غداة زيارة مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين إلى ليبيا حيث جال على مراكز ومخيمات استقبال المهاجرين، بدأ برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بتقديم مساعدات غذائية ضرورية للأسر النازحة بسبب مواجهات بين مجموعات مسلحة في مدينة صبراتة (غرب)، التي شهدت أخيراً ارتفاع وتيرة الصراع. وانتقل أكثر من 15000 شخص منذ نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي، إلى مدن قريبة ومناطق أكثر هدوءاً في مدينة صبراتة. وقال المدير القُطري لبرنامج الأغذية العالمي في ليبيا ريتشارد راجان: «بمساعدة شركائنا الليبيين، يقوم برنامج الأغذية العالمي بتقديم مساعدات غذائية تكفي 1500 شخص الذين تضرروا بشدة نتيجة الاشتباكات المتفرقة». ويقدم البرنامج مساعدات غذائية لنحو 300 أسرة، وتوفر كل حصة للأسرة المكونة من خمسة أفراد ما يكفيها مدة شهر من الرز، والمعكرونة، والدقيق، والحمص، والزيت النباتي، والسكر، وصلصة الطماطم. ويحتاج برنامج الأغذية العالمي الذي يعتمد كلياً على التبرعات المقدمة من الحكومات والشركات والأفراد إلى 9.2 مليون دولار بصفة عاجلة ليواصل تقديم المساعدات الغذائية في ليبيا خلال الأشهر ال 6 المقبلة. في السياق ذاته، قال رئيس مركز للإيواء في مدينة غريان الليبية عبد الحميد مفتاح إن آلاف المهاجرين الذين نزحوا نتيجة القتال في صبراتة في حاجة ماسة للمساعدة الطبية واصفاً وضعهم بال «مأساوي». وكان نحو 5800 مهاجر وصلوا إلى المركز منذ اندلاع المعارك في صبراتة التي كانت مركزاً للعبور إلى إيطاليا. ونقلت السلطات نحو ألفي شخص من غريان إلى مراكز أخرى في العاصمة طرابلس. وقال مدير مركز إيواء الحمراء في غريان: «الوضع مأساوي... كارثي. ولا يوجد دعم». وتسعى وكالات الأممالمتحدة جاهدة لتقديم الدعم لآلاف المهاجرين الذين أتت غالبيتهم من أفريقيا جنوب الصحراء والذين تقطعت بهم السبل بسبب القتال. ونُقل كثيرون منهم إلى مراكز مثل مركز «الحمراء» في غريان، الذي تسيطر عليه «حكومة الوفاق الوطني» شكلياً لكنه يشتهر بالانتهاكات الواسعة النطاق وتردي الأوضاع، وعدم تمكّن العاملين في المجال الإنساني من الوصول إليه إلا على نطاق محدود. ويتكون مركز الحمراء من نحو 12 مبنى صُمم كل منها لاستيعاب نحو 150 شخصاً. وقال مفتاح إن نحو 70 في المئة من المهاجرين ممَن وصلوا إلى المركز في حاجة إلى الرعاية الطبية لكنهم لا يحصلون عليها. ولدى مرور أحد الصحافيين رفع أحد المهاجرين صوته بينما كان متشبثاً بقضبان باب أحد المباني قائلاً: «رجاءً، نحن نموت... نحن نموت». وأضاف مفتاح أن في المركز الكثير من الأطفال وبعض الحوامل. وتابع: «نوجه نداء استغاثة لكل المنظمات الدولية وللدولة الليبية بالنظر في الظروف الإنسانية لهؤلاء المهاجرين». كما أثار المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين أوضاع المهاجرين مع السلطات الليبية خلال زيارته البلاد. وقال في بيان: «أطالب الحكومة بإيجاد بدائل للاحتجاز في ليبيا وبوقف ممارسة الاعتقال التعسفي وضمان المحاسبة عن الانتهاكات التي ارتُكبت ضد المهاجرين في مراكز الاعتقال». ودعا إلى تمكين المراقبين في مجال حقوق الإنسان من الوصول إلى مركز الاعتقال حيث يُحتجز آلاف الليبيين منذ سنوات من دون إجراءات قضائية، مشيراً إلى «تقارير مروعة» تخرج من بعض هذه المراكز. وقال زيد رعد الحسين، الذي بات أول مسؤول في الأممالمتحدة يعمل في مجال حقوق الإنسان يزور ليبيا، إن «هناك مجموعات مسلحة تقتل وتحتجز مدنيين وعسكريين رهائن، كما أن مدنيين من بينهم نساء وأطفال يُقتلون اسبوعياً بسبب الاستخدام العشوائي للسلاح»، إلا أنه مع ذلك رحب بالتزام المسؤولين الليبيين مواجهة هذه التجاوزات وعلى رأسهم رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج ووزيرا الداخلية والعدل. في غضون ذلك، عقد مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى ليبيا غسان سلامة ورشة عمل لمعالجة التحديات التي تواجه البلديات أثناء عملها من أجل المصالحة الوطنية وتبادل الخبرات وتطوير أفضل الممارسات. اجتمع سلامة مع هيئات تمثيلية للطوارق والتبو والأمازيغ لمناقشة التنمية المحلية إضافة إلى الاندماج السياسي والحقوق الدستورية. وقال سلامة خلال اجتماعه مع رؤساء بلديات طربلس الكبرى أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يتطلع إلى إمكانية عبور الأزمة الليبية نفق الظلام خلال السنة المقبلة. وأضاف أنه «عندما سُئل الأمين العام عن رأيه بإمكانية استعادة الدول المضطربة والتي تمر بأزمات سياسية وأمنية لعافيتها خلال عام, لم يُجب إلا بليبيا فقط».