لم ينسِ زخم الحداثة خلال السنوات الأخيرة واقتحام «التكنولوجيا» أموراً حياتية عدة، شريحة الأجيال الشابة ماضي أسلافهم، إذ بدأوا في اقتناء مصنوعات تراثية، لتكملة «ديكور» جدران منازلهم وتزيين مركباتهم، ساعدهم في ذلك الفعاليات التي تنظم دورياً مثل مهرجان الجنادرية وصيف أبها، وغيرها من المناسبات التراثية. وعلى رغم أن الكثير من هذه الأجيال لا تعرف حياة البداوة في الأصل، ولم يسبق لها العيش في الصحراء أو لم يعش آباؤهم وأجدادهم في هذه البيئة الشاعرية، إلا أن كثيراً منهم اتّجه إلى فرش غرفه الخاصة في المنزل ب«السدو» وتدعيمه بالمقتنيات الأخرى، فيما جعل آخرون «السدو» زينة لسياراتهم. وعرفت سوزان الجهني التراث الوطني بأنه ثقافة المكان والتعبير عما تحمله من ماضٍ يحكي حياة الأجيال السابقة والحالية ويشمل العادات والتقاليد بمختلف الأنماط (الاجتماعية والثقافية والأسرية والتعليمية والصحية والاقتصادية)، إضافة إلى أنه سمة لكل دولة من دول العالم بل يخصص له يوم يحتفل به. وقالت ل«الحياة»: «تبرز أهم مميزات التراث في الحرف المهنية والأكلات الشعبية والأنشطة الترفيهية وسبل الحياة الاجتماعية والعادات والتقاليد المتبعة بين الأسر المتوارثة بين الأجيال، وغير ذلك». وأضافت: «من فضل الله علينا أن بلادنا متمسكة بتراثها منذ القدم، وتسعى جاهدة بكل ما تملك من طاقات وقدرات في الحفاظ عليه، وتوفير ما يلزم لتثقيف الأجيال المقبلة بمدى أهمية تراثهم وكيفية الحفاظ عليه، وبرز ذلك في إيجاد المكان الملائم لطبيعة البلاد واختيار مسمى مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة، وهو فعالية تشارك فيها مناطق المملكة كافة بما تحمله من تراث يجسد ويبرز ما فيها، ويتم الاحتفال به مرةً كل عام تحت إشراف قطاع الحرس الوطني». وعن تعلق الشبان السعوديين بالتراث، أوضحت أنه لا يخلو أي بيت من أي معلم تراثي ولو كان بسيطاً مثل الخيام المصنوعة من السدو التي تحمل الطابع البدوي بكل ما فيه، والأدوات المنزلية التي تخص المأكل والمشرب وأدوات الزينة والنظافة، مفيدة أن البعض يقتنيها كأدوات كمالية في تزيين المنزل من ناحية الديكورات الخارجية والداخلية، «وهو نوع من الاعتزاز والفخر بهذا التراث، ونلاحظ ذلك في اهتمام فئة الشبان (النساء والرجال) باقتناء كل ما يمت بصلة للتراث الوطني وحضور فعاليات الحفلات والمشاركة في بعض أقسامها». وتؤيد أم علي دور المهرجانات في عرض التراث القديم في أزهى ما يكون بصور جذابة تدفع الشبان وكبار السن إلى اقتنائه، خصوصاً مهرجان الجنادرية السنوي والفعاليات الأخرى التي تركز على هذا الجانب وفي مقدمها مهرجان أبها». وترى مرام عبدالله ضرورة ربط ميول الشبان بالتراث من طريق «الموضة» التي ترغم الجميع الانقياد لها بغض النظر عن الميول الشخصية سواء بارتداء زي معين في المناسبات أو اقتناء قطع معينة ك«الإكسسوارات» أو قطع الأثاث.