لم يكن من الممكن إقناع المؤسسات المالية في الشرق الأوسط، خصوصاً في منطقة الخليج العربي، بفوائد العملة الإلكترونية «بيتكوين» عند ظهورها في أوائل 2009، لاسيما أن التعامل المالي في هذه المناطق كان مقتصراً على البنوك التقليدية والتعاملات النقدية. وأضافت «السمعة السيئة» لهذه العملة مصاعب إضافية على تبني التعامل بها، خصوصاً أن الكثير من العاملين في الصناعة المالية في المنطقة اعتقدوا أن «البيتكوين عملة للاتجار بالنشاطات غير القانونية على شبكة الإنترنت المظلمة، كما أن البلوكشين هو مجرد برمجية خبيثة». ولكن مع مرور الوقت واكتشاف أن التعاملات النقدية التقليدية تفقد زخمها، وباتت تحل محلها تكنولوجيا مالية تعتمد على نظام «البلوكشين» والعملات الإلكترونية، بدأ بعض الدول في المنطقة بوضع «البيتكوين» على سلم أولوياته كمستقبل للتمويل، وعمليات الدفع والتحويلات، لتحل محل أنظمة الدفع والتحويلات التقليدية بواسطة الحسابات الموزعة (سلسلة الكتل) والعملات المشفرة (بتكوين)، لا سيما في ظل زيادة التجارة الإلكترونية في المنطقة، وزيادة اعتماد شركات ومؤسسات إقليمية العملات الرقمية. وتعد عملة «البيتكوين» الرقمية أحد أشهر عملات الإنترنت، والتي تعتبر بديلة للعملات الورقية، خصوصاً أنها صممت لحل مشكلات صعوبة نقل الأموال من مكان إلى آخر، والإجراءات المرهقة التي تطلبها التحويلات المالية، وقد بدأ انتشارها في شكل كبير، بعد دعمها من قبل الكثير من شركات التكنولوجيا. أما التكنولوجيا المالية «البلوكشين»، فقد بدأت مؤسسات مالية في المنطقة تعتمدها باعتبارها تسمح بتتبع التعاملات المصرفية في شكل آمن. وأعلنت إحدى أقدم محلات الصرافة وتحويل الأموال في الإمارات أنها تجري محادثات مع شركة ال «بلوكشين» الأميركية «ريبل»، بخصوص عمليات ربط المدفوعات بتقنية «بلوكشين»، إذ تتطلع «الإمارات العربية المتحدة للصرافة» إلى صفقة مع «الريبل» لمساعدتها على تقديم مدفوعات عبر الحدود في الوقت الفعلي الذي تسمح استخدام هذه التقنية التي تعتبر نظاماً إلكترونياً لمعالجة التعاملات والأرشيف، للأطراف بتتبع المعلومات في شبكة آمنة من دون الحاجة إلى التحقق من طرف ثالث. وهي التكنولوجيا الأساسية التي تسهل استخدام العملات الإلكترونية أو «العملات المشفرة»، مثل ال «بيتكوين» وال «بيتكوين كاش»، والتي أصبحت ذات شعبية متزايدة في كل أنحاء العالم. وأعلنت إمارة دبي إنها تسعى إلى أن تصبح أول مدينة «بلوكشين» في العالم بحلول 2020، لتكون الأولى في استخدام خدمات التكنولوجيا المصرفية في الشرق الأوسط، بهدف خفض كلفة تجهيز الوثائق من خلال التخلص من المعالجات اليدوية للإقامة ووثائق جواز السفر والتأشيرات، وتحسين العمليات الحكومية والصرافة الإسلامية من طريق نقل الأوراق الحكومية الدولية إلى البلوكشين. ويتم حالياً نشر نماذج أخرى عدة من البلوكشين من قبل حكومة دبي وشركة «أي بي إم». وأكد موقع «كريبتو أنسايدر» أن دبي اقتربت جداً من تحقيق طموحها بأن تصبح عاصمة «البلوكشين» في العالم، بعدما حققت قفزة كبيرة للاستفادة من فرص تحقيق وفورات إضافية بقيمة 1.5 بليون دولار من خلال التوظيف الأمثل لهذه التقنية القوية في القطاعات الخدمية المختلفة. وأكدت وكالة «إس آند بي غلوبال للتصنيفات الائتمانية» في تقرير حديث، أن التكنولوجيا المالية في منطقة الخليج ستغير طريقة عمل هذه البنوك مع مرور الوقت، وستدفع بعض البنوك في المنطقة إلى إدخال تغييرات على عملياتها من خلال زيادة الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية، وخفض عدد الفروع، وإعادة هيكلة الموظفين. ولاحظت المؤسسة العالمية، أن بعض المصارف في المنطقة بدأ يدرك حجم الأخطار والفرص التي تفرضها التكنولوجيا المالية، وقام بوضع الإجراءات اللازمة للتكيف مع الحقائق الجديدة في بيئته التشغيلية. وتوقعت الوكالة أن تواصل الجهات التنظيمية الإقليمية حماية الاستقرار المالي لأنظمتها المصرفية، وتوظيف التكنولوجيا في قطاع الخدمات المالية، ما يحد من كلفة تنفيذ المعاملة ووقتها، فضلاً عن تزويد الزبائن بتجربة أفضل في الوقت ذاته. وارتفع حجم استثمارات رأس المال المخاطر في التكنولوجيا المالية في شكل كبير عالمياً، وصل إلى 50 بليون دولار. وكان الهدف من إصدار العملة الافتراضية (البتكوين) تمكين المتسوّقين في العالم الافتراضي من التعامل بوسيلة نقدية مقبولة من الجميع، ولكن الإقبال عليها كان هائلاً، ما دفع بعض المؤسسات والأفراد في منطقة الخليج إلى ركوب الموجة واعتمادها آلية استثمارية. ولكن ارتفاع سعر «البتكوين» باستمرار على مدى السنوات الأخيرة ليتجاوز 4 آلاف دولار، دفع دولاً الى حظرها، وتشجيع مؤسسات استشارية ومحللين ماليين على اعتبارها «فقاعة».