي ظل أن الفئة العمرية التي تقل من 30 سنة توازي أكثر من 65 في المئة من سكان المملكة، عدا عن أن نحو 56 في المئة من إجمالي الوحدات السكنية تتسم بمعدل إشغال عال. ونبّه تقرير «المزايا» إلى أن الارتفاع المتوالي لأسعار النفط يعكس الطلب المتزايد نتيجة التعافي الاقتصادي العالمي على رغم أن التحركات السعرية خلال الأيام الماضية جاءت متأثرة بالظروف الجيوسياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة خصوصاً في ليبيا. وبيّن أن الدول العربية المنتجة للنفط وضعت نصب عينيها الاستفادة من إيرادات أسعار النفط للإنفاق على المشاريع الاقتصادية والمجتمعية لتحقيق التنمية الاقتصادية والبشرية بما يعزز محركات النمو في القطاعات الاقتصادية غير النفطية من ضمن خطط تنويع الاقتصادات العربية. واعتبر أن القطاع العقاري سيكون من أكثر القطاعات استفادة بما في ذلك العقارات السكنية والتجارية والمرافق، وكذلك البنية التحتية الأساسية في القطاعات الأخرى. وكان تقرير ل «شركة الراجحي المالية» لفت إلى أن زيادة السعودية إنتاجها من النفط لتعويض انقطاع الإمدادات الليبية في وقت تشهد أسعار النفط ارتفاعاً كبيراً يدعم النظرة الاقتصادية المستقبلية لاقتصاد المملكة، متوقعاً أن تنعكس مجموعة القرارات الاقتصادية والاجتماعية التي أعلنها الملك عبدالله بن عبدالعزيز على تعزيز جانب الاستهلاك في الاقتصاد السعودي، ما يعزز أكثر النظرة الإيجابية المستقبلية لاقتصاد المملكة. وأفاد تقرير «الراجحي» إن التعزيز المباشر للاستهلاك سيأتي من زيادة الراتب الأساسي بنسبة 15 في المئة لجميع العاملين في القطاع الحكومي وإضافة إلى قرار الحكومة من خلال «صندوق التنمية العقاري» إسقاط 585 مليون ريال هي عبارة عن قروض سكنية للمتوفين قبل أيلول (سبتمبر) 2007، مشيراً إلى أن التنازل عن هذه القروض غير المسددة سيزيد كمية النقد المتاح للإنفاق في أيدي المواطنين، ما سيدعم الإنفاق الاستهلاكي الخاص أكثر. يذكر أن السعودية أعلنت في كانون الأول (ديسمبر) موازنة 2011 التي شملت خططاً لإنفاق 580 بليون ريال مع تركيز على مشاريع التعليم والبنية الأساسية. ويستفيد نحو 20 ألف سعودي من قروض «صندوق التنمية العقاري» الذي رُصد له 40 بليون ريال، ما سينعكس على تطوير عدد مماثل من الوحدات السكنية في سوق يبلغ فيها عدد الوحدات السكنية أربعة إلى خمسة ملايين وحدة سكنية. وكان تقرير ل «البنك السعودي - الفرنسي» أشار إلى حاجة السعودية إلى تطوير 1.65 مليون وحدة سكنية بحلول 2015 لتلبية الطلب المتزايد على العقارات، وهذا يعني أن على الشركات الخاصة والحكومة بناء 275 ألف وحدة سنوياً حتى عام 2015. وقدرت دراسات أخرى أن هناك حاجة لإنشاء 2.62 مليون وحدة سكنية حتى 2020، بمعدل 262 ألف وحدة سكنية سنوياً، مع توقعات بأن تبلغ الأموال المستثمرة في بناء العقارات الجديدة خلال 10 سنوات 484 بليون ريال. ونوّه تقرير «المزايا» بأن زيادة قروض «صندوق التنمية العقاري» سيخفف الضغط عن المصارف المتشددة منذ أزمة الائتمان العالمية في منح القروض السكنية والعقارية، إلا أنه طالب المصارف بالتوسع في الإقراض السكني فقروض الصندوق لن تكفي في ظل الارتفاع المتوقع في أسعار المقاولات ومواد البناء والأراضي. أما في الكويت، فأشادت «المزايا» بقرار «الهيئة العامة للاستثمار» إنشاء محفظة عقارية برأس مال يبلغ بليون دينار (3.6 بليون دولار) للاستثمار في السوق العقارية المحلية، باستثناء الاستثمار في عقارات السكن الخاص، وأوضح بيان للهيئة أن المحفظة العقارية تهدف إلى تحقيق عائدات جيدة في المديين المتوسط والطويل والاستفادة من التراجع الحاد في قيم العقارات وتوافر فرص استثمارية مناسبة في هذا القطاع الحيوي من الاقتصاد الكويتي.