اعتبر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن «التدخل الخارجي في الشأن البحريني يعطي حشداً على خلفية طائفية في مقابل طائفة أخرى»، وهو قال «إن الحق الطبيعي لكل الشعوب أن تسير في تظاهرات تعبّر فيها عن مطالبها ورغباتها، كما حصل عندنا في العراق، حيث كانت التظاهرات محترمة، ولم تتعرض الى عمليات عسكرية تمنع الناس من التعبير عن مطالبهم». الرد التلقائي الذي لقيته تصريحات المالكي هو «انظر مَن الذي يتكلم عن حق الشعب والديموقراطية». فحكومة المالكي مارست قمعاً غير مسبوق ضد المتظاهرين العراقيين الذين خرجوا الى الشارع للمطالبة بتحسين اوضاعهم المعيشية المتردية، وتوفير الخدمات الضرورية، وفرص عمل، ومكافحة الفساد، فقتل منهم اكثر من عشرين شخصاً، ووصفهم رئيس الوزراء ب «الإرهابيين»، ومارست أجهزة الأمن عمليات تعذيب وانتهاكات غير مسبوقة بحق المحتجين، فضلاً عن أن المالكي استولى على السلطة بفرض الأمر الواقع، وزيّف العملية الانتخابية. وهو ما زال يتلكأ في استكمال تشكيل الوزارة، ويسعى الى إطالة أمد شغل بعض المناصب بغية الاستمرار في إدارته وزارتي الدفاع والداخلية بنفسه، من أجل تكريس الهيمنة على مفاصل الدولة، واستمرار حال التحيز والتمييز ضد المواطنين. لا شك في ان تدخل نوري المالكي في الشأن الداخلي لدول الخليج، والتطاول على سيادتها، ومحاولة تكريس الحشد المذهبي الكريه في المنطقة، لم تأتِ من اجل صرف الأنظار عن دوره في تزييف العملية السياسية في العراق، واستحواذه على معظم السلطات فحسب، بل هو ينفّذ توجهات وأطماعاً إقليمية، ويسعى الى تسويغ التدخلات الإيرانية في شؤون البحرين، من خلال تضخيم البُعد المذهبي للأحداث، وخلق حال من العداء بين الشيعة والسنّة في العراق والمنطقة. بل إن المالكي وجد في أحداث البحرين، فرصة مثالية لنزع القناع المذهبي الذي صبغ سلوكه السياسي منذ اليوم الأول. الأكيد أن النفخ المذهبي في أحداث البحرين منهج مدمّر، لا يقتصر تأثيره الخطير على أوضاع البحرين، إنما يتعداها الى زرع الفرقة بين أبناء دول الخليج. فالتمسك بخطاب سياسي مذهبي تسويغ لتنامي هذه المشاعر بين عامة الناس، واستنساخ لتجارب مفزعة في المنطقة، وتكريس لصراعات دينية موحشة.