حقق الثوار الليبيون، أمس، أول «انتصار» كبير لهم على قوات العقيد معمر القذافي التي سُحقت في مدينة أجدابيا، «بوابة» شرق البلاد، بعد أسبوع كامل من القصف الجوي العنيف بالطائرات والصواريخ على يدي التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدةوفرنسا وبريطانيا. ولم يكتف الثوار باستعادة هذه المدينة الاستراتيجية، بل سارعوا إلى التقدم غرباً وأعلنوا السيطرة على ميناء البريقة النفطي، الأمر الذي يشير إلى نيتهم معاودة الزحف في اتجاه طرابلس لفك الحصار عن مدينة مصراتة وقلب نظام العقيد القذافي. وليس واضحاً بعد ما إذا كانت قوات القذافي ستبدي الآن في المناطق التي تتراجع إليها مقاومة شبيهة بالمقاومة التي أبدتها في أجدابيا، بعدما شاهدت بأم العين كيف حوّلت الطائرات الأجنبية أحدث دبابات النظام الليبي إلى مجرد خردة متناثرة بين رمال الصحراء. وقالت مصادر الثوار إنهم واصلوا تقدمهم غرباً من أجدابيا نحو البريقة والعقيلة قبل أن يصلوا في المساء إلى مدخل راس لانوف، ما يعني أنهم استعادوا كل المناطق تقريباً التي كانت في ايديهم قبل أن تشن قوات القذافي هجومها المضاد الأسبوع الماضي والذي كاد أن يهزم الثورة كلياً بعدما وصل إلى أبواب مدينة بنغازي، قبل بدء ضربات التحالف الدولي. وسارعت المجلس الوطني الانتقالي إلى توجيه رسالة شكر إلى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان داعماً أساسياً لعملية ضرب قوات القذافي وقلب موازين القوى لمصلحة الثوار. وقال محمود جبريل الناطق باسم المجلس الوطني الانتقالي في رسالة إلى ساركوزي «ان الشعب الليبي ينظر اليكم كمحرر. إن امتنانه لكم دائم». ووصف الجنود الفرنسيين بأنهم «محررون»، لكنه كرر رفض وجود «قوات خارجية» على الأراضي الليبية. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها يدرسون إمكان تسليم أسلحة الى المعارضة الليبية. ونقلت عن مسؤولين أميركيين وأوروبيين لم تكشف اسماءهم أن إدارة الرئيس باراك اوباما ترى أن الأممالمتحدة التي سمحت بالتدخل الدولي ضد ليبيا تتمتع «بالليونة» الكافية للسماح بهذه المساعدة. وصرح السفير الاميركي في طرابلس جين كريتز الذي عاد اخيرا الى بلده ان مسؤولي الادارة يجرون مشاورات حول كل الخيارات المتعلقة «بمساعدة ممكنة يمكننا تقديمها بشكل اسلحة قاتلة وغير قاتلة». وأضافت أن فرنسا أكدت تأييدها لتدريب وتسليح المتمردين. وفي القاهرة، أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أنه اطلع على «خريطة طريق» للاتحاد الأفريقي بشأن الأزمة في ليبيا التي أعلنت حكومتها على لسان رئيس البرلمان محمد أبو القاسم الزوي الموافقة على بنودها. وأشار موسى إلى أن «خريطة الطريق» هي نتيجة موقف أفريقي في أعقاب الاجتماع الذي انعقد الجمعة في أديس أبابا وشاركت فيه الجامعة، مؤكداً أن هذا الموقف سيكون موضع درس وتشاور بين أعضاء الجامعة. وكان موسى يتحدث في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بينغ في مقر الجامعة، وقال إنهما بحثا في شأن مشاورات واقتراحات جديدة بشأن الأزمة الليبية بالتنسيق بين الجامعة والمفوضية. أما بينغ فأكد أن أولى النقاط التي تم البحث فيها هي وقف إطلاق النار بين الطرفين الليبيين (الحكومة والثوار)، والثانية إيصال المساعدات الإنسانية، والثالثة تأمين خروج الأجانب من ليبيا وتسهيل انتقالهم. وقال بينغ «إن الأزمة في ليبيا كبيرة، ولا بد أن نجد الحلول لها»، مؤكداً أن «الجامعة هي أول شريك لنا، وقدمنا اقتراحات للنظر فيها من قبل الجامعة». واضاف أن لدى المفوضية «خريطة طريق» و «فريق اتصال» من خمس رؤساء دول، وأن هذا الفريق اجتمع يوم 19 آذار (مارس) الجاري لتنسيق المواقف. وذكر انه كان من المفترض الانتقال من نواكشوط إلى طرابلس في 20 آذار (مارس) ومن طرابلس إلى بنغازي في 21 منه، لكن صدور قرار مجلس الأمن في 20 من الشهر «كان علينا (أخذ) الإذن من مجلس الأمن للتحول إلى ليبيا، إلا أن مجلس الأمن رفض الطلب بهذا التصريح». وأضاف بينغ: «وبالتالي لم نتمكن من تنفيذ خريطة الطريق، واضطررنا إلى دعوة الطرفين إلى أديس أبابا»، موضحاً أنه تمت دعوة ممثلين من السلطات الليبية والمجلس الانتقالي الذي لم يحضر، مشيرا الى إمكان لقاء وفد المجلس في القاهرة أو تونس أو أي مكان آخر.