غداة الهجوم الذي شنته قوات يقودها العقيد مختار فرنانة على مقر المؤتمر الوطني العام (البرلمان) الليبي في طرابلس وانسحابها منه لاحقاً، وعلى رغم عدم تمكن الجنود التابعين للعقيد المتقاعد في الجيش خليفة حفتر من البقاء في المواقع التي حاولوا انتزاعها يوم الجمعة الماضي من قبضة المتشددين في منطقتي الهواري (جنوب غربي بنغازي) وسيدي فرج قرب مطار بنينا الدولي الذي يستخدم السلاح الجوي المساند لحفتر جزءاً منه، توّعد الأخير في بيان بثه عبر التلفزيون أمس، باستئصال «التكفيريين»، كما أصدر بياناً كلّف هيئة صياغة الدستور بتسلم زمام القيادة في البلاد بدلاً من المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته منذ 7 شباط (فبراير) الماضي. وساد هدوء حذر شوارع طرابلس أمس، في حين أعلنت قاعدة جوية في مدينة طبرق (شرق) في بيان نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي انضمامها إلى قوات حفتر. وأصدرت الحكومة الليبية أمس، مبادرة قضت بتعليق عمل المؤتمر الوطني العام حتى موعد الانتخابات الاشتراعية المقبلة. وبعد الجزائر، أغلقت السعودية أمس، سفارتها وقنصليتها في طرابلس وأجلت جميع أعضاء بعثتها الدبلوماسية في ليبيا، بسبب «الأوضاع الأمنية» هناك. وأكد السفير السعودي لدى ليبيا محمد محمود العلي أن كل «البعثة الديبلوماسية غادرت العاصمة الليبية على متن طائرة خاصة»، و «ستعود حال استقرار الأوضاع» هناك. وبدا أن الوضع الأمني- السياسي يتجه إلى مزيد من التعقيد في ضوء معلومات لمصادر مطلعة في البيضاء والمرج وطبرق، إذ أفاد مصدر إعلامي بأن حوالى 90 في المئة من مواطني مدينتي البيضاء والمرج والمناطق المحيطة بهما يؤيدون حفتر ويرون أن حركته قد تنهي الفوضى وتعيد لليبيا الأمن المفقود منذ 3 سنوات. أما في طبرق، فقال الناشط عبد العزيز الرواف إن «80 في المئة تقريباً من مواطنيها يؤيدون حفتر، لكن القادة العسكريين في القاعدة البحرية ما زالوا في المنطقة الرمادية». وذكرت مصادر أخرى في شرق ليبيا أن الطيران الحربي نفّذ طلعات أمس، فيما وصلت سرايا من كتيبة عمر المختار التابعة للجيش الليبي إلى بنغازي لدعم قوات حفتر. كما ذكرت مصادر في المرج أن رتلاً من قوات «أنصار الشريعة» حاول التوجه إلى بنغازي أمس، فقُصف لمنعه من مساندة المتشددين. في غضون ذلك، صرح الناطق باسم الحكومة الموقتة أحمد الطيب، بأن «بيان الحكومة واضح في شأن من يتحركون تنفيذاً لأوامر مطلوب للعدالة، فهم أيضاً مخالفون ويسري عليهم القانون الجنائي والقوانين الخاصة بالمخلين بالأمن العام، لأن من يحركهم ليس مكلفاً من سلطات الدولة ولا مخولاً فعل ما قام به، ولا يمكن القبول بلجوء كل مَن له حسابات يرغب في تصفيتها إلى القوة». وتابع أن «ذلك لا يعني أن الحكومة تقف مع أي طرف من طرفي الاشتباك، بل هي على مسافة واحدة منهما، ويهمها صون أرواح المواطنين». وسُئل الناطق عن دعم أهالي القبائل والمدن في شرق ليبيا لقوات حفتر، فأجاب: «الأهالي لم يفهموا في شكل صحيح حقيقة التحركات، بل اعتبروها شرعية، وظنوا أنها ستحقق لهم الأمن، وهي ليست كذلك».