قبل ساعات من افتتاح جولة خامسة من مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكزيت)، وضع الطرفان كرة التقدم في المحادثات «في ملعب» الطرف الآخر، إذ دعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي زعماء الاتحاد إلى «إبداء مرونة لأن الكرة في ملعبهم»، في حين أكد الاتحاد الأوروبي أن «الكرة في ملعب بريطانيا بالكامل». ولم يحضر كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه ونظيره البريطاني ديفيد ديفيس بدء الجولة الخامسة في مقر المفوضية الأوروبية ببروكسيل، ما يشير إلى تراجع الآمال في تحقيق تقدم قبل انعقاد قمة قادة الاتحاد في 19 الشهر الجاري من أجل اتخاذ قرار في شأن إذا كانت درجة التقدم في المفاوضات تكفي للانتقال إلى مرحلة المحادثات التجارية التي تريدها بريطانيا قبل موعد خروجها في نهاية آذار (مارس) 2019. وكان رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر حذر من أن «هناك حاجة لحدوث معجزات هذا الأسبوع لتحقيق تقدم يكفي للتوصل إلى قرار إيجابي خلال القمة»، علماً أن بارنييه أبلغ البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي أن «الجولة السابقة لم تحقق التقدم الكافي لبدء المرحلة الثانية من المفاوضات». وأمام مجلس العموم البريطاني (البرلمان) قالت ماي التي تكافح من أجل البقاء في منصبها بعدما خسر حزب المحافظين الذي تتزعمه الغالبية البرلمانية في الانتخابات المبكرة التي دعت إليها في حزيران (يونيو) المقبل: «أنا متفائلة بأننا سنتلقى رداً إيجابياً يسمح بإطلاق المرحلة الثانية من المفاوضات». لكن هذا السيناريو يبدو مستبعداً في ظل عدم تحقيق الشروط التي حددتها البلدان ال27 الأعضاء، وتشمل الفاتورة التي يجب أن تدفعها بريطانيا، وحقوق مواطني الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون في بريطانيا، ومصير الحدود بين إرلندا الشمالية وجمهورية إرلندا». ورد الاتحاد الأوروبي برفض تصريحات ماي. وقال الناطق باسم المفوضية مارغاريتيس شيناس: «هذه ليست لعبة كرة. هناك تسلسل واضح للمحادثات، ولم نتوصل إلى حل حتى الآن في شأن الخطوة الأولى لإجراءات الطلاق. لذا الكرة في ملعب بريطانيا بالكامل من أجل إنجاز ما تبقى». ويبدو الأوروبيون متشائمين وقلقين أيضاً من انعكاسات ضعف ماي الذي ظهر في الخطاب الذي ألقته في مؤتمر حزبها بمدينة مانشستر الأربعاء الماضي، على المفاوضات. وهي قوطعت من قبل ممثل هزلي قدم لها استمارة تسريح أعطاه إياها وزير الخارجية بوريس جونسون الذي يتحدى سلطتها بدعوته إلى «بريكزيت أكثر تشدداً». ورأى مجتبى رحمن، المحلل في مجموعة «يوراسيا» الفكرية أن «تصريحات جونسون في المؤتمر زعزعت ثقة دول الاتحاد الأوروبي»، معتبراً أن «مشكلة تيريزا ماي هي ضرورة تحدثها إلى جمهورين، أولهما الجناح المتشدد لبريكزيت في حزبها الذي يجب أن تطمئنه، والثاني هم الأوروبيون الذين عليها أن تثبت لهم أنها في موقع جيد للتفاوض». وكان الاتحاد الأوروبي رحب ب «اللهجة البناءة والديناميكية الجديدة» التي تعطي دفعاً للمفاوضات في خطاب ألقته ماي في فلورنسا في 21 أيلول (سبتمبر)، حين اقترحت فترة انتقالية لمدة سنتين بعد «بريكزيت»، ووعدت بأن «يحترم» بلدها تعهداته المالية تجاه الاتحاد الأوروبي. لكن كبير مفاوضي الاتحاد بارنييه قال للبرلمان الأوروبي إن «خلافات جدية ما زالت قائمة خصوصاً في شأن التسوية المالية» التي تقدر قيمتها بين 60 ومئة بليون يورو. ولا يطالب المفاوضون الأوروبيون بوعود بالأرقام من لندن حالياً، بل مجرد اتفاق مبدئي على طريقة حساب ما زال التوصل إليه بعيداً. وتعتبر وسائل ضمان حقوق المواطنين الأوروبيين المقيمين في بريطانيا بعد «بريكزيت» نقطة خلاف أخرى، إذ لم تنجح لندن وبروكسيل في التفاهم على الدور الذي قد تلعبه محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في هذا المجال.