كسب الرئيس اليمني علي عبدالله صالح أمس جولة في المواجهة القائمة بينه وبين المعارضة المطالبة بتنحيه، عندما نجح في حشد مئات الآلاف من أنصاره الذين قدموا من مختلف أنحاء اليمن إلى العاصمة صنعاء رداً على تنظيم أحزاب اللقاء المشترك «جمعة الرحيل» التي تشكل بحسب قولها المهلة الأخيرة قبل الزحف إلى القصر الرئاسي الجمعة المقبل. واستفاد صالح من إطلاق المعارضة تهديدها بالزحف إلى القصر الجمهوري ليثير مشاعر مؤيديه الذين شكلوا نهراً بشرياً أمتد بين ميدان التحرير بوسط صنعاء وميدان السبعين القريب من دار الرئاسة، مفاجئاً بحجمه أوساط المعارضة التي أثارت مخاوف اليمنيين من حدوث «حمام دم» بين «الزاحفين» وبين قوات الحرس الرئاسي. وقال الرئيس في كلمة في الحشد إن هذا «هو الاستفتاء الشعبي الفعلي على الحرية والديموقراطية والشرعية»، مؤكداً انه «ثابت وصامد» في موقعه، وإنه مستعد «لتسليم السلطة إلى أياد أمينة وبالطرق السلمية والشرعية». ووصف الرئيس اليمني في كلمته بعض معارضيه ب «المغامرين والمتآمرين الذين لا هم لهم سوى تمزيق اليمن»، قائلاً إن هؤلاء «يريدون أن يحصلوا على السلطة من فوق جماجم الشهداء والأطفال». وأكد: «نحن مستعدون لتسليم السلطة إلى أياد أمينة (...) لا إلى أياد حاقدة وفاسدة ومتآمرة». وتابع «لا يمكن أن تسلم السلطة إلى قلة قليلة»، متوجهاً إلى المحتشدين بالقول «انتم الذين تستلمون السلطة». ورد المعتصمون على كلمة صالح الذي سبق أن عرض إجراء انتخابات رئاسية قبل نهاية العام الحالي، ببيان حددوا فيه «مطالب الثورة الشبابية السلمية»، داعين إلى «تنحي الرئيس من منصبه على الفور وعزل أبنائه وأبناء أخيه من قيادة الوحدات العسكرية والأمنية». كما دعوا إلى تشكيل «مجلس وطني انتقالي (...) ولجنة من ذوي الخبرة والتخصص لصياغة دستور جديد يقوم على النظام البرلماني ويتم الاستفتاء عليه في فترة لا تتخطى ثلاثة اشهر». وطالبوا ب «بناء دولة مدنية حديثة قائمة على المشاركة السياسية وتداول السلطة». وجاءت كلمة صالح بعد لقاء مساء الخميس بينه وبين أخيه غير الشقيق اللواء علي محسن صالح الأحمر، قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية والذي شكل انشقاقه ضربة موجعة للنظام وانقساماً غير مسبوق داخل المؤسسة العسكرية منذ تولي الرئيس صالح الحكم قبل نحو 33 سنة، وانعكس تصلباً في موقف المعارضة. وعقد اللقاء في منزل نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي يقوم بجهود لرأب الصدع بين الرجلين. وقالت مصادر مطلعة إن هذا الجهد أسفر عن بعض التقدم في اتجاه تسوية سياسية تشمل أحزاب المعارضة وحزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم. وأضافت المصادر أن الرئيس صالح واللواء الأحمر اتفقا على وجوب حقن الدماء وعدم الانجرار إلى مواجهة بين وحدات الجيش، وأبديا حرصاً كبيراً على تجنيب اليمن الفوضى والحرب الأهلية ومخاطر الانقسام. وأشارت المصادر إلى أن جهود نائب الرئيس حققت تقدماً لجهة تهدئة الصراع داخل المؤسسة العسكرية، وأن هذه الجهود لا تزال قائمة وتنتظر مسعى اللواء الأحمر لإقناع أحزاب «اللقاء المشترك» بقبول مبدأ الحوار والتفاوض حول اتفاق مع الرئيس. وكان مئات آلاف المحتجين اليمنيين احتشدوا منذ صباح امس في «ساحة التغيير» قبالة جامعة صنعاء للمشاركة في صلاة الجمعة، واضطرت عناصر الجيش إلى إطلاق النار في الهواء لمنع الاحتكاك بين تجمعي المعارضة والموالاة. وأعلن المعتصمون الخميس أن يوم الجمعة المقبل سيكون «يوم الزحف» في حال لم يغادر صالح الحكم خلال أسبوع. وأقام الجنود وناشطون معارضون حواجز عند مداخل ساحة التجمع قرب الجامعة، لتفتيش الداخلين إلى مركز الحركة الاحتجاجية المستمرة منذ كانون الثاني (يناير). وعلى بعد حوالى أربعة كيلومترات نصبت الشرطة حواجز عند مداخل التجمع المؤيد للرئيس اليمني. وفي جنوب اليمن، تظاهر عشرات الآلاف في مدن جنوبية عدة عقب صلاة الجمعة للمطالبة بإسقاط النظام ورفض قانون الطوارئ. وخرج الآلاف من مساجد الشيخ عثمان وخور مكسر وكريتر ودار سعد والمعلا والمنصورة إلى ساحة التغيير في أحياء مدينة عدن مرددين شعارات مناهضة للحكم. وقال شهود في عدن إن عشرات الآليات العسكرية التابعة لقوات الحرس الجمهوري تحيط بحي فتح حيث مقر القصر الرئاسي تحسباً لأي «زحف للمتظاهرين المناوئين للنظام». وفي مدينة الحوطة في محافظة لحج، تظاهر الآلاف بعد أداء الصلاة في ساحة التحرير ونزلوا إلى الشوارع مرددين هتافات «الشعب يريد إسقاط النظام». وجرت تظاهرات مماثلة في محافظات شبوة وحضرموت.