بينما يبلغ متوسط أعمار الأعضاء الحاليين في مجلس الشورى 60 عاماً تقريباً، وتعكس السير الذاتية لأعضائه عملهم غالباً في القطاع الحكومي لمدد تقترب من ال30 عاماً، انطلقت دعوات إلى ضم شباب مميز إلى المجلس من باب أن 70 في المئة من السعوديين تحت سن 30 عاماً، ما يعني أن فئة الشباب ضخمة وتحتاج إلى من يمثلها في المجلس. ذهب عضو مجلس الشورى سابقاً نجيب الزامل رجل الأعمال والكاتب إلى القول بأن: «القوة دائماً تأتي من الأشياء الفوارة، وبالتالي إذا تصورنا هذه الأمة ديناميكياً كقطار كبير فيه عربات كثيرة يجب أن تكون القاطرة قوية ومفعمة بالحيوية، حتى تجر هذه العربة الكبيرة إلى الأمام وتوصلها إلى محطاتها وأهدافها، وبالتالي فإن القوة دائماً إذا تكلمنا عن البشر محصورة في الشباب، لأنهم أصحاب الطاقة». ويضيف الزامل: «نحن بحاجة إلى استغلال طاقة الشباب، نحتاج إلى قوة دافعة وقوة ساحبة مثل القاطرة، هذا عصر الشباب، لأنهم يتعاملون مع تقنية لن يفهمها الكبار، ويجب أن يكون لهم دورهم في كل الأماكن وتتم رعايتهم، كما تمت رعاية الشباب في اليابان الذين يقودون الأمة اليوم». ويتابع: «أعضاء مجلس الشورى لا يعانون من شيء، وهذا واقعهم، عملوا وتعبوا، وكل واحد منهم الآن لديه بيته وسيارته ووظيفته، بمعنى أنه لا يوجد شيء يشغله، هذا هو الواقع». «لا تبدع الأمم ولا تنتج إلا الذين تتراقص أقدامهم على جمر النار». يستشهد الزامل بمقولة الخبير الاجتماعي في البناء الحضاري جون تنسون، ويفسرها ب«الأعضاء الذين في المجلس لا يعانون، وحتى لو عانوا ما رقصوا على جمر النار. أما الشاب الذي يعود من أميركا متعلماً ومتفوقاً، ثم يعيش كل يوم يطلب من والده المال مرة تلو الأخرى، فحاله تمثل منتهى سحق الكرامة البشرية، وقمة الرقص على جمر النار، وهؤلاء من يجب إعطاؤهم الفرصة لإثبات الذات ولتفريغ الطاقات التي لديهم». أما الروائي السعودي يوسف المحيميد فيطرح سؤالاً استفهامياً: «بحسب شروط اختيار عضو مجلس الشورى فإنه يجب ألا يقل عمر عضو المجلس عن 30 عاماً، لكن هل من بين هؤلاء الأعضاء من هو في ال30 مثلاً أو حتى في ال35»؟ ليضيف سؤالاًَ آخر: «كيف يمكن أن تنقل رؤى الشباب ومشكلاتهم، أحلامهم وطموحاتهم»؟ وأردف قائلاً: «بالطبع لا يوجد، فقوائم أسماء الأعضاء في الموقع الإلكتروني للمجلس وسيرهم الذاتية تثبت أن معظمهم تجاوز ال60 عاماً، أي أن أكثر من 80 عضواً من إجمالي 150 عضواً، هم ممن تزيد أعمارهم على 60 عاماً، وهي السن الرسمية للتقاعد من العمل في أنظمة العمل والخدمة المدنية في البلاد، ليثير تساؤلاً ثلاثاً: «هل أصبحت مقاعد المجلس مكاناً مناسباً للمتقاعدين»؟ وتمنى المحيميد أن يُمنح الشباب فرصة أكبر في دورات المجلس المقبلة، وأن يُمنح لمن هم بين ال30 وال40 عاماً أكثر من مجرّد مقعد واحد، كما هي الحال الآن، فالطبيعي أن يكون لهؤلاء نصف مقاعد المجلس، «لو حدث ذلك فعلاً، سنجد أن مواضيع المجلس اختلفت، وتشكيلات لجانه حتماً ستختلف، بل ستختلف نتائج تصويته حتى على القضايا ذاتها، لأننا سنبث فيه روح الشباب، فالشباب هم من يصنع الأمم والشعوب، أحلامهم وتطلعاتهم ستنير ردهات المجلس وقبته البرلمانية، وهو أمر إيجابي ومؤثر». لكن الكاتب سعيد الوهابي يرفض تعيين الشباب في مجلس الشورى، بصفتهم يمثلون شريحة الشباب. ويقول: «أنا ضد تعيين مجموعة من الشباب لأنهم شباب فقط، ويتم وضعهم في لجنة الشباب مثلاً في المجلس»، إذ يرى أن حصر الشباب ووصفهم وكأنهم فصيلة طارئة على المجتمع، وبالتالي تعيينهم فقط ليقوموا بمناقشة ما يخصهم أمر غريب! ويستطرد الوهابي: «الأمر الجديد والمختلف حجم الخبرة والتعلم الذي يحصل عليه الإنسان، وابتذال الخبرة والمعلومة في العصر الحديث، الموظف الحكومي والأستاذ الجامعي الذي يعمل 30 عاماً في مكان واحد هو يكرر نفسه 30 مرة طوال أعوام عمله، بينما يصدف كثيراً أن تجد شاباً في الثلاثينات يحمل شهادات عليا وخبرات متعددة ومختلفة في القطاع العام والخاص وقطاع الأعمال والقطاع الأكاديمي. ويعتبر الوهابي أن «ما نحتاج إليه الآن أو منذ أعوام، إضافة إلى هذا الشاب صاحب الخبرات القصيرة والمتعددة أكثر من الموظف الحكومي الذي قضى أعوام عمره يتدرج في السلك البيروقراطي لأحد الوزارات أو الجامعات». وأوضح أن حلول الأعضاء ذوي الخبرة للمشكلات لا توحي بأية محاولة للتفكير خارج الصندوق، «فالعضو معتاد - كأي موظف حكومي في العالم - على حل مشكلاته الإدارية في الاقتصاد والتنمية والتعليم والإعلام عبر تشكيل اللجان التي تنبثق عنها لجان». وأضاف: «أصبحت الخبرة الإدارية الطويلة تتحول هنا إلى خلل وعائق أكثر منها حكمة وفائدة، بمعنى أن 150 عضواً تقريباً يفكرون بالطريقة نفسها، بينما تجد الشباب في وزارات مثل العمل والتجارة والصناعة يطرحون حلولاً سريعة»، ضارباً المثل بالبرامج التي تطرحها وزارة العمل «ابتكرها شباب يقودهم وزير متعدد الخبرات في القطاعين العام والخاص».