في سنوات ماضية، لم يكن أهالي عروس البحر الأحمر يتوانون عن الخروج خلال أوقات المطر للتنزه والاستمتاع بالأجواء المبهرة وغريزة التكرار. لكن حال الجداويين تغير بعد فاجعتي السيول الماضيتين، ليتحول اهتمامهم بنشرات الطقس على شاشات التلفزة المختلفة، بعد أن كانت نشرة أحوال الطقس المسائية في التلفزيون الرسمي، مجرد وقت ممل تستغرق فيه أسماء المحافظات وقتاً طويلاً من القراءة، أما الآن فأمست تحذيرات «الأرصاد» أولوية مهمة بالنسبة لتحركاتهم. ووجد الجداويون أن الكارثتين التي لحقت بالمدينة الساحلية التي لم يفصل بينهما سوى عامين جعلتهم يغلبون مبدأ السلامة على ما سواه، آخذين بالمثل القائل «ضربتان في الرأس توجع». وعلى رغم مرور الأربعاء والخميس الماضيين دون كارثة على جدة إلا أن ذلك لم يغير من واقع طرقاتها التي غادرتها سيارات سكانها بفعل تحذيرات مصلحة الأرصاد وحماية البيئة، فكانت سهولة الحركة ومرونتها في الشوارع مرهونة بالنشرات الجوية، بدلاً من تنظيم المرور وفرقه المنتشرة في كل مكان، فأصبحت بيانات «الأرصاد» التحذيرية أشبه بقرار حظر تجول. ويقول أحد المحتجزين في كارثة جدة الثانية خليل اليحيوي «لا يتمنى أي أحد الغرق أو الاحتجاز، لذلك بقاؤنا في منازلنا هو أكثر طمأنينة لنا من طرق جدة». ويبدو أن تكرار «سيناريو» غرق جدة قبل 50 يوماً أفضى إلى تحولات كبيرة في أذهان أهلها لتصبح نشرات الطقس والابتعاد عن مجاري السيول والأحياء التي كانت لها مع السيول حكايات غرق في مقدمة اهتماماتهم. ولا يتبرم اليحيوي في تأكيد ما وصفه ب«التوبة الأبدية» من الخروج خلال وقت الأمطار أو في فترة التحذيرات إلا لضرورة قصوى، ويجد في ذلك حلاً ناجعاً لتجنب تبعات الأمطار من غرق أو احتجاز. وبين ذلك كله تبقى تحذيرات «الأرصاد» من هطول أمطار رعدية في اليومين الماضيين، سبباً في قرار الكثير من الشبان والأسر قضاء إجازتهم الأسبوعية التي بدأت لدى أبنائهم منذ أول من أمس خياراً حتمياً فرضته «فوبيا الأمطار». وفي سياق متصل، أكد المدير العام للمرور في محافظة جدة العميد محمد حسن القحطاني ل«الحياة» أن كارثتي جدة أدتا إلى تشكل وعي كبير لدى أهالي المحافظة. ولفت إلى أن تحذيرات الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة ووسائل الإعلام حدت من حركة المرور في طرقات وشوارع جدة الرئيسة إلى دون المتوسطة، مشدداً على أن الأمطار التي هطلت أول من أمس على المدينة الساحلية لم تحدث أي اختناقات في الطرق وذلك لخفض الحركة المرورية في تلك الطرق. واختتم القحطاني حديثه، بالتنويه إلى أن مركز عمليات إدارة المرور تلقى عدداً من الاتصالات من المواطنين (وصفه بالكبير جداً) تستفسر عن حال الطرق التي يرغبون في السير عبرها قبل مغادرتهم من وإلى منازلهم.